استيقظت "كريمان" في الصباح ..
أخذت تتلوى بالفراش و هي تضع يدها على عينيها تحميهما من آثر ضوء الشمس المتسلل من بين ستائر الغرفة الشفافة ..
تثاءبت ، و فركت عينيها محاولة طرد شعور النعاس الذي يداهمها ، فتسطحت على ظهرها ، و تمطت مصدرة أنينًا متألمًا بسبب تيبس عضلاتها أثناء النوم ..
ظلت هاجعة بمكانها ، تحدق بسقف الغرفة المزخرف ، لتبتسم فجأة حين تراءت لها أحداث الليلة الماضية ...
°°°°°
تناولت من يده العلبة الأنيقة بابتسامة ، ثم فتحتها ببطءٍ ..
ليتسعا بؤبؤي زمردتيها الواسعتين ، و تشهق بانبهارٍ :
-آه دااادي ! هل . هل هذا لي ؟
تساءلت "كريمان" و هي تتلمس ذلك المفتاح الذي يعبر عن تكنولوچية من الطراز الأول فريدة من نوعها ..
ليرد "داوود" مبتسمًا :
-نعم يا عزيزتي . إنه لكِ .. لقد صممت أن أبتاع لكِ سيارة خصيصًا حتى تستطيعين التنقل بها كيفما شئتِ إذا انشغلت عنكِ في أيّ وقت . و حتى تغنيكِ أيضًا عن ارتياد المواصلات . فضلًا عن أني لا أقبل أن تــُـهلك فتاتي الصغيرة الجميلة وسط جموع العامة . أو أن تبدو أقل من زملائها الأثرياء بمدرستها الجديدة
بلغت بها السعادة ذروتها ، و كعادتها قفزت عليه و احتضنته بقوة هاتفة :
- دااادي . داادي . دادي .. إنك أجمل شيء حدث لي على الإطلاق . أحبك أحبك . أحبك كثيييييرًا ...
-آه كاري ! حسنًا حسنًا . و أنا أيضًا أحبك !
قال من وسط قهقهاته ، و هو يضمها بدوره و يربت برقة على ظهرها المكشوف من فتحة الفستان ..
ابتعدت عنه متهدجة الأنفاس ، و بسمتها لا تزال على وسعها ..
ثم أخذت تعاين المفتاح الثمين بتفحصٍ ، و سألته :
-دادي ! إنه مفتاح لفئة Tesla "s" ؟
أومأ مجيبًا :
-نعم كاري . هو كذلك
-أنه فريد جدًا . و لكن أين الأزرار ؟ كيف يعمل ؟
هكذا تابعت أسئلتها ، و هي تقلب المفتاح بين راحتيها ..
ليمسكها "داوود" بمرفقها ، و يسحبها إلى أريكة قرب فراشها ، و يجلسها أمامه ..
ثم يأخذه من يدها ، و يبدأ في الشرح نظريًا :
-انظري عزيزتي . هذا المفتاح مزود بشاشة ملونة تعمل باللمس . تقوم بعرض حالة السيارة و بعض البيانات المتعلقة بها . المفتاح به خواص تمكّنك من التحكم بدرجة حرارة السيارة و الأضواء . و يمكنك أن تقومي بركنها عن بعد أيضًا
-واو !
هتفت بانبهارٍ أشد ، و أردفت :
- لا شك أنها تقنية حديثة للغاية . و لكن كيف سأقودها ؟ أنا بالكاد أستطيع قيادة سيارتك !
-أتلمحين لكونك حظيتي بسيارة أحدث من سيارتي ؟
سألها بنعومة خبيثة ، لتجيبه بابتسامة مراوغة :
-بالطبع لا أقصد هذا دادي !
-حقًا ! سأمررها لكِ إذن . و لكن لعلمك . قبل أن أتعاقد على سيارتك . تعاقدت على سيارتي الجديدة أولًا
-و من أين آتيت بهذا المبلغ ؟!
سألته بدهشة ...
-لابد أن المبلغ ضخم لتشتري سيارتين باهظتي الثمن !
مد يده ليتحسس وجنتها الناعمة ، ثم ردد مبتسمًا :
-أنسيتِ بأنني أصبحت منذ فترة طويلة مديرًا لقسم الحسابات بالقطاع الذي أعمل به ؟ و أن راتبي قد زاد الضعف بثلاث مرات !
و أضاف بهدوء :
-ثم أن بالنسبة لي . لا شيء في هذا الكون أغلى منكِ .. كـاري . عزيزتي . أنتِ كنزي الثمين !
°°°°°
عادت "كريمان" إلى أرض الواقع مرةً أخرى و السعادة تغمرها ، بل و تملؤها حرفيًا ..
و للفور ، قفزت من سريرها ، و تسللت خلسة على أطراف أصابعها قاصدة غرفته ..
كان يغط في نومٍ عميق حين اقتربت من فراشه ..
تبيّنت بأنه مستلقيًا على وجهه ، و كالعادة بدون ملابس علوية ..
صعدت "كريمان" بحرصٍ شديد إلى جانبه ، و في منتهى الهدوء اعتلت ظهره ، و حاوطت خصره بساقيها كما اعتادت أن تفعل منذ صغرها ..
مالت بجسدها عليه ، ثم آتت عند آذنه ، و صاحت بغتة :
- داااااادي . دااااادي . هيا استيقظ . لقد حل الصبـااح . داادي !
تململ "داوود" أسفلها ، و هو يغمغم بانزعاجٍ ، و قد بدا صوته ناعسًا :
-كريمان ! و الجحيم . اتركيني و شآني أريد أن أنام . و أنزلي عن ظهري . لقد كبرتِ على هذه التصرفات
أخذت تقفز فوق ظهره لتزعجه أكثر ، و هي تهتف بعناد :
-لا لن أنزل . حتى تستيقظ .. أنسيت أنك دائمًا ما تزعجني و توقظني بقسوة كل صباح ؟ يجب أن أقاصصك
رجاها قائلًا :
-كاري ! بحقك . اتركيني قليلًا . إنه يوم عطلتي . أريد أن أنـاااام !
ضحكت "كريمان" من طريقته ، و أخيرًا نال عطفها ..
فانحنت ، و طبعت على صدغه قبلة رقيقة متمتمة :
-حسنًا . سأتركك الآن . و لكن تذكر معروفي هذا في الأيام المقبلة
و نزلت عن ظهره متجهة إلى الخارج ..
وقفت بالمطبخ تعد فطورًا بسيطًا لها ، و على حسب تعليماته منذ أن تخلى عن مساعدة السيدة "لاتمير" كان يجب أن تنظف مكانها بعد الفطور ، و أن تغسل الصحون التي أكلت فيها ..
و بالفعل ، قامت بهذا دون تذمر كما في السابق ، ثم توجهت صوب حجرة المعيشة ..
و أمام شاشة التلفاز كبيرة الحجم ، جلست بتكاسل فوق المقعد الآسفنجي الهزاز ، تشاهد فيلمًا مملًا من إنتاجات السينما الإنكليزية القديمة ، و تآكل حلوتها المفضلة ( المرشميللو ) اللذيذة بطعم التوت المغطى بطبقة من الشوكولا ..
مهما كبرت لن تتوقف عن حب تلك السكاكر الطرية الناعمة ..
و فجأة ، رأت هاتفها على المنضدة أمامها يضئ و يعتم ، فتذكرت أنها تركته بالأمس على وضع الصامت قبل أن تنام ..
هرعت إليه مسرعة ، و أجابت اتصال صديقتها المقربة :
-مرحبًا كريستا ! كيف حالك ؟
آتاها الرد ساخرًا ، إن لم يكن حانقًا أيضًا :
-أحقًا ! تسألينني كيف حالي ؟ لماذا لم تجيبي على اتصالاتي البارحة ؟ أتعرفين كم مرة اتصلت بكِ ؟ هل أصبحت أزعجك لهذا الحد ؟ عمومًا أنا فقط كنت أريد أن أعايدك بمناسبة عيد ميلادك لا أكثر !
- كريستا هلا هدأتِ قليلًا !
قالتها "كريمان" منفعلة ، و تابعت :
-لم أسمعه . لم أسمع هاتفي . تركته على وضع الصامت
-و لِمَ ؟ من يزعجكِ أيتها الملكة و لا تريدينه أن يحدثك ؟
اغتاظت "كريمان" من لهجتها المتهكمة ، فقالت من بين أسنانها :
-لا أحد كريس . و لكني كنت أحتفل مع دادي . فقط أردت أن نحظى ببعض الخصوصية
همهمت "كريستا" متفهمة :
-هممم . فهمت الآن .. و لكني صديقتك كريمان . خصوصياتك لا تخفى على !
-أعلم !
قالت "كريمان" مبتسمة :
-و لذلك . سأخبرك بجديدي
-أسمعك !
- لقد إبتاع لي دادي سيارة جديدة و حديثة جدًا كريس !!
قالتها "كريمان" بحماسة شديدة ، لترد "كريستا" بإعجاب :
-يا له من أب ! أنا أحسدك عليه كاري . أتعلمين ؟ لولا أنه والدك لكنت اتخذته صديقًا لي . إنه جذاب و مثير جدًا
عبست "كريمان" قائلة :
-اصمتِ كريس ! ماذا تقولين ؟
-أقول الحقيقة يا صديقتي !
ردت بلامبالاة ، و تابعت :
-المهم . أنا سأقيم حفلة الليلة بمنزلي . و قد اتصلت لأدعوكِ . يجب أن تأتي كاري
-حفلة ! و ما المناسبة ؟
-بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد . لقد دعوت جميع الطلبة لنتعرف على بعضنا البعض . بالتأكيد ستكون تلك فرصة ملائمة ...
ثم أكملت بنبرة خبيثة لم تفطن إليها "كريمان" :
-ثم أن هناك من يتحرق لرؤيتك شخصيًا و التعرف عليكِ !
-ماذا ؟ من ؟
سألتها "كريمان" عاقدة حاجبيها ، لتجيبها بغموضٍ :
- شخص رآكِ معي بالمنتزه بالأسبوع الماضي . استحسنك و يتطلع لمصادقتك
-هل أعرفه ؟
-لا أظن . و لكنكِ حتمًا سترينه الليلة !
عضت "كريمان" على شفتها السفلى ، و قالت :
-لا أعلم كريستا . ربما لا أستطيع المجئ !
-و لِمَ لا ؟
-لا أعرف ماذا سيكون رأي دادي . تعلمين جيدًا بأنه صارم معي و لا يقبل بتلك الأشياء
جاء رد "كريستا" غاضبًا كنبرة صوتها :
-اسمعي كاري . لقد سئمت قائمة محظورات والدك هذه . إن لم تأتي الليلة فلن أعتبركِ صديقتي المقربة بعد اليوم . كيف تكونين و أنتِ لا تبقي بجواري في أوقاتٍ كهذه ؟
-كريس أرجوكِ حاولي أن تفهمي . ربما لا أقدر على الإتيان آا ..
و ما كادت تكمل جملتها حتى سمعت صفير انغلاق الخط ...
زفرت "كريمان" بقوة ، و حارت في أمرها !
كيف لها أن تقنع "داوود" الآن ؟ .. إنه قطعًا لن يرضى بأمر كهذا ، سيرفض .. تعلم ذلك جيدًا ..
و لكن ماذا عساها أن تفعل ؟ يجب أن تطلب منه أولًا ..
و إن لم يوافق و هذا ما تتوقعه ، ستضطر آسفة لخوض مغامرة مميتة الليلة !!!
أنت تقرأ
جمرة فوق الثلوج ( مكتملة )
Romance-لا أريد سماع تلك الترهات مرةً أخرى . أتسمعين ؟ أنا والدك . لا يصح أن تقولي ذلك . لا يوجد أب يتزوج من ابنته أنتِ تعرفين هذا ! -و لكنك لست والدي ! صرخت فيه ... -أنت لا تمت لي بصلة مـُحرمة . أنا أحل لك تمامًا هل تفهم ذلك ؟ هز رأسه باضطرابٍ قائلًا : ...