الفصل الرابع

119 9 0
                                    

اليوم التالي...

-"إني لأقسم في كلامي بالذي
خلق الجمال وجعل مقامه عيناكي"
همست تقرأ الكلمات التي انتقاها من أحد الأشعار.

جالسة على الطاولة منكبة على المفكرة التي يدون فيها مؤلفاته أو الأبيات التي تعجبه، بينما هو يراقبها باسمًا قبل أن يولي أهتمامه للبائع يتناول منه الشطائر.
خصلة تسللت بعيدًا عن أخواتها فحجبت عنه الزهور الكامنة في عينيها سرعان ما ابعدتها بكفها الصغير الذي التف حوله أساوره المطاطية.
كان السوار الخامس تقريبًا الذي تنتزعه من يده عنوة لكنه لم يتأفف، بل يعجبه معصمها وهو مكبل بشيء يحمل عبقه، يتمنى لو زُين أصبع معين في كفها بخاتم من اختياره كذلك لكنها إحدى الأمنيات الصعبة.

-"مُنذر"
نادته بسعادة عندما وضع الطعام أمامها ورفعت رأسها لتقابله بابتسامة ارسلت تلك النغمة الصاخبة التي اعتادها لأوتار قلبه.

-"أنا في غاية السعادة"
ابتسم وجلس جوارها يخبرها:
-"اخبرتك أن المكان ساحر هنا..هيا أنهي طعامك فنحن مازلنا في بداية شارع المعز"
مالت قليلًا في مقعدها ورفعت ذلك الثغر فاعل الأفاعيل نحو وجنته الخشنة ليشعر بشفتيها الرقيقة تهبط فوق ذقنه النامية.
-"ميار"
بتفاجئ همس اسمها ينظر إليها وهي تخبره بخفوت:
-"اعتبرها مكافأة"
مكافأة!
في الحقيقة هو لديه فكرة أفضل لمكافأة نفسه، كأن يقبلها مئة مرة سارقًا أنفاسها وهي مضمومة بين ذراعيه، لا يريد لذرات الهواء أن تفصل بينهما. لكن يعرف حق المعرفة أن الهواء هو أهون اعداءه في تلك الحرب التي تاق بشدة لاقحام نفسه فيها رغبة في زهرة النعيم الماثلة أمامه.

-"ميــار"
وصيحة باسمها هدت كل الأمنيات الوردية التي نسجها كلاهما، مزقت عالمها الذي عاشاه بسرية لفترة بسيطة..فترة لم تكن كافية ابدًا لارواء ايا منها من ينبوع حب الاخر.

قبضة من حديد التفت حول معصمها الصغير وحاول ذلك الرجل الغاضب جرها معه عندما جذبها مُنذر إلى احضانه مواجهًا مفسد عالمهم كأول حرب قرر خوضها في سبيل زهرته.
-"من انت؟ وكيف تجرأ على لمسها"
هدر مُنذر بالثور المنتفخ أمامه والذي نظر لميار المرتعدة فوق صدر حبيبها..الخائنة.
-"يبدو أن هناك مغفل هنا لم تخبره حبيبته أنها مخطوبة لرجل غيره"
استهزأ إبراهيم ورأى الصدمة تكسو وجه مُنذر.
وقع ذراعه الذي لفه حولها ليحميها جواره بانهزام رجل اتضح أن أجمل ما في حياته عبارة عن..كذبة.

لم يقف إبراهيم أمام مشهد غريمه البائس كثيرًا وعاد يقبض على رسغ ميار يجذبها إليه وهي تتلوى تريد الابتعاد تصرخ متوسلة مُنذر ألا يتركها لكنه كان منفصلًا عن العالم، مطعون في ظهره يراقب المشهد أمامه من خلف شاشة التلفاز، كأن الأمر لا يعنيه..وإن عناه..كيف يتدخل لإيقاف أمر واقع!

محراب كافرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن