كانت هناك تجربة واحدة فقط لم يتجرأ أحد على فعلها على الرغم من أنها قد تصنع فارقاً كبيراً ألا وهي ربط الحجر ببشري فلا أحد سيضحي بحياته في تجربة مجهولة النتائج، لكن هذه الفكرة كانت تشغل بال الملك وكان يأخذها بمحمل الجد وكان يؤمن بأهميتها رغم المخاطر الشنيعة التي قد تحدث، وخطط الملك لتطبيقها بالفعل لكن في الوقت المناسب.
ها قد حان اليوم الحزين؛ يوم الرحيل
ولأن الملك كان يحاول أن يؤخر هذا اليوم بقدر المستطاع قام بإلغاء الاتفاقية مع الامراء ليتمكن من توفير الحجر مما شكل له خطورة الاشتباك في حرب خصوصاً أنه أوقف العقد فجأة ودون أن يعلمهم بالسبب محاولةً منه في حماية المملكة لأنهم إن عرفوا بالأمر سيدركون مدى ضعف المملكة البيضاء وصعوبة الحالة التي هم فيها، لكن ومع ذلك انتشرت الاخبار ووصلت الى الامراء مما أثار حماستهم في الاستيلاء حلى الحجر، فشعر الملك ببوادر الحرب وأسرع في تحضير شعبه للرحيل والهجرة؛ اعطاهم كل ما يحتاجون وقدم لهم جل ما يمكنه تقديمه، وزع شعبه على أقرب المدن وحرص على أن لا تفترق العوائل وبعد أن انتهى من كل ما يخص تهجير شعبه وبعد أن بدأوا يرحلون بالفعل كان قد تبقى آخر قطعة صغيرة من الحجر والتي لا بد أن تُستغل بأحسن ما يمكن فالملك وأجداده قد عاهدوا أنفسهم أن لا يمسوا الحجر لحاجاتهم الشخصية فالحجر ملك للشعب كله وليس للعائلة المالكة أي حق في الاستيلاء عليه وفي الوقت ذاته الملك ليس غبياً لكي يعطي الأمراء آخر قطعة من هذا الحجر الثمين لذلك كان حرياً بالملك أن ينفذ به التجربة التي لطالما خطط لها.
حسناً دعوني أخبركم بهذه الخطة التي قد تشعرون بأنها متهورة وغبية على غير عادة ملكنا مالك ، للملك ثلاثة أبناء: أكبرهم إلياس يبلغ من العمر ١٤ عام يليه إياس عمره ١٠ أعوام وأصغرهم أوس ذي الثلاثة أشهر؛ حديث ولادة لم يرَ شيئا من هذه الدنيا بعد ولم يعلم عنها سوى حضناً دافئاً لأمٍ حنونة ويد أبٍ تلامسه بلطف والكثير من شجار وضحك أخويه، وكالعادة لا نقوم بذكر اللحظات الجميلة إلا تمهيداً لتوديعها.
ولأن أوس هو الأصغر فوالداه لم يتعلقا به مثلما هم مع أخويه، هو فلذة أكبادهم وقلبهم النابض وهو روح أمه بلا أدنى شك لكن لا نقارنه بأخويه الذين رأوهم يكبران عاماً بعد عام، ينضجان، يتعلمان، يخطئان، فكيف لوالديهم ألا يتعلقوا بهم؟!
ولأنه صغير وجسده مازال ليناً يتكون ويتشكل وينمو فاحتمالية توافقه مع الحجر أكبر ... نعم، هذه هي الخطة؛ لقد قرر الملك أن ينفذ تجربة ربط الحجر مع بشري على ابنه أوس، لا يسعني القول كم كان ذلك قراراً صعباً ، جريئاً؟ طائشاً؟ مفيداً؟ غريباً؟ كل الأوصاف تنطبق على هذه الفكرة، أو كيف كان مؤلماً لأمه الحبيبة، لكن الملك كان مؤمناً بضرورة هذه التجربة فهي حتى إن فشلت فستصنع تطوراً علمياً بالفعل وإن نجحت فسيكون لدينا رجل خارق القوى مثل الذين نراهم في الافلام، سيكون شيئاً عظيماً ونقلة كبيرة للعالم، جهز الملك لهذه التجربة واستغل وقت انشغال الناس في الهجرة لينفذ التجربة وبذل قصارى جهده أن لا يعلم أحدٌ عنها وأن تكون سرية قدر المستطاع، لم يُعْلِم أحداً بها ما عدا: عائلته، العلماء القائمون على التجربة، وبعض حاشيته وخدمه، قاموا بتشكيل الحجر على هيئة سوار يثبت على الرقبة ليكون أكثر ثباتاً وأقل ألماً وجعلوا إحدى أطرافه مدببة وحادة ليتم غرسها في رقبة أوس لتتصل بدمه وتتفاعل معه وترتبط به.صورة توضيحية للسوار:
- هذه الرسمة بمساعدة صديقة عزيزة فلها كل الشكر 🌸 -
أنت تقرأ
حجر الشعوب
Fantasyفي غياهب الحياة ومشقة العيش وضيق النفس ، طفل رضيع ينقذ مملكة وعائلة وشعب ، أصبح كبش الفداء دون اختياره ، كيف انقذهم ؟ وما هو مصيره؟