الثاني & الشرير & صابرين شعبان

983 69 0
                                    



الثاني

كانت نجاة تضع الطعام أمامه بصمت فمنذ ذلك اليوم و هى لم تتحدث معه في شيء و فقط كلمات مقتضبة للضرورة لتجيبه عن شيء يسألها عنه كإحدى ملابسه أو كتبه و كأنه فقط يبحث عن حجة ليحدثها.  و هى تعلم ذلك و تتجاهله. رن هاتفه فأمسكه مسرعا ليجيب مما جعلها تزم شفتيها بضيق و هو يجيب بحرارة و صوت خافت و هو يبتعد " حبيبتي. نعم. حسنا. نصف ساعة و أتي. إلى اللقاء "
عاد للمائدة و أكمل طعامه بسرعة فقالت  " هل ستخرج من المنزل في هذا الوقت "
قال عهد بضيق " الساعة مازالت التاسعة و ليست الواحدة "
"و هل التاسعة وقت مبكر للخروج متى ستعود إذا خرجت في التاسعة"
قال يجيب بنفاذ صبر " أمي أنا لست فتاة لانتبه لوقت خروجي و دخولي "
نهضت نجاة و قالت ببرود " جيد أنك مازالت تتذكر أني أمك  و ارجو أن تقول ذلك  من ستذهب لمقابلتها أنه  وقت لا يصح  لفتاة العودة به و ليس الخروج  "
عادت لغرفتها و تركته واقفا يفكر بضيق أنه يضايقها بحديثه كثيراً مؤخراً.

*************※
كانت تتمايل مع أحدهم عندما دخل للملهي يبحث عنها عندما راها أندفع بغضب تجاهها ليشدها من ذراعها قائلاً " نهلة ماذا تفعلين"
التفتت إليه باسمة متجاهلة حدته و قبلته على وجنته قائلة
" حبيبي لقد تأخرت علي كنت أتسلى لحين مجيئك "
ابتعد بها عن الجميع و هو يخرجها من المكان قائلاً " ألم نتفق أن لا نتقابل في هكذا مكان مرة أخرى "
قالت نهلة و هى تتمايل لتستند على صدره " ما بها هذه الأماكن أنها جميلة و بها مرح كثير "
ابعدها عن صدره و سألها بحدة ممسكا بذراعها بقوة  " ما هذا هل تناولتِ المشروب "
ابعدت يده بحدة قائلة " و ما المشكلة أنه كأس صغير "
قال لها بتحذير " اسمعى نهلة هذه المرة الأخيرة التي تفعلي بها هذا و إلا لا ارتباط بيننا بعد الآن فطريقنا مختلف "
أمسكت بياقة قميصه قائلة برجاء " حبيبي آسفة لن أفعلها مرة أخرى فقط لا تقل مثل هذا الكلام أنت لن تتركني عهد هذا ما وعدتني به "
زفر عهد بحرارة  فأمه معها حق هذه الفتاة بدلته و لم يعد يعرف نفسه " حسنا نهلة هذه فرصتنا الأخيرة معا. تعلمين أني أحبك و لكن ليس هذا يعني أن أقبل بزلاتك "
قبلته على وجنته بحرارة" حسنا أعدك "
قال بغضب مصطنع " و لا تفعلي هذا أيضاً "
ضحكت نهلة بقوة و هى تضمه غير منتبهين  لذلك الغاضب الذي كان يراقب هذا المشهد العاطفي  بعيون تقدح شررا.

*************※
تمر الأيام و عهد على علاقته بنهلة يتقابلان في الجامعة و توقفا عن اللقاء في تلك الأماكن الصاخبة و كلما طلب منها أن تحدد له موعد مع والدها ليذهب ليطلب يدها تتحجج بأي سبب لتمنعه المجيء حتى حدث ما جعله يصدم عندما عاد لمنزله ليجد نجاة تبكى. هرع ليجلس أمامها بجزع " أمي ماذا حدث هل هناك ما يؤلمك؟؟ هل أنتِ مريضة؟؟ "
قالت نجاة باكية " لا عهد لست متوعكة  أنا بخير  بني "
سألها بحيرة " ماذا إذن أمي لم تبكين؟؟! "
أمسكت نجاة براحته ووضمتها بقوة قائلة برجاء و خوف لم يفهم سببه إلى أن قالت " عدني بني. عدني أن تبتعد عن تلك الفتاة نهلة "
اتسعت عيناه بدهشة " ما الذي حدث يا أمي أخبريني هل أتت نهلة لهنا و قالت لكِ شيء "
" يا بني أنا لم أرها و لم تأتي لهنا و لكني تأكدت الأن أنها لا تصلح لك أرجوك عهد بني لا تفكر بها بعد الأن من أجل خاطري"
لم يفهم ماذا حدث معها لتطلب منه هذا خاصة الأن و بعد أن تبدلت نهلة و لم تفعل ما يغضبه منها أو تذهب  لتلك الأماكن الرخيصة مرة أخري. " أمي أنا أسف و لكن قبل كل شيء يجب أن تخبريني ماذا حدث أنتِ لا تطلبين مني تركها دون سبب لذلك كيف تريديني أن أفعل و أظلمها و قد تعلقت بي "
ماذا تخبره. ماذا تقول له أن والد هذه الفتاة أخر شخص تريد أن تراه على وجه الأرض. أنها لم تكره أحد مثلما كرهته. أنها وجدت به هو عهد الصغير وسيلة لخلاصها منه. أنها أكتفت به عن الكون كله خاصًة هذا الرجل. هذا الرجل الذي كان يوماً ما زوجها. هذا الرجل الجاحد الذي لم يراعي مشاعرها عندما تزوج عليها بكل وقاحة و وضعها أمام الأمر الواقع. هذا الرجل الذي كان يعاملها بكل أنانية عندما رفض ان يطلق صراحها.  هذا الرجل الذي جاء مهددا أن يبتعد عن ابنته ابنته المتزوجة و تخفي ذلك عن ولدها ابنته التي لا تفرق عن والدها الجاحد لتخفي ما يكسر قلب ولدها. " أنا أريد صالحك حبيبي لقد علمت أنها ليست فتاة صالحة لك ليست مناسبة لك بني "
" أنا أريد أن أطمئنك أمي نهلة فتاة جيدة هى فقط كانت متهورة لبعض الوقت كانت تحتاج للإرشاد و التوجيه و ها هى قد أصبحت ملتزمة لا تخرج في وقت متأخر و لا..   "
قاطعته نجاة بقوة " و هل أخبرتك عن زوجها أيضاً "
تسمر عهد أمامها و عيناه تنظر إليها بعدم تصديق تراه و تتحسر على حاله هل يظن أنها تكذب فقط لتبعدها عنه. تألم قلبها لرؤية
صدمته تلك و لكن ماذا بيدها تعلم حكيم جيداً لقد جاء إليها بالحسنى و لن يتورع عن أذيته. لذلك يجب أن يفيق من وهم هذا الحب فلا الفتاة تحبه و لا والدها سيوافق عليه هو بالذات غير ذلك الزوج الذي تخشي أن يعلم فيؤذيه. " نعم بني الفتاة لها زوج. لقد علمت من أحدهم أنها عقدت قرانها على أحدهم و تنتظر إنهاء دراستها ليتمم الزواج لقد كذبت عليك بني فهل هذه الفتاة تستحق "
" من أخبرك بهذا "
سأل بصوت فاتر لا مشاعر به. " و هل يهم من أخبرني لقد علمت و أنتهى الأمر "
هز رأسه بعنف " لا أريد أن أعرف من  أخبرك "
تنهدت نجاة بحزن " والد الفتاة نفسها بني لقد جاء هنا و أخبرني بذلك و طلب أن تبتعد عن ابنته فأنت  تفسد زواجها و هو لن يوافق على ارتباطك  بها   "
" مستحيل أن تفعل بي هذا "
همس بخفوت و راحته ترتعش في راحتها الممسكة بها. قبضت نجاة عليها بقوة و قالت بحزم و هى تدير وجهه إليها لينظر في عيناها " عدني أنك ستنساها عهد عدني بذلك أنا خائفة عليك بني فوالدها رجل لا يرحم "
هب واقفا و قال و هو يترك المنزل " لن أفعل و أعد بشيء حتى أتأكد من صحة هذا الحديث من نهلة نفسها "
" عهد. عهد  توقف بني أرجوك لا تذهب "
أمسك بهاتفه و أخذ جاكيت من الصوف قد صنعته له والدته و خرج دون أن يجيبها.. جلست و هى تبكي و تندب حظها الذي أعاد هذا الوغد لحياتها و ولدها مرة أخرى..
*****************※
" أخبريني الصدق نهلة "
قال عهد هذا متسائلا و هو يمسك بكتفيها بقبضة قوية لنهلة التي لبت اتصاله و خرجت لتقابله هذا الوقت. "ماذا حصل  عهد "
قال يسألها بصرامة و هو للأن غير مصدق أنها فعلت ما قالته والدته و كذبت عليه بهذا الشيء الخطير. متزوجة؟! هو لا يصدق لقد جاء و هو على أمل أن يكون هناك سوء تفاهم و هو يعلم أن والدته لا تكذب أبداً. " هل حقا متزوجة "
شحب وجهها بقوة مما أكد له أنها  تخفي شيء بهذا الصدد. هزها بعنف و قد خرجت شياطينه  " أخبريني الحقيقة هل أنتِ متزوجة؟!  "
قالت و قد بدأت تبكي" سأخبرك عهد الحقيقة. و لكن لتعلم أنني أحبك أنتِ و "
عاد لهزها بقوة و هو يصرخ بعصبية " هل أنتِ متزوجة؟!"
سألها مما جعل دموعها تتساقط بغزارة " كنت سأخبرك بهذا عندما...  "
ترك كتفيها باشمئزاز غير مصدق. " متزوجة؟!!! "
خرجت منه بلوعة و كأنها قد سلبته حياته للتو. اقتربت منه تضع راحتيها على ساعديه تلتمس منه التفهم. " لا أحبه أحبك أنت "
نفض راحتيها عن ساعديه و هو يدفعها بعنف " لا تلمسيني. كيف تجرأت على فعل ذلك بي؟! يا إلهي و أنا من أحببتك  "
" لم أكن أريد أن أخبرك و لكن فضلت الانتظار لحين أطلب الطلاق و عندها كنت سأخبرك نحن لسنا متزوجين حقاً أنه عقد قران. عقد قران لا يعني لي شيء فقد قبلت به غصباً من أجل والدي  "
أمسك بذراعيها بقوة و قربها منه ينظر لوجهها بقسوة و قال بفحيح  " أمي كان معها حق أنتِ لم تكوني يوماً صالحة لي  فأنتِ كاذبة و مخادعة نهلة.  كيف استطعت  فعل ذلك و اخفاء ذلك  عني أنتِ  لم تخونيني فقط بل خنت ذلك الرجل أيضاً  من أي صنف أنتِ  " كان يمسك بها بقوة يلصقها بجسده و هو يلقي عليها تلك الكلمات اللاذعة التي تستحقها و أكثر كانت تعرف هذا و أن هذه اللحظة ستأتي و قد تمنت أن تجد حلا قبل أن يعرف
" أنزع يديك عن زوجتي و إلا كسرتها لك "
التفتت نهلة بذعر لصاحب الصوت  بينما عهد التفت ببرود و هو يدفعها قائلاً لذلك القادم و قد انتهى من هذه الفوضى " كلها لك فلمسة تلك الكاذبة الحقيرة  تلوثني "
لم ينتبه لهؤلاء المحيطين بالرجل الذي كان يقف باعدا بين ساقيه و في راحته سلاح صغير يرتاح على ساقه المتصلبة. " فارس أرجوك أتركه ليذهب كنت سأخبرك أنني لم "
نحاها جانباً ليقاطع حديثها و هو يوقفها برفع راحته لتصمت  و وقف أمام عهد قائلاً بتحدي " ماذا قلت للتو "
رمقه ببرود و تحرك ليرحل قائلاً " لقد انتهيت  من الحديث هنا "
أوقفه فارس بعنف من كتفه ليجد لكمة على وجنته و صوت عهد الغاضب يقول " و إياك أنت أيضاً أن تلمسني "
صرخت نهلة بخوف و وقفت بينهم و هى تقول لفارس برجاء " أتركه يذهب أرجوك و أنا أعدك أن لا أفتعل مشكلة بعد الأن "
هل تخاف عليه لهذا الحد. هذا يعني أنها بالفعل تحبه لم يكن كذب ما رآه صديقه إذن  لقد ظن أنه يكذب فقط كونه يرفض ارتباطه بها و هو يقول أن والدها طامعاً في ماله لقد ظن أنها وافقت طواعية و لكن الأن تأكد من ذلك برؤيته لهذا و خوفها عليه جيد أنه كان يراقب والدها و منزلهم و إلا  ما علم  لخروجها لرؤيته لقد جاء و في نفسه ظن ضئيل أنه شخص يريد الإيقاع بينهم فقط و يضايقه و لكن ها هى الحقيقة جلية أمامه و هى تحبه بالفعل. تحب رجل أخر و ما هو إلا حافظة نقود لوالدها لينفق منها على ملذاته كما يشاء . طار عقله و فقد صوابه و هو يكتشف الخديعة التي وقع بها طواعية ليصب هذا الغضب و الجنون على عهد. و فقط اشارة من يده جعلت رجاله ينقضون عليه و هو يقف يشاهد بتشفي ممسكا بذراعها بقوة و هتافها و رجائها أن يتركه يشفي غليله.
********※
بعد سبع سنوات

الشــــ3ــــــرير  من سلسلة كانت له فجراًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن