شتاءٌ لا يرحم

11 0 0
                                    

من مدة بعيدة كان سكان المنطقة الشمالية دائماً ما يتناقلون خبر أن الشتاء سيزداد غلظة كلما مرت السنين؛ ستطول مدته ويشتد برده وأن الأمر قد يسوء إلى درجة أن المعيشة في الشمال قد تصبح استحالة، وكان تَحقُقُ هذا الخبر واقعاً مرئياً رأيَ العين فسكان المنطقة كانوا كل عام يشهدون شتاءً أبرد وأطول من سابقه، كان التغير يحدث ببطء نسبياً لكن وبلا شك كان خبراً صادقاً.
ومع مرور السنين أصبحت الحياة صعبة مع هذا الشتاء الطويل القارص، لم تعد المدافئ ذات نفعٍ يذكر، وتلك النيران الصغيرة التي توقد في المنازل؛ أصبحت لا تكفي، معاطفهم البسيطة ومحاصيلهم القليلة؛ كل شيء أصبح لا يسد الحاجة، وشيئاً فشيئاً بدأت العوائل والأُسر تهاجر، لم يعودوا يطيقوا العيش في شتاءٍ دائم، بدأت المدن تخلو من السكان مدينة تلو الأخرى، إلى أن أصبحت منطقة الشمال موحشة مهجورة، فارغة من البشر، خالية من المدن
ما عدا... مملكة الشمال.

لم تكن مملكة الشمال منزهة عن هذا الشتاء أو ما شابه لكن لنقل أنها كانت تملك صديقاً برفقتها، صديق يساعدها ويجعل شتاءها أدفأ، نعم .. الصديق الذي نتحدث عنه هو الحجر؛ بطلنا الخارق.

مع طاقة مهولة كهذه ومع مرور سنوات عديدة تسلسلاً من ملكنا آسر ملك مملكة الشمال إلى ابنه سليمان وصولاً إلى حفيده الثاني (مالك)، أربعة أجيال واصلت البحث والتطوير، كانت عائلة صالحة بحق فلم يطمع أحدهم بالحجر بل واصلوا جميعهم ما بدأه جدهم آسر، ونتيجة ذلك أصبح حجرهم الغالي بمثابة شمسهم، استخرجوا منه طاقة حرارية تحيط بجميع المدنية،  إضاءات في الطرقات، محميات زراعية، مدافئ لكل منزل، وكل ما يحتاجون ليحاربوا هذا الصقيع الأبيض.
عاشت المملكة بهذا الشكل لمدة ليست بالقصيرة، مملكة صغيرة وحيدة بين كل هذا البياض
ثلج لا ينفك يتساقط وجلد يأبى أن يذوب؛ فكان حرياً أن يتغير اسمها وتصبح مملكتنا: المملكة البيضاء.

حجر الشعوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن