دلفت خلفها و أغلقت الباب، الشقة في حالٍ طبيعي، ذلك الأثاث الصغير و الموضوع بعناية ليملأ أركان الصالة،غرفتان على جانبي الطرقة الموصلة إلى المطبخ، أنا أعشق هذا الطابق، إن قرأت رواية إبتسم فأنت ميت و رأيت الطابق ستشعر أنها نفس الشقة في الرواية، هذا الطابق يجعلني أود في إرتكاب أي خطيئة هنا.
دخلت آمال أول غرفة فتبعتها، كان السرير و الدولاب فقط هم من بالغرفة من أثاث، جلست آمال على طرف السرير البعيد مني و ربعت قدميها
-ما بال عزيزتنا؟
قلتها باسمًا لكنها لم تنظر إلي حتى، هل تبكي؟ أتمنى لا.
نظرت إلي بعد أن تم غسل وجهها بالدموع و قبل أن تقول شيئا نظرت لركن الغرفة، عيناها تكاد تنفجر من الخوف
-آمال ماذا ترين؟
نظرت فلم اجد شيئا الغرفة هادئة، أعادت نظرها إلى الأرض
-آمال أنا هنا لمساعدتك، ما بكِ، لا أحد سيساعدكِ غيري
كانت تبكي بحرقة و كأنها سوريا على أهلها، هممت بالمغادرة
-أنت من لا ترغبين في مساعدة نفسك
-ظننتك ستفهم ما بي
جاء صوتها متهالكًا، إنه ليس متعبا بل ميتًا، صوت أرهقته الحياة و لم ترحمه، صوت متحشرج لكنه مفقود، استدرت سريعا إليها و بدأت في الإقتراب منها
-كيف يا آمال سأفهمك؟
ظلت تبكي و لم ترد
-هل تعانين من الرهاب الإجتماعي؟ هل أنت تشعرين بالوحدة؟
لا رد فقط بكاء، على رسلك يا آمال فمخزون نهر النيل في خطر
-كيف أفهمك؟ نعم نحن مشتركون في أشياء كثيرة لكن كيف أفهمك ؟
نظرت إلي و لم أتبين عينيها من دموعها
-كما في طفولتنا
توقفت أمامها، قفزت في ذهني الذكريات، كنا أشقياء جدًا و عندما نكشف و يتم إستجوابنا ننظر لبعضنا كي نحبك قصة نفلت بها من العقاب، عيناكِ يا آمال
نظرت إليها طويلًا كما فعلت، ربي إجعلني كاذبًا على أن يكون ما أراه حقيقيًا
-آمال... هل أنتِ...هل أنتِ... ممسوسة يا آمال؟
في تلك اللحظة أمسك شئ برقبتي و إعتصرها كبرتقالة قديمة عند أم مصرية، إنه يحملني، إن كنت ستلقيني أسرع رقبتي ليست رقبة فيل، لم لا يرفعني من قدمي من يدي، من كتفي، إنه يصر على رفعي ببطئ، أشعر به ولا أستطيع مسكه، رقبتي خالية،رفعني حتى سلمت على النجوم، و ألقاني على الحائط، ربي لم خلقت الإنسان بعظام؟ أتلوى من الألم، ما الذي حدث؟ لا أقوى حتى على فتح عيناي.
-إتركني
إنه صراخ آمال، فتحت عيني، إنها تطير، تحرك قدميها بحثا عن وسيلة للهرب، يدها تمسك برقبتها ايضا، تصرخ تبكي، لكن تلك المرة هناك كيان أسود عريض أمامها يطير مثلها، ليس لونه أسودًا إنه يرتدي وشاحا يغطيه كاملًا، ماذا يحدث.
-عباس أنقذني، لم أقصد إخباره أقسم لم أقصد هو من عرف و أتى وحده
سحقا يا آمال، تحاملت على نفسي و توجهت نحوها بكل قوتي، حرك الكيان رأسه نحوي و كأنه ينظر لي، تلك الحركة كانت كفيلة لإلقى مجددًا على الحائط.
إن خرجت من هنا سأبحث عن البناء الذي بنى الحائط و سأقتله لأمانته،عظامي تفتت تمامًا، إن آمال تختنق.
-أتركها
صحت بقلة حيلة
-إرحل يا عباس إرحل
عادت الأمور فجأة إلى طبيعتها، وقعت آمال على السرير و تكومت و بكت.
دبت في الحياة و هرولت نحو الباب فتحته بسرعة حتى بدون أن ألمسه، لم أنزل السلالم بل قفزت من النافذة.
قبل أن أكمل فراري سمعت صوت العائلة، ألم يشعروا بشئ؟ دخلت الشقة سريعا، توجهت أنظارهم إلي كأول مرة دخلت.
-ها هو الحزين المكتئب
ما الذي يحدث؟
-عمي آمال...
-هذا ما جئت بك من أجله، إشرب بعض المياه الأن و ...
-تبا لك و للمياه آمال ممسوسة
سكتوا جميعهم لوهلة، لكنهم ضحكوا بهستيرية
-لقد أثرت الوحدة عليه
-يقول ممسوسة
أبناء تلك الأيام مضحكون-
إنهم ليسوا طبيعين، ما كل تلك المياه؟ لون المياه في الحمام، لقد تلون عندما ذكرت الله، ماذا يحدث هنا
-اشرب المياه
سحقا لكم، تقدمت إلي إبنة خالي بكوب مياه، أخذته و قذفته، إرتطم برأس عمي، إنه ينزف.
لكنه لم يبالي و أكمل ضحكه، لم يهتم أحد، ليست آمال فقط الممسوسة.
أكملت جريي نحو السيارة، هذه فائدة السيارة بلا سقف، قفزت داخلها، أدرتها و طرت بها.
ماذا يحدث؟ كيف حدث ذلك؟ المياه، نعم هي المياه، المياه بها شئ، الماسورة الرئيسية كان بها أثر لحام هناك من عبث بهم، لكن من؟ الكيان الذي رأيته، بلا ملامح كان يرتدي شيئًا أسودًا يغطيه، أيعقل أن تكون...
مزقت الأرض بعدما ضغطت على المكابح حتى إشتكى سكان النصف الآخر من الكرة الأرضية بسبب تخريب السقف.
-إنها ذات النقاب، آمال ستموت، سحقا للعائلة
ماذا أفعل، هل أعود أم أهرب؟ إن عدت سأموت معهم، لكنها آمال، إنها صديقة طفولتي الوحيدة، لعن الله الأيام التي فرقتنا، لم يفلح أي شيخ في القضاء على ذات النقاب، تلك الأسطورة عن الشيطانة التي ترتدي نقابًا، يقولون أنها كانت بشرية و تحولت، سحقًا إنها أقوى أسطورة تحدث عنها الناس، إنها تعبث بدون أن تحرك يدها، لهذا لم أستطع الإمساك بها و لم تكن تمسك بآمال، تكفي عيناها، لكن كيف أتت، هل نصيبي أن أكون من يواجهها و ما شأن آمال؟
لا يهم الآن فهذه العابثة لن تأخذ آمال، أدرت سيارتي و تحركت.
وصلت خلف المنزل حيث الماسورة، تفحصتها بعيني بدون لمسها، هناك من كسرها بمطرقة فولاذية ،أصلحها لكنه لم يتقن عمله.
أخذت فأسًا وجدته في الأرض و توجهت نحو المنزل.
أنت تقرأ
متلازمة الرقم ٢٣
Humorفي تلك اللحظة أمسك شئ برقبتي و إعتصرها كبرتقالة قديمة عند أم مصرية، إنه يحملني، إن كنت ستلقيني أسرع رقبتي ليست رقبة فيل، لم لا يرفعني من قدمي من يدي، من كتفي، إنه يصر على رفعي ببطئ، أشعر به ولا أستطيع مسكه، رقبتي خالية،رفعني حتى سلمت على النجوم، و أ...