_ هروب ! _

12K 421 6
                                        

على طاولة الطعام المتوسطة بقاعة المطبخ ..
جلست "كريمان" أمام "داوود" .. تأكل بآلية ، و تمضغ بارتباكٍ ..
لاحظها "داوود" أكثر من مرة ، فأخذ يرمقها بعين الاستغراب ، حتى سألها :
-كاري ! ما الأمر عزيزتي ؟ هل هناك ما يزعجكِ ؟
تطلعت إليه على نفس ارتباكها ، و أجابت :
-لـ لا شيء دادي !
- أكيد ؟
سألها مقطبًا ، لترد بإيماءة :
-أكيد !
لم يقتنع بردها ، لكنه هز كتفيه بخفة ، و تابع إنهاء وجبته ..
في المقابل ، ودت "كريمان" لو تقول له الحقيقة ، و تطلب منه الذهاب إلى حفل "كريستا" ..
و لكنها تعلم جيدًا بأنه سيرفض ، فهذه ليست المرة الأولي التى تطلب منه طلبات مشابهة فيقابلها بالرفض القاطع ..
يقول أنه يخاف عليها ، و لا يستطيع أن يطمئن عليها بعيدًا عنه ، كما لا يطمئن لأيّ شخص من محيط أصدقائها ، لأنهم أغراب و إنكليز متحررون ، ذوي عقلية متفتحة ..
دائمًا ما يردد على مسامعها أنها فتاة شرقية مسلمة ، يجب أن تسلك مسلك بنو قومها ، كي تحافظ على كرامتها و نفسها ..
دائمًا يخبرها أن حياة الأوروبيون ليست جيدة كما تبدو ، و غالبا ما ينتهي بهم المطاف على نحوٍ بائس ، حتى و إن وجدوا السعادة في تصرفاتهم الطائشة المستهترة ، فإن النتيجة الحتمية ستكون شعورهم بالنقص و الكآبة ..
كان هذا كلامه دومًا ، لم تستطع تداركه أو فهمه أبدًا ، أو بالأحرى تجاهلته عمدًا ، لأنها كانت ترى العكس ..
أصدقائها يمرحون طيلة الوقت من حولها ، يفعلون أشياء مثيرة لطالما تمنت تجربتها ، و لكنه كالعادة كان لها بالمرصاد  ..
ظل مقيدًا إياها لسنوات باغلالٍ حديدية ، هو فقط من يملك مفتاحها ، فلا تأتي و لا تذهب إلا معه ..
لا تصادق من لا يرضى عنهم ، و رغم أنه رفض صداقتها مع "كريستا" إلا أنها صممت ، و تمسكت بها بكل قوتها ، فاستسلم في نهاية الأمر ، و رضخ لرغبتها ..
و لكن هيهات ، فقد كانت هناك عدة شروط و قوانين تندرج تحتها تلك الصداقة ، جميعها تتمثل في تقييد حريتها ..
لم تذكر "كريمان" أنها فعلت شيئًا من قبل بإرادتها ، دائما أوامره هو التي تنفذ دون نقاش !
استغربت في تلك اللحظة بالذات كونها عاشت كل تلك السنوات مستسلمة له ، تطيعه في منتهى الخنوع ، و تساءلت .. لِمَ ؟ .. لِمَ تقدم له الولاء و الطاعة بهذا الشكل المبالغ فيه ؟
إنه ليس والدها كما تزعم و كما يزعمون جميعًا ، إنه مجرد فرد ضئيل الجذور من عائلتها ، ظهر بحياتها فجأة ، و فرض إرادته عليها ، اكتشفت بغتة أنه احتفظ بها كل تلك المدة لنفسه ، عزلها عن الناس و عن العالم من حولها ..
و لكنها تشجعت الآن ، و لأول مرة ، قررت أن تتمرد عليه !
ستذهب الليلة للحفل و ليكن ما يكون ...
-كريمـــــان !
انتشلها صوته المرتفع من بحر أفكارها ، لتنتبه إليه مهمهمة :
-همم ! ماذا دادي ؟ هل قلت شيئًا ؟!
-قلت شيئا !
رد بتهكم ، و أردف :
-لقد ناديتك أكثر من ثلاث مرات ! في من كنتِ شاردة ؟
-لا أحد !
قالتها بتوتر ، و هي تتناول كأس الماء ، و ترشف منه محاولة بجهد إخفاء توترها ..
لا تعلم لماذا عادت تغمرها سطوته المهيمنة فجأة ، بمجرد سماع صوته فقط ، عادت تخشاه مجددًا ...
-لا أصدقك !
قال "داوود" بلهجةٍ غامضة ، لتنجح في رسم ابتسامة هادئة على وجهها ، و تجيب نافية شكوكه :
-ما الذي لا تصدقه دادي ؟ رجاءً لا تضخم الأمور . أنا فقط كنت أفكر بعامي الدراسي الجديد . تعلم أنني سأتخرج هذا العام . لذا التوتر ينتابني قليلًا !
-حقًا ! و لكن لِمَ شعرت فجأة بأنكِ لستِ طبيعية ؟!
قال مضيقًا عينيه ، محدقًا بعينيها مباشرةً في تركيزٍ ليكتشف سرها بنفسه ..
و كالعادة تزعزع تماسكها على إثر نظراته الحادة ، التي دائمًا ما تجبرها على الخضوع للنظر إليه ، و تجبرها أيضًا على البوح له بِمَ يريد معرفته دون إرادة منها ..
لكنها منحت نفسها قوة فجائية ، و نظرت إليه بثقة قائلة :
" لا تقلق دادي ، أنا بخير تمامًا
استمر في النظر إليها بنفس الإلحاح الحاد ، ليجد إجابتها كما هي ، ثابتة ..
فأومأ متنهدًا ، ثم نهض عن مقعده ، و هو يقول بتراخٍ :
-حسنًا . عمومًا أنا سأذهب الليلة لزيارة صديقًا لي . مرض فجأة و تغيب يومان عن العمل . يجب أن أذهب لآراه .. ألا تأتي معي ؟
سيخرج الليلة ؟ .. يا لها من فرصة ذهبية ، هكذا تستطيع الخروج دون أن يدري ، و دون الحاجة لخوض نقاشٍ قاسٍ غير مجدي معه ...
- لا دادي . أذهب أنت و أطمئن على صديقك . سأبقى أنا هنا في انتظار عودتك
قالت ذلك بمنتهى الهدوء و البرود ، حتى لا يشك بها ..
فهز رأسه مرارًا ، و أردف :
-كما تشائين . و لكن انتبهي لنفسك جيدًا . و لا تفتعلي الكوارث أثناء غيبتي . فأنا أعرفك غير مسؤولة !
قهقهت بخفة ، و ردت :
-لا تقلق . لن أفعل شيئًا . فقط سأجلس أمام التلفاز كالعادة و أشاهد البرامج و الأفلام العتيقة
ابتسم بخفة ، ثم أطلق نهدة حارة ، و استدار متجهًا إلى حجرته ..
بينما تشتعل هي حماسة و خوفٍ في آن ، لتلك المغامرة الجنونية التي ستخوضها الليلة !
*****
أشارت عقارب الساعة التي دقت و دوى صوتها في أركان الردهة الواسعة ، إلى الثامنة مساءً ..
عندما أقبل "داوود" على "كريمان" و هي تجلس كعادتها أمام التلفاز ، و لكنها الآن تمثل الحماس و التركيز في مشاهدة فيلم الرسوم المتحركة الحصري ، أخر إصدارات وكالة ( ديزني ) ...
-كاري . سأذهب الآن . هل تريدين شيئًا قبل أن أرحل ؟
-شكرًا دادي . لا أريد شيئًا !
هكذا قالت عبارتها بتكلفٍ ، و عيناها معلقتان على شاشة التلفاز ..
-حسنًا . على كل أنا لن أتأخر . و لكن إذا شعرتِ بالجوع تناولي عشائك و لا تنتظريني !
أومأت دون أن تنظر له ، ففرك فروة رأسها بتحببٍ ، و انحنى ليضع قبلة رقيقة على جبهتها ..
ثم ودعها ثانيةً ، و رحل ..
ما إن سمعت "كريمان" صوت انغلاق الباب ، حتى وثبت من مجلسها ، و طارت راكضة نحو حجرتها ..
فتحت خزانتها ، و وقفت تتأمل محتوياتها ، للآسف هي لا تملك فستانٍ مناسبًا لتلك الحفلة ..
جميع فستانيها ربيعية ، مائلة لسن الطفولة ..
عدا هذا الفستان الوردي الذي ارتدته أمس ، للاحتفال مع "داوود" بعيد ميلادها ..
أخذته "كريمان" من بين ثيابها بدون تردد ، و أسرعت أمام المرآة ..
بدلت سريعًا ، و بأصابع باتت ماهرة في فن وضع مساحيق التجميل بفضل صديقتها المقربة "كريستا" ..
تبرجت "كريمان" ببراعة ، منتقية ألوانًا هادئة ، فهي على كل حال لا تحب البهرجة الزائدة ، تفضل الاعتدال في كل شيء ..
صففت شعرها الذهبي الطويل ، و تركته مسدلًا بحرية على ظهرها ..
ثم انتعلت حذائها الأنثوي الوحيد ، المذهب ذي الكعب العالٍ ، و الذي تعتز به كثيرًا من بين أحذية الرياضة المتسطحة ، و التي دائمًا ما ترتديها أينما ذهبت ..
شعرت بعدم توازنها و هي تمشي بهذا الكعب ، فأدركت قلة خبرتها في هذا الصدد ..
لكنها تحاملت على نفسها ،  و جربت أن تمشي بطول و عرض الحجرة لتختبر مدى قدرتها على السير الطبيعي به ..
حسنًا ، إنه يؤلم قليلًا ما إذا ظلت واقفة لفترةٍ طويلة ، غير ذلك ما عليها سوى أن تنتبه لمواطئ قدميها ، حتى لا تنزلق في أيّ لحظة ، و تحاول ألا تجعل مشيتها مترنحة ..
أخر شيء ، التقطت "كريمان" هاتفها ، و مفتاح سيارتها الجديدة من فوق الطاولة الصغيرة بحجرتها ، ثم غادرت المنزل بحرصٍ شديد ، تحسبًا لذلك الحذاء الرائع و المؤلم في آن ، و لكنها حتمًا سوف تعتاد عليه بمرور الوقت ..
نزلت "كريمان" إلى مرآب البناية من خلال المصعد ، ثم شقت طريقها بين السيارات المصفوفة أمامها و هي تبحث يعينيها عن سيارتها ..
رفعت يدها الممسكة بالمفتاح الإلكتروني ، و تذكرت شرح "داوود" لها بالأمس ، فلمست زر الأضواء ، لتراها هناك قابعة في الصف الأخير تضيء لها ..
مشيت إليها ، و هي تعاينها بإعجابٍ و انبهار ..
إنها حقًا قطعة مذهلة ، تنم عن ثراء صاحبها ، و ذوقه الرفيع ..
ابتسمت بفخر و اعتداد كونها حظيت باسم هذا الرجل السخي اللطيف ، علاوةً على مكانتها بقلبه ، كم تحسد نفسها الآن ..
لا تستطيع أن تكرهه أبدًا رغم كل تعنته معها و تسلطه عليها ..
أن تغضب منه أو تغتاظ ،  هذا ممكن ، و لكن أن تكرهه ، فهذا قطعًا لا يمكن ، فهو المسؤول عنها دائمًا ، في السراء و الضراء ، سواء شاءت أم آبت  ..
صعدت "كريمان" إلى سيارتها ، و حالة الانبهار لا تزال طاغية عليها ..
شغلت المحرك ، و اتبعت خطوات القيادة التي تحفظها كلها أثناء السير طلوعًا من المرآب ..
خرجت بنجاح ، فتوسعت ابتسامتها ، و واصلت المسير بسرعة معتدلة كما علمها "داوود" ..
*****
في الحفل الذي حوى ما يقرب من ثمانون شخصًا ..
تهادت "كريمان" بين المدعوين بخطواتٍ حذرة ، و هي تبحث عن "كريستا" بين هذا الحشد المنتشر بحديقة المنزل الخلفية  ..
-يبدو أن حماسك لم يسفر عن آخره بعد أيتها الجميلة !
التفتت "كريمان" إلى مصدر الصوت ، لتجد أمامها شابًا وسيمًا و نبيلًا جدًا ، بشعر أسود و عينان زرقاوان ، يتطلع إليها بإعجابٍ واضح جدًا :
-آه . لا أنكر حماسي بالطبع . فأنا لأول مرة أحضر حفلًا كهذا !
قالت "كريمان" بابتسامة مرتبكة ، ليرفع الشاب أحد  حاجبيه مرددًا :
- أول مرة تحضرين حفلًا كهذا ؟ يا له من اكتشافٍ مثير . آنسة كاري !
-هل تعرفني ؟
سألته ببلاهةٍ ، فاغرة فاها ، ليبتسم لها بهدوءٍ ، و يظل على صمته ...
-آووووووه كــااااااري كاااري . لقد أتيتِ !
هتفت "كريستا" بذلك ، و هي تركض باتجاه "كريمان" و تحتضنها بقوة ..
لم تعطيها "كريمان" تركيزًا تامًا بسبب عيني ذاك الشاب ، اللتين لا زالتا ترمقانها بإعجابٍ و تفحص جريء ..
ابتعدت "كريستا" عنها صائحة بحبورٍ :
-كنت أعرف بأنكِ سوف تأتي . و حقًا . حضورك يعني لي الكثير كاري !
لاحظت "كريستا" نظر صديقتها المعلق بأحد أفراد ضيوفها ، فانفرج ثغرها بابتسامة خبيثة :
-أرى بأنكِ التقيتِ ببراين !
عندها ، حوّلت "كريمان" بصرها إلى صديقتها ، فأردفت "كريستا" معرفة بأسلوبها المرح :
-كاري . قرينتي الخجولة . هذا براين روتشتيلد . الشاب الذي حدثتك عنه في الصباح
و توجهت إلى "براين" متابعة :
-براين . هذه هي كاري . كريمان . تعرفها طبعًا !
أومأ "براين" دون أن يحيد بنظره عنها :
-طبعًا.. أعرفها جيدًا !
-آه . حسنًا سوف أترككما الآن لتتعارفا
قالتها "كريستا" بابتسامة ، مفسحة لهما المجال ...
-استمتعا !
و مضت بعيدًا عنهم ..
ظلا مقابلين لبعضهما في صمتٍ لأكثر من دقيقة ، حتى قام "براين" بالمبادرة ، و أمسك بيدها قائلًا :
-لا نرقص معًا ؟
و سحبها في اتجاهه يقربها أكثر منه ، فردت بتعثرٍ :
- لـ لا أعرف . أقصد لا أجيد الرقص !
-أعلمك إذن !
- لا . حقًا لا أريد . فهذا الكعب اللعين يؤلمني كثيرًا .. أنا بحاجة للجلوس فقط
ابتسم بجاذبية أسرتها ، ثم أمسكها بإحكام لئلا تسقط منه و هي تنظر له بشدة هكذا غير قادرة على التركيز في أي شيء آخر ، ثم قادها نحو ( البار ) بعيدًا عن الحضور و الجلبة الناتجة عن الموسيقي الصاخبة ..
قدم لها كأس شراب ، فآبت عابسة :
-لا شكرًا أنا لا أشرب
-و لمَ لا ؟
تساءل برقة عاقدًا حاجبيه الكثيفين ...
-إنه مشروب الليكور . لذيذ جدًا . و اطمئني لن تثملي كثيرًا . إنه لطيف تمامًا على الذهن و البدن
-شكرًا لذوقك . و لكن أعذرني . لا أريد !
رفضت بتهذيبٍ ، ليهز كتفيه بخفة :
-كما تريدين !
و تناول هو الكأس ، و شربه كله دفعة واحدة ..
- آا أخبرني . كيف عرفتني ؟
هكذا أطلقت "كريمان" عبارتها المتسائلة ، بشيء من التوتر ..
فنظر لها هنيهة صامتًا ، و قال بهدوء :
-منذ العام الماضي . عرفتك منذ العام الماضي .. كنتِ برفقة كريس داخل مطعم الفطائر المكسيكية . كنتِ ساحرة . جميلة .. أحببت ابتسامتك آنذاك . و من يومها لم أتوقف عن التفكير بكِ .. ظللتِ ماثلة بعقلي طوال الوقت . و لم أحاول حتى التخلص منكِ . حتى رأيتكِ للمرة الثانية بالأسبوع الماضي بالمنتزه و كنتِ برفقة كريس أيضًا . علمت بأنها صديقتك المقربة . بالمناسبة هي جارتي . أنا أقطن بالبيت المجاور لها مباشرةً . و لأجلك فقط تعرفت إليها . كي أتمكن من الوقوف الليلة أمامك و أعرفكِ بنفسي . و كي أطلب مصادقتك بنفسي أيضًا !
حملقت فيه ساهمة بعد انتهاؤه من الكلام ، لقد عقد لسانها ، لم تستطيع ردًا ..
فتلك أول مرة تسمع كلامًا كهذا تحديدًا من رجل !
اجتاحتها مشاعر غريبة عجزت عن تفسيرها ، و لكنها استطابتها .. نعم بطريقة ما استطابت ما قاله لها ، و لكن ، الكلام .. هرب من بين شفاهها .. فصمتت ...
-إذن ما رأيكِ ؟
سألها بقلق ، فحمحمت مضطربة :
- إحم . رأيي ؟ .. لا أعلم !
-ماذا تعني ؟
ازدردت ريقها بتوتر ، و أجابت :
-أعني بأنني لا أعرفك !
-ماذا تريدين أن تعرفي عني بالضبط ؟
هزت رأسها بحيرة ، و قالت :
-ليس هناك شيئًا حاضرًا بخاطري الآن .. و لكن . و لكن أظن أننا بحاجة لمعرفة بعضنا البعض أكثر !
انفرجت أساريره ، و رد بنعومة :
-حسنًا جدًا . هذه بداية جيدة كاري . و أعدك بأنكِ ستجدين رفقتي ممتعة للغاية !
بادلته بابتسامة مهزوزة ، ليقدم لها كأس شراب آخر قائلًا :
-هلا تشربين الآن ؟
نظرت إلى الكأس و إليه بتردد ، فألح برقته الآسرة :
-هيا كاري . كوني شجاعة . إنه أمر بسيط . و ممتع أيضًا . صدقيني !
اتسعت حدقتاها الملونتين بحماسة ، فأخذت الكأس منه أخيرًا و قد فلح أغوائه لها، و كما فعل فعلت .. تناولته كله دفعة واحدة ..
أحست بالتهاب شديد يحرق حلقها ، ففتحت فمها على وسعه مصدرة فحيحًا خافتًا ..
ليضحك "براين" منها ، و يسكب لها مزيدًا من الشراب ..
و هكذا ، أمضت بقية السهرة معه ، تشرب ، و ترقص دون حساب للوقت الذي تهدره ..
الوقت ؟ .. ارتعدت "كريمان" بين ذراعيه ، فانسلت منه مبتعدة عن حلبة الرقص ..
عادت إلى البار ، و أخرجت هاتفها من حقيبتها الصغيرة و فتحته !
لتجد أكثر من 80 مكالمة فائتة من "داوود" طبعًا .. نظرت إلى ساعة الهاتف ، لتجدها و قد أعلنت الواحدة و النصف صباحًا !!!!!
شهقت "كريمان" بفزعٍ ، و بدون وعي ، أخذت أشيائها ، و هرولت خارج المنزل ..
ركض "براين" خلفها هاتفًا :
-كاري ! كريمان . انتظري . ما الأمر ؟
وصلت "كريمان" إلى سيارتها ، فأجابته بأنفاس متهدجة و هي تحاول فتحها :
- لقد تأخرت كثيرًا براين . يجب أن أذهب بسرعة الآن !
-و لكن متى أراكِ مجددًا ؟
فتحت السيارة أخيرًا :
-هاتفني !
قالتها و هي تصعد إلى مقعد القيادة ، ليرد :
- لم تعطني رقم هاتفك !!
- اطلبه من كريستا إذن .. وداعًا براين !
و بسرعة البرق ، انطلقت بسيارتها متجهة نحو البيت !!!!!!

جمرة فوق الثلوج ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن