الفصل السادس

661 15 0
                                    

6- وجهه الآخر !

أستيقظت دونا عندما سمعت طرقة على نافذة السيارة , فتحت عينيها وقفزت من مكانها بخوف وهلع , كان جسمها يرتجف من البرد , وعنقها يؤلمها بسبب الطريقة الملتوية التي نامت فيها .
" لا بأس , يا دونا , لا تخافي , أنا ريك".
فتحت باب السيارة بعد أن تأكد لها أنه فعلا ريك , وقالت له:
" ريك ! أوه , ريك ! أفزعتني كثيرا !".
" يبدو أنك واجهت مشكلة مع السيارة".
لاحظت أن ضوء المصباح بدأ يحل تدريجيا محل ظلام الليل , فسألته:
" كم الساعة الآن , وماذا تفعل هنا؟".

" أنها تمام الخامسة , وأريد أن أعرف ماذا تفعلين في هذه السيارة المعطلة , هل أفهم من وجودك هنا أن أدوني لا يزال على اليخت , وأنك هربت منه؟".
أستوت دونا في جلستها وراحت تفرك عنقها بيديها , ثم قالت:
" لا , أخبرني عن سبب وجودك هنا".
" لم تتمكن سيرافينا من النوم وأرادت أن تشرب فنجانا من القهوة , أعددت لها القهوة , ثم دفعتني حشريتي لمعرفة ما أذا كان أدوني أعادك الى البيت أم لا , سمحت لنفسي بفتح باب غرفتك , وعندما وجدت السرير خاليا , ظنننت أنك لا تزالين معه في اليخت فأتيت لأعادتك الى الفيللا , والآن , فسّري لي سبب وجودك هنا بمفردك , هل حدث شيء .......".
لم تجبه دونا على الفور , بل راحت تحلل المعنى الكافي في حديثه عن أرق سيرافينا ورغبتها في شرب القهوة , توحي كلماته بالتأكيد بوجود علاقة حميمة بينهما , حاولت دونا دائما تجنب مواجهتها أو حتى التفكير بها , تعني كلماته أنه كان معها طوال الليل , عصر الألم قلبها , ولكنها سيطرت على أعصابها كثيرا كيلاتحاول الأفلات من يده الممسكة بمعصمها , قال لها بأنقباض:
" يبدو أن شيئا ما حدث بينكما , أخبريني !".
أطلعته على كافة التفاصيل , ولكن صوتها كاد يختنق عندما أخبرته بأن أدوني منعها من الأتصال بأمه هاتفيا مخافة أن تقلق وتغضب , أرادت دونا أن تصرخ بوجهه قائلة :
( كانت معك ! كنت تطوقها بذراعيك ! ).
وسمعت ريك يقول بأستغراب واضح :
" كيف يقود بتلك السرعة الجنونية ومعه شخص آخر ؟ كنت معرضة للخطر ! هل أنت بخير .... تماما؟".
شعرت دونا بلمسة يديه , فأنتفضت هذه المرة كمن لدغتها حية وقالت بحدة:
" أنني ...... أنني بخير , كنت أضع حزام الأمان , ولو فعل أدوني مثلي لكان الآن بخير هو الآخر , كان يقود السيارة بمثل تلك السرعة بسبب مجادلته معك !".
" أذن سمعت ما جرى بينا ! إنه يستغل كرم سيرافينا معه , أنت تساعدينها في كتابة مذكراتها , وأصبحت تعرفين بالتأكيد كم كدّت وأجتهدت لجمع أموالها , هل تعتقدين أنه يحق لشاب بعمره أن ينفق مال أمه على هذا النحو ولا يحاول إيجاد عمل لنفسه ؟ لم يتذمر أذن بسبب ذلك الألم الخفيف ! وهل يثبت ذلك أنه رجل ؟ لم أحب ولن أحب فيه أبدا هذه العادة القبيحة , وهي أستغلال النساء ! أنهن طرائد بالنسبة اليه !".
أرتجفت دونا وتأثرت كثيرا لأن ريك يتحدث بهذا الشكل عن أدوني , الذي هو من لحمه ودمه والذي يشبهه في مجالات متعددة , قالت له بغضب:
" سيرافينا هي التي ستكون بحاجة للتعاطف معها عندما تسمع أن الشاب الأرعن جرح وجهه الجميل المحبوب".
ثم أبتسم بسخرية وأضاف قائلا:
" بأمكانه الدخول ساعة يشاء الى عالم السينما الأيطالية , مستخدما ذلك الوجه الوسيم والقدرة على التمثيل اللذين ورثهما عن أمه , ولكنه كسول وبليد .. وطفيلي , يفضل مطاردة النساء ..... أوه , لا داعي لأن أخبرك عن هذه المسألة فأنت تعرفين ذلك , وأرجو ألا يتأثر رأسك كثيرا بهذه الحادثة الصغيرة والجرح الطفيف الذي أصابه , يجب أن تدركي ذلك , يا دونا , لأنني لا أريدك أن تحوّلي حياتك العاطفية الى دمار ومأساة".
" كيف يمكنك أن تتحدث بهذا الشكل عن.....؟".
خنقت الكلمة الأخيرة في حلقها , ثم مضت الى القول:
" أنه أبن سيرافينا , وكلنا نعرف مدى تعلقك بها".
" نعم , أنني متعلق بها الى درجة كبيرة , ولكن الحب يجب ألا يعمي عيوننا عن أخطاء من نحب , في أي حال , فتاة مثلك جديرة بحب رجل حقيقي".
أخرج رأسه من نافذة السيارة ورفع نظره الى السماء التي بدت حمراء صافية , لم تتمكن دونا في تلك اللحظة من أبعاد نظرها عن ذلك الوجه القوي, قالت لنفسها أنه وجه حنون لملاك أسود لم يجد بعد جنّته الحقيقية , كيف ستشعر لو أنها تمكنت من الحلول محل سيرافينا ؟ كيف ستشعر أو تتصرف لو كان ريك لورديتي رفيقها وحارسها ....... لو كان حبها وسوطها , وسمعته يتمتم:
" ها أن يوما جديدا بدأ يشق طريقه الآن...... طاهرا عفيفا مثلك , يا دونا".
أحمرت وجنتاها بسرعة وتساءلت عما أذا كان يتمنى أن يكون هذا الرجل الذي سيطلعها على خفايا الحب وأسراره , وعاد الى الحديث معها , قائلا:
" هل تلاحظين , يا دونا , كم نحن على أنفراد ؟ أننا هنا في قلب منطقة جبلية , لا يشهد على أنفرادنا أخيرا ببعضنا سوى الطيور وبعض الثعالب.
خفق قلبها , أنه يخص سيرافينا , ولو كانت لديها ذرة عقل لطلبت منه أعادتها فورا الى الفيللا , نظرت الى سيارته ووصلت الكلمات الى شفتيها , ولكن الرغبة في أطالة أمد اللقاء المنفرد كانت أقوى من العقل والمنطق , أستدار نحوها وكأنه فهم رغبتها , ثم مد يده نحوها وقال:
" تعالي , رجلاك بحاجة لقليل من الرياضة , لنقم بنزهة قصيرة ".

🌿 - خاتم الأنتقام🌿 - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن