البارت 5

15 1 0
                                    

مسحت سو ريم دموعها، فأومأ لها السيد كيم موافقًا. استقل سيارة أجرة متوجهًا إلى المستشفى. مضى بعض الوقت وأخرجوا الشخص العالق، فتنفست سو ريم الصعداء، ثم سألتهم عن الشخص الآخر. أخبروها بأنهم لا يزالون يحفرون للوصول إليه. حل المساء وعاد السيد كيم لموقع البناء متسائلًا عما حدث، فأخبرته بأنهم على وشك إخراج الشخص الأخير.
لم تكد تنهي كلامها وإذا بهم يعلنون وصولهم إليه. قاموا بإخراجه، ولكنه كان فاقدًا للوعي. أجرى له المسعفون بعض الإسعافات الأولية، ثم نقلوه إلى المستشفى على الفور. أشارت سو ريم للسائق كي يستعد للحاق بسيارة الإسعاف.
بقيت سو ريم والسيد كيم في المستشفى يطمئنون على المصابين حتى خرج الرجل الأخير من غرفة العمليات، واطمأنا بأنه تجاوز المرحلة الحرجة. حرصت سو ريم على التحدث مع الأهالي ومدير المستشفى، وطلبت منه أن يتم نقل المصابين إلى مستشفى خاص في سيئول إن دعت الحاجة، وأكدت على ضرورة العناية بهم بشكل جيد.
كان نام هو يتبعهما من بعيد ويراقب ما يحدث بينما كان السائق مشغولًا بإخبار مساعد السيد هان بالتفاصيل. ذهبت سو ريم إلى الحمام وغسلت وجهها، ثم نظرت لنفسها في المرآة، فأجهشت بالبكاء. وضعت يدها على فمها كي لا تصدر صوتًا، ثم قالت بصوت منخفض: أشكرك يا إلهي على نجاتهم، أنا ممتنة للغاية.
خرجت سو ريم إلى حديقة المستشفى بعد أن أخبرت السيد كيم بأنها ستستنشق بعض الهواء ريثما ينتهي من حديثه مع عائلات الضحايا. جلست على إحدى المقاعد وشردت قليلًا، ثم أمسكت بهاتفها واتصلت بعمها.
- هل علمت بما حدث؟
- تقصدين موقع البناء؟ أجل، تواصلت مع المسؤول هناك وطمأنني أن الجميع بخير.
- لمَ فعلت هذا؟ ما ذنب أولئك الأبرياء؟
- ما الذي تهذين به؟ أنا لم أفعل شيئًا.
- سأجعلك تدفع ثمن هذا غاليًا. سأفضح كل القذارات التي فعلتها في حياتك سيد هان. ها أنا أعلن الحرب بشكل رسمي، فكن مستعدًا للقادم.
- لا تهذي يا فتاة، أنا لم أفعل شيئًا. لا علاقة لي بهذا الحادث.
أنهت سو ريم المكالمة، فتنهد نام هو قائلًا: يا إلهي، هذه الفتاة تستعجل موتها لا محالة، ولكنها ... شجاعة وقوية وتمتلك قلبًا طيبًا.
خرج السيد كيم وعندما رآها تجلس على المقعد اقترب وجلس بجانبها.
- هل أنتِ بخير؟
- أحاول أن أكون كذلك. (أمالت رأسها ووضعته على كتفه)
- كل شيء سيكون على ما يرام، فلا تقلقي.
- أجاشي، كنت أخطط لقضاء إجازة هنا في بوسان بعد انتهاء كل شيء. تخيلت بأننا سنأتي لقضاء نزهة على الشاطئ، ونقيم حفلة شواء ونمرح.
- سنفعل ذلك، سأساعدك بكل ما أوتيت من قوة للتخلص من هؤلاء الأوغاد وعندئذ سنذهب في نزهتنا هذه.
- سنتمكن من فعلها صحيح؟
- بالطبع، نحن ثنائي لا يقهر.
نظرت سو ريم لوجه السيد كيم وابتسمت بألم قائلة: شكرًا أجاشي، على خوفك عليَّ وتشجيعك المستمر لي. لقد فعلت الكثير من أجلي، ولكنني لم أستطع فعل شيء من أجلك.
وضع السيد كيم يده على رأسها، ثم ابتسم قائلًا: لمَ تقولين هذا؟ وجودك في حياتي يمنحني السعادة والطمأنينة يا ابنتي.
دمعت عينا سو ريم قائلة: أجاشي ... هل أنا قريبة بما يكفي لتخبرني بكل ما يؤلمك ويزعجك؟
أجاب السيد كيم: هل لديكِ شك في هذا؟
صمتت سو ريم وهي تحدق به بعد أن أبعدت رأسها عن كتفه فقال: سو ريم، إن كان هناك ما لم أخبرك به فهذا لأنني أكره رؤيتك حزينة. أنتِ أثمن شخص في حياتي. كوني واثقة من ذلك.
ابتسمت سو ريم قائلة: أعلم هذا.
نهض كلاهما متوجهين للسيارة وتبعهما نام هو الذي ركب سيارته وانطلق خلفهما.
بينما هم في الطريق توقف السائق قائلًا: الطريق مغلق، يبدو بأن هناك أعمال صيانة.
خرج السيد كيم من السيارة وتحدث مع العاملين، يسألهم إن كان بإمكانهم المرور، ولكنهم رفضوا وطلبوا منه سلوك طريقًا بديلًا وأرشدوه إليه. عاد السيد كيم للسيارة، فسألته سو ريم ماذا حدث.
- إنهم يرفضون السماح لنا بالمرور، يبدو بأنهم يقومون ببعض التصليحات.
- ولكننا أتينا من الطريق ذاته صحيح؟
- أجل. لا بأس سنذهب من الطريق البديل الذي أرشدونا إليه، ولكنه سيستغرق وقتًا أطول.
- يا إلهي، لقد تأخر الوقت أجاشي. يبدو بأنه كان علينا أن نبيت ليلتنا في بوسان بدلًا من العودة لسيئول في وقتٍ متأخر من الليل.
- لا بأس، يمكنك أن تنامي إلى أن نصل.
التفتت سو ريم للسائق وسألته قائلة: هل يمكنك الاستمرار بالقيادة؟ إن كنت تشعر بالتعب ولا يمكنك فعلها فلا بأس. يمكننا البحث عن مكان قريب لنمضي الليلة.
أجاب السائق أنه بخير وسيستمر بالقيادة. ألقت سو ريم بثقل رأسها على المقعد وأغمضت عينيها. مضى السائق في طريقه وسلك الطريق البديل وكان طريقًا جبليًا نائيًا يطل على البحر.
كان نام هو يتبعهم وقد ترك مسافة كافية بينه وبينهم لأنه يضع جهاز تحديد للموقع في سيارة سو ريم. شعر نام هو بالريبة منذ أن رأى العاملين الذين أغلقوا الشارع، ولكنه تجاهل ذلك الهاجس الذي راوده للحظات.
بعد دقائق اقتربت شاحنة من سيارة نام هو، وأصر السائق على جعله يفسح له الطريق كي يمر. انزعج نام هو من الأمر وسمح له بالمرور. مضت الشاحنة في طريقها حتى باتت خلف سيارة سو ريم، فزاد السائق السرعة فجأة واندفع نحو السيارة وصدمها بكل قوة حتى خرجت من السياج الحديدي الموجود على جانب الطريق، وبدأت تتدحرج على الجرف حتى استقرت في نهايته مقلوبة رأسًا على عقب.
كانت مجرد ثوانٍ معدودة لم يفهم أحد ما جرى خلالها إلا بعد فوات الأوان. وقفت الشاحنة وألقى السائق نظرة للأسفل ليتأكد من موت الثلاثة. توقفت إشارة التعقب على شاشة هاتف نام هو وإذا بمشهد مرور الشاحنة من جانبه يقفز أمامه، فانطلق بأقصى سرعة وعندما رآه سائق الشاحنة يقترب فر هاربًا. أراد نام هو ملاحقته، ولكنه توقف وألقى نظرة للأسفل فعلا محياه الغضب والدهشة. أمسك بهاتفه وأجرى اتصالًا حيث طلب من أحدهم إرسال سيارة إسعاف، وتعقب الشاحنة حيث أعطاهم رقمها وأوصافها.
أخرج نام هو حبلًا وحقيبة إسعافات أولية من سيارته، ثم نزل لأسفل الجرف بسرعة. اقترب من السيارة متوجهًا نحو سو ريم وعلم بأنها لا زالت على قيد الحياة، ولكنها فاقدة للوعي. اقترب من السيد كيم وعندما تأكد من أنه فارق الحياة أغمض عينيه وطأطأ رأسه للحظات، ثم اتجه نحو السائق الذي لاقى حتفه كذلك. عاد لسو ريم مسرعًا وأخرجها من السيارة بحذر، ثم حاول تفقدها لمعرفة مدى سوء إصابتها. شرع بتضميد جراحها وإجراء الإسعافات الأولية خشية أن تكون هناك كسورًا في جسدها.
خلع نام هو معطفه ووضعه عليها قائلًا: تماسكي سو ريم، لا يمكنك الموت الآن. ستصل سيارة الإسعاف عما قريب. تماسكي أرجوكِ.
وصلت سيارتا إسعاف بعد دقائق، وشرعوا بوضع سو ريم على نقالة تجهيزًا لرفعها ونقلها بسيارة الإسعاف. أتى الرجل الذي كان يقابله السيد كيم حيث اقترب وألقى نظرة عليه. تنهد الرجل وأغمض عينيه بأسف وندم، ثم قال بصوت منخفض: لم أفي بوعدي هذه المرة أيضًا سيد كيم. أنا آسف جدًا.
اقترب منه نام هو وناداه، فنهض الرجل حتى وقف كلاهما متقابلين.
- سيدي، أنا آسف ... كان عليَّ أن أتوقع خدعة متكررة كهذه.
- هذا ليس ذنبك نام هو، بل ذنبي. أنا أعرف هؤلاء منذ سنوات، وكان عليَّ توقع ما قد يفعلونه. لا أصدق بأنهم خططوا للحادثين بنفس اليوم ليتخلصوا من سو ريم والسيد كيم بهذه السرعة. ظننت بأنهم سيحملونها مسؤولية ما حدث في موقع البناء، ويجبرونها على الاستقالة أو حتى يكيلون لها الاتهامات لتدخل السجن.
- سيدي ... لقد قامت سو ريم بالاتصال بعمها وهددته بشكل صريح. لذا أعتقد بأنه شعر بالخوف وقرر التخلص منها.
- ربما، ولكن السيد هان لا يقدم على أي خطوة دون تخطيط مسبق. إنه يحسب الأمور جيدًا، ويدرك تمامًا أن التخلص من سو ريم بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت تحديدًا سيجعل الأمور تسوء.
- هل هناك جهة أخرى أو شخصًا آخر يعارض السيد هان وأراد التخلص من سو ريم والسيد كيم؟
- أظن ذلك. أنا واثق من أن حادثة موقع البناء كانت من تخطيط السيد هان أما ما حدث مع سو ريم والسيد كيم فلا.
- ربما يكون أحد شركائه، لأنه ليس راضيًا عن تأجيل الأمر أكثر.
- لم يحدث وأن اختلفت أوامرهم حتى وإن لم يوافق الجميع عليها. السيد هان بقي يماطل أمر التخلص من سو ريم بهذه الطريقة. أراد التخلص منها دون إيذاءها وأصر على ذلك لذا لا أفهم كيف حدث هذا.
- سيدي ... هل يعقل بأن لديهم طريقة أخرى للتواصل ومن خلالها أعطوا الأوامر بإنهاء حياة سو ريم والسيد كيم؟
- هذا وارد ... في حال أتى الأمر من جهة أعلى شأنًا وبشكل مباشر للسيد هان.
- هؤلاء الأوغاد لا ينتهون. مهما كشفنا من رجال في هذه المنظمة، فلا زال هناك المزيد.
- هذه هي المعضلة الحقيقية. دعنا الآن نخطط لما سنفعله. يجب أن نحمي سو ريم مهما كلف الثمن. لقد وعدت السيد كيم بحمايتهما وفشلت.
- أخبرني بما يتوجب عليَّ فعله سيدي.
- لا أريد أن يتبقى أثرًا لوجود المسعفين هنا. رتب الأمر وكأن سو ريم سقطت في البحر. وسأجعل أحدهم يبلغ عن الحادثة.
- هل تريدهم أن يظنوا بأنها ماتت؟
- أجل، هذا أفضل خيار للجميع. من جهة سنحمي سو ريم لأنهم سيحاولون قتلها من جديد إن علموا بأنها لا تزال على قيد الحياة، ومن جهة أخرى سيصبحون مطمئنين وسيقدمون على خطوتهم التالية.
- فهمت. سأقوم بما يلزم على الفور.
أشار نام هو لبعض الرجال وتقدم نحوهم وشرع بالتحدث إليهم بينما نظر الرجل للسيد كيم المخضب بالدماء واقترب منه قائلًا: أعلم بأنك لن تسامحني، ومهما فعلت من أجل سو ريم بعد الآن فلن تغفر لي. أنا أيضًا لن أسامح نفسي سيد كيم، ولكنني سأضع حياتي على المحك على من أجل سو ريم.
....................................

خفايا قلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن