حجر الشعوب

شرٌ لا بد منه

وكعادة البشر كل ما جد جديد سرعان ما يبدؤون بنشر الأخبار والأقاويل التي لا تخلو من المبالغات، وأخبار الحجر المكتشف هي كنز لمحبين نشر الأقاويل.
انتشرت الأخبار حتى وصلت إلى المدن المجاورة، فدبت رغبة التملك في قلوب الحكام والأمراء وثارت نفوسهم طمعاً في الحصول على هذا الحجر الذي عُرِفَ بندرته وقيمته الثمينة، لكن حاكم مملكة الشمال كان يقف عائقاً أمامهم، خاصةً مع علمهم بأن جيشه ليس هيناً أبداً فمن عادة الجنود التطبع بصفات قائدهم؛ فتخيل معي مقاتلة المئات من ملك الشمال ... هذا يبدو مرعباً.
نوايا الأمراء ولهفتهم الجشعة ليست بخافية عن الملك، وخوفه الأكبر أن تتحد المدن ضده؛ فهمها امتلك من قوة تبقى الكثرة هي الغالبة.
على الرغم من هذا لم يكن ينوي التنازل عن الحجر بالطبع وكان يرى أن الحرب هي الحل، بدأت سلسلة محاولات إقناع الملك من قِبَل مستشاريه ووزراؤه وعائلته، لأن الحرب لم تكن حلاً منطقياً فالمملكة ليست بحاجة إلى أن تحارِب وتُزهِقَ أرواح شعبها من أجل حجرٍ استطاعت أن تعيش بسلام لسنوات بدونه، وبعد جهد جهيد وإلحاح كثير وعلى مضض وافق الملك وبدون اقتناع على الرأي الذي اتفقت عليه حاشيته وهو التوقيع على عقد هدنة سلام مع المدن المجاورة وأن تتعاون المدن معه لا ضده مقابل إعطاء كل أمير وحاكم قطعة من هذا الحجر ترضي جشع نفوسهم وتسكتهم لعشر سنوات؛ والعقد قابل للتجديد.