الفصل السابع

689 18 1
                                    

7-الأصيل والبديل !

حملت سيرافينا صورة إبنها للمرة العاشرة تقريبا وتأملتها مليا , قبل أن تقول بصوت حزين .
" كان وسيما جدا عندما أخذت له هذه الصورة قبل عام , غيّر الجرح في شفته الكثير من ملامح وجهه الجميل , يا دونا , إنه يبدو الآن..... عنيفا وقاسيا".
كانت دونا تجلس في كرسي قرب الكنبة التي تستلقي عليها سيرافينا بعباءتها الجميلة الملونة , والدفتر والقلم بين يدي دونا , ولكنها لم تدوّن الكثير من الملاحظات بسبب حديث الممثلة المستمر عن أبنها , كانت سيرافينا تنتظر جوابا , فقالت لها:
" ليس الى هذا الحد , يا سيرافينا".
" ماذا تقولين ؟ ألا يمكنك أن تقارني بين هذه الصورة وما هو عليه وجهه الآن ؟ أنا أعرفه أكثر منك , فلا تجادليني".
" أنا لا أجادلك , الفارق الوحيد بين العام الفائت والآن هو التغييّر الطفيف الذي طرأ على شفته , بأستثناء ذلك , فهو لا يزال رجلا وسيما للغاية ".
" رجل ... نعم , هذا هو الأمر , هذا ما حدث بالضبط , أدركت فجأة أن أدوني أصبح رجلا , ولم يعد ذلك الشاب الجميل المدلل , هل تألم كثيرا يا دونا ؟ هل تحمّل الألم بشجاعة؟".
أكّدت لها دونا للمرة العاشرة أيضا أنه كان شجاعا للغاية , وأنه تحمّل الألم برجولة وعنفوان , ثم أضافت قائلة :
" أنه لم يفقد أي شيء من جاذبيته , سيرافينا , لا بل أنه ........ ".
توقفت عن أتمام جملتها , لأنها تعتبر أن العملية الجراحية التي أجريت لشفته السفلى حوّلتها من شفة ممتلئة مثيرة للفتيات الى شفة قوية تعجب بها النساء , وأكثر من ذلك ..... أنه أكثر شبها....... بأبيه!
تأمّلتها سيرافينا طويلا ثم سألتها بصوت ناعم:
" أنك تعتبرين أبني جذابا , أليس كذلك؟".
أبتسمت دونا وقالت:
" أي فتاة تتمتع بنظر عادي ولديها مشاعر طبيعية لا بد أن تجد أدوني جذابا".

لم يحاول أدوني أبدا أخفاء أعجابه بها , وسيرافينا تعرف ذلك , أنها تعرف أيضا أنهما يسبحان معا في البركة الخضراء الكبيرة ويتمشّيان لفترات طويلة على حافتها , لم يعد أدوني راغبا كثيرا في قيادة سيارته بسرعة....... أو المقامرة , أعتاد على تسلية نفسه بالأشياء المتعددة المتاحة له في البيت ....... في بركة السباحة , الى غرفة الألعاب المنوعة , الى قاعة السينما الصغيرة التي تعرض فيها أفلام سيرافينا وغيرها من نجوم هوليوود في عصرها الذهبي , أعترفت دونا لنفسها وهي تتذكر هذه الأمور بأن سجنها الكبير مزوّد بكافة وسائل الراحة والتسلية والترفيه عن النفس , إلا أن عذابها القوي الناجم عن وجودها قريبة من ريك وبعيدة عنه في آن واحد , آخذ في الأزدياد بحيث أصبح توتر أعصابها يحرمها من النوم معظم ساعات الليل , تتألم كثيرا عندما تتخيّله في غرفة سيرافينا , وعندما لا تجد في الصباح شريطا تسجيليا لتدوين محتوياته على الورق , تتلوّى من آلام الحسد والغيرة , كيف يمكنها أن تحب رجلا مستسلما الى هذه الدرجة , جسما وروحا , لمطالب أمرأة أخرى ورغبتها؟
" أعتقد أن أدوني بدوره يجدك جذابة جدا , أليس كذلك؟".
" السبب الوحيد لذلك هو أننا موجودان معا في مكان واحد , لا ..... لا أريدك أن تتخيّلي أنني أحاول بأية أعمال سخيفة لحمله على التعلق بي , أنا سكرتيرتك وممتنة جدا لك لأنك تسمحين لي بالتمتع بوسائل الترفيه المتاحة في بيتك".
أطلقت سيرافينا ضحكة غنج خفيفة , وقالت:
" لا مبرر لمثل هذه الحساسية يا دونا , أنا أعرف أبني , ولا أريد أن يلحق بك أي أذى بسببه , عذّب كثيرات غيرك بتصرفاته الطائشة اللامبالية , ولكن معظمهن كن نساء يعرفن أن عليهم عدم التورط معه , أنني أوافق ريك في رأيه بأنك شابة من طينة تختلف عن بقية النساء , لم يكن لديك قبلا أي مغامرات هوجاء مع الرجال , أليس كذلك؟".
" لم أشعر أبدا بأي رغبة في ذلك".
أحمرّت وجنتاها رغما عنها عندما ذكرت سيرافينا أسم ريك , من المؤكد أنهما بحثا معا في أمرها , وأن ريك أوحى اليها صراحة أن أهتمام أدوني بها آخذ في الأزدياد , شعرت بأن التناقض في مشاعرها يمزق قلبها ...... فمعرفتها بأنه يهتم بها وبأمورها تسرّها كثيرا , ولكن تدخله في حياتها الخاصة يثير في نفسها شيئا من الأشمئزاز.
راقبت سيرافينا أحمرار وجه دونا ونظراتها الزائغة , ثم سألتها بهدوء:
" أوه ! هل من الممكن أن تكوني عاشقة يا دونا ؟ يدل أحمرار وجهك على أنك فتاة يخفق قلبها بسرعة أكثر من المعتاد , طبعا.... الأمر ممكن جدا ! أدوني ساحر في وسامته وجاذبيته , وأنت صغيرة لا خبرة لديك أطلاقا في هذا المجال ! آمل , يا صغيرتي , في ألا يكون حاول أغراءك!".
" طبعا لا.....".
" أنت فتاة بريطانية ومحافظة ويجد فيك التحدّي المطلوب , بعد السهولة الكبيرة التي سجّل فيها أنتصاراته عل نساء كنّ أكثر من مستعدات لتلبية رغباته , أنت تجذبينه كثيرا لأنك مختلفة عن الأخريات...... شعرك أشقر.... وبشرتك البيضاء الرقيقة حوّلتها الشمس الى هذا اللون العسلي المثير , هل اخبرك يا عزيزتي , أن لديه خطيبة أيطالية تكمل دراستها الجامعية في فلورنسا؟".
أستغربت دونا أنها لم تفاجأ بنبأ خطوبه , ولم تهتم لأنه لم يبلغها ذلك بنفسه , كيف يمكنه ذلك وهو يحاول مغازلتها منذ اليوم الأول لوصولها الى الفيللا ؟ تظاهرت بالأهتمام الجدي , ولكن سيرافينا بدت منزعجة لأنها كانت تتوقع رد فعل عاطفيا أقوى , قالت لها بلهجة قاسية الى حد ما:
" أتصور أنك تعتقدين بأن جاذبيتك ستكون أقوى من من أحساس أبني بالمسؤولية أتجاه الفتاة الأخرى ! يبدو لي من عدم أستغرابك الخبر أنك كنت تعرفين مسبقا خططه للزواج في المستقبل القريب".
" لم تكن لدي أي فكرة على الأطلاق أنه مقبل على الزواج , ولكنني لم أستغرب سماع ذلك منك , أعرف أن العائلات في بعض مناطق العالم توافق على خطوبة بناتها بمجرد خروجهن من قاعة المدرسة".

🌿 - خاتم الأنتقام🌿 - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن