الفصل الثالث

992 23 0
                                    


3-حارس ........ أو والد !

أنهمكت دونا في عملها خلال الأيام التالية , مستخدمة أجمل مكتب شاهدته في حياتها , كانت الطاولة من الطراز الذي أستخدم في عصر النهضة , والجدران مغطاة بألواح من الخشب الداكن , أما أرض الغرفة , فكانت مغطاة بسجادة قديمة رائعة ....... فيما السقف عبارة عن لوحة فنية ضخمة تمثل ووصيفاتها يجلسن بتكاسل على حافة جدول ماء يعكس صورهن كأنه مرآة صافية.
ولكنّ الذي أثار دهشة دونا وإعجابها , كان التمثال الحجري أمام الشرفة , الذي يمثل فارسا يحمل سيفا كبيرا , بمجرد أن شاهدت ذلك التمثال , شعرت بأن قلبها غاب من مكانه , تذكرت سؤالها لحارس سيرافينا عما أذا كان يعتقد نفسه أحد فرسان القرون الوسطى بالنسبة الى سيدته , أنها فكرة لا بأس بها , تخلّف كثيرا من الواقع المرير لما هو عليه فعلا , أنه رجل تستخدمه إمرأة ثرية لحمايتها , سريع ي إستخدام المسدس ولا يتوانى عن إستخدامه حتى للقتل , أذا دعت الحاجة لذلك , أنه , بكلام آخر , رجل خارج عن القانون من نواح عديدة , هل يعيش هذه الحياة منذ فترة طويلة؟ كم مضى عليه من الزمن قبل أن يصبح محصنا تماما ضد الناس ومشاعرهم , وغير قادر على التصرف بإنسانية وحرارة عاديتين..... كما فعل ذلك المساء على الشرفة؟
ولاحظت دونا أنه لم يقترب منها كثيرا منذ تلك الأمسية , وأنه لم يشر من قريب أو بعيد في حضور سيرافينا الى أهتمامه بها , لم تعرف كيف تشعر أزاء هذا التصرف..... بأرتياح أم بأنقباض ! كان الأمر مثيرا حقا أن يهب رجل للدفاع عنها..... رجل بعيد كل البعد عن كونه شابا طائشا يفعل ذلك لكسب ودها أو للأعتزاز بنفسه أمام أصدقائه , جاء تصرفه معبرا تماما عما كانت الحياة عليه سابقا , عندما كان الرجال مستعدين للمبارزة حفاظا على شرف أمرأة .
في أي حال , شعرت دونا بأرتياح كبير لأن تهديدات أدوني لم تكن مثمرة , وأذا كانت سيرافينا علمت بالأمر من أبنها , فأنها بالتأكيد لم تعرف السبب الحقيقي للخلاف...... وإلا لكانت طلبت منها أن تجمع حاجياتها وتذهب , لا بد أن أدوني نسي التفاصيا أو معظمها , لأنه سألها لاحقا عما أذا كان أزعجها تلك الليلة , رأت أن من الحكمة إبلاغه بأنه لم يضايقها قط.
" لا بد أنني قلت لك شيئا ضايق لورديتي , لأنني أتذكر أنه لكمني على أنفي , أنا لا أغيظه عندما أكون في وضع طبيعي , لأنه رجل خطير عندما يغضب , هذا ما تحبه فيه سيرافينا".
ثم أنحنى أدوني على الطاولة التي كانت دونا تجلس وراءها وتعمل بجد ونشاط . إلى أن جاءها الوريث الشاب , نظر الى أوراقها بسرعة ثم حوّل نظراته الى عنقها الجميل وتمتم قائلا:
" إنه عمل أنيق للغاية , ولكن أليس من المعيب جدا أن تسجن فتاة مثلك مع آلة كاتبة , في حين أن الحياة في الخارج ممتعة لدرجة كبيرة ...... وهناك مطعم صغير على الساحل يمكنها أن تتناول فيه أشهى أنواع الطعام ؟ ما رأيك في أن تتناولي معي اليوم طعام الغداء؟".
هزّت دونا رأسها نفيا وبإصرار , لأنها كانت تعلم أنه لن يدعها تعود الى الفيللا قبل ساعات عدة , مما سيفقدها وقتا ثمينا للعمل .قالت بصراحة:
" والدتك ربة عمل كريمة , وأنا أتمتع بعملي معها فلديها ذاكرة قوية , كما تعلم , وهي تتذكر أحداث الماضي البعيد وكأنها جرت أمس".
هز كتفيه وبدأ يسير في الغرفة عاقد احاجبين , قالت دونا لنفسها أن من المؤسف جدا أن سيرافينا لم تصر على إبنها ليعمل ويعيل نفسه بجهده الشخصي , فهو يمضي حياته في إقامة علاقات تافهة لا معنى لها مع أكبر عدد ممكن من النساء , أو في الذهاب الى النوادي الليلية والحفلات الأجتماعية السخيفة , ولم تتمكن من حبس سؤالها في رأسها , فقالت له:
" ألا تشعر أبدا بأي رغبة للعمل؟ ألا يقلقك أهدار طاقاتك وصحتك على هذا النحو الذي يؤذي جسمك وروحك وعقلك؟".
جلس في مقعد مريح أمامها وبدت على وجهه فورا ملامح الجدية والحكمة , على الرغم من مشاعر الغنى والدلال التي كانت تخيم فوقه ثم تمتم بصوت منخفض:
" أنه دليل مشجع عندما تريد الفتاة أنقاذ الرجل من نفسه , ما هو نوع العمل الذي تقترحين عليّ أيجاده".
" أنك ماهر جدا في كرة المضرب , فلماذا لا تدرّب الآخرين في هذا المجال؟".
" وأحتفظ في الوقت ذاته بجسد سليم وعقل سليم , أليس كذلك؟ أعتقد أنك إحدى المبشرات الصغيرات , هل تحاولين إنقاذ روحي قبل أن تلتهمها نيران جهنم؟".
" أنني جادة في حديثي , بأمكان رجل مثلك أن يؤسس بسهولة ونجاح , أحد أفضل النوادي الرياضية في هذه المنطقة , عندما تكون لديك مهارات , يجب أستخدامها , أما أذا كنت تفضل أضاعة وقتك سدى , فهذا شأنك يا سيد نيري".

🌿 - خاتم الأنتقام🌿 - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن