9-سقوط القناع
لاحظت دونا أن الرجل هو أحد العاملين في الأسطبل , ولكنها لم تفهم شيئا من كلامه لأنها كانت تقف بذهول وتوتر أعصاب شديدين , ردّ عليه بسرعة مما ثلة , ثم أستدار نحوها وقال لها أن فرسه المفضّلة كونتيسا على وشك أن تلد , أقترح عليها أن تذهب الى فراشها لأنه مضطر لمساعدة العمال , وأضاف ممازحا:
" ولدت لأب مزارع , كما تعرفين , مهاراتي متعددة".
بدا الحماس على وجه دونا لأنها تحب كونتيسا وكثيرا ما دلّلتها بمحبة وأعجاب , وقالت له بلهفة :
" هل يمكنني تقديم المساعدة ؟ أعدك بأنني لن أعيق عملك".
بدا عليه التردد لحظة ثم سألها:
" هل راقبت قبلا مثل هذه العملية ؟ كونتيسا فرس أصيلة , وسيكون هذا أول مهر لها , هل أنت متأكدة من أنك تريدين الحضور ؟ ليس في الأمر ما يفزع أو يقزز النفس ولكنك......".
أبتسمت له بدورها وقالت:
" أعرف ماذا تعني , أنا فتاة عذراء لا أعرف كثيرا عن حقائق الحياة, أليس كذلك؟".
هز كتفيه وقال :
" ليس ذلك ما أعنيه تماما , ولكنك لست فتاة قروية , وقد تشعرين بشيء من الضيق والأنقباض , فالفرس كالأمرأة .... تتألم في مثل هذه الأوقات ولا تظل هادئة ساكنة , وهو أمر طبيعي للغاية , إلا أنك قد تواجهين بعض الصعوبة في تحمّله".
وضعت يدها على ذراعه وقالت له بحنان واضح:
" دعني أكن معك يا ريك , فالوقت يمر بسرعة , وأعرف أنك تعتبر موضوع المهر الجديد أمرا له أهمية خاصة بالنسبة اليك , دعني أشاركك هذه اللحظات الهامة".
" عظيم , ولكن أذا قررت أن تفقدي وعيك , فأرجو أن تفعلي ذلك على كومة من القش".
ضحكت مع أنها كانت تعرف تماما أن المسألة لن تكون سهلة , وقالت:
" شكرا لك , يا ريك لأنك تتصرف على حقيقتك بدون تمثيل ومواربة , وشكرا لك لأنك لا تعاملني كطفلة".
وضع يده برفق على شعرها وقال :
" أنت أمرأة , يا دونا , هيا بنا , يجب ألاّ نتأخر !".
لم تكن الولادة سهلة , ولكن الألم الوحيد الذي حزّ في قلب دونا كان عندما رفعت الفرس رجليها بقوة وأصابت بأحد حوافرها الجزء الأعلى من ذراع ريك اليسرى , تماسكت دونا بعصبية كي تمنع صرختها عندما شاهدت الدماء تسيل من جرحه.
" أمسكي برأسها".
أطاعته دونا بدون تردد لأن الفرس كانت تتجاوب معها وتهدأ قليلا كلما ربتت برقة على جسمها البني الذي ينضح عرقا , كانت تتألم كثيرا في المراحل الأخيرة , وتبدو وكأنها تنظر الى دونا طلبا للمساعدة , وفجأة سمعت ريك يتنفس الصعداء ويقول لكونتيسا:
" أيتها الفرس الجميلة الرائعة !".
أخذ قطعة من القماش وجفّف جسم المهر الصغير , فيما كانت الأم تحرّك رأسها بأعتزاز وسرور بمجرد أن شمّت رائحة صغيرها , حمل ريك المهر الجميل ووضعه برفق أمام أمه قائلا:
" ها هو , أيتها الحبيبة , يمكنك الآن تقبيله ومداعبته".
تحرّكت الفرس بأرتياح ظاهر وبدأ لسانها الطويل على الفور مهمته في تنظيف المهر ومداعبته , راقبتهما دونا بتأثر لم تشعر معه بأن الدموع تترقرق من عينيها , وعندما أستدارت نحو ريك , شاهدته يغسل وجهه ويديه , تألمت عندما شاهدت الدم يسيل من جرحه , ألتفتت ريك نحو مساعده , وقال :
" أنتبه اليها يا تشيكو , أعتقد أنها ستكون بخير , لأن الوقت مناسب , أنه مهر جميل للغاية , ومن يدري , فقد يصبح حصان سباق بهذه الأرجل الطويلة القوية".
أبتسم تشيكو بسرور وأعتزاز ثم نظر نحو دونا وتحدّث ببطء كي تفهمه:
أعصاب الآنسة قوية جدا".
شكرته دونا على كلمات الأطراء والثناء , ولكنّها لم تكن متأكدة مدى تحمل أعصابها لمنظر الدماء التي تسيل من ذراع ريك , نظرت الى حبيبها , وقالت:
" يجب معالجة جرحك , يا ريك".
" لاحقا , لاحقا , أولا يجب أن نطلق أسما جميلا على هذا المهر الرائع , هل تحبين أختيار الأسم المناسب له يا دونا؟".
" هل يمكنني ذلك؟".
أنت تقرأ
🌿 - خاتم الأنتقام🌿 - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة
Roman d'amourالأخلاص يجعل الأنسان يسير بحياته ومواقفه أحيانا الى درجة التضحية بالذات دونا الوردة البيضاء , الآتية من بلاد الضباب الى ايطاليا , للعمل كسكرتيرة للمثلة المشهورة سيرافينا نيري , تلتقي في روما رجلا غامضا , يعلق في أذنه ( خاتم الأنتقام ) , لفّها بسحرة...