في أحدي الشوارع الضيقة في مدينة فيدرا، كانت تعلو زَهْزَقَة مُنتشرة في جميع أنحاء الممرات المُتسخةالمُلطخة بِسواد جَارِفً، مع كُل مرور ثانية كانت الضحكات تتزايد أكثر فَأكثر، كأنها تُحاول فكْ الضغط والحصار الداخلى، تلكَ القيود التي تعيش بِداخل كُل مِنا، حتى جعلت أجوافنا سَبْي نعجز عَنْ الخروج مِنها، جميعًا نحاول دومًا ونبحث أَبَدًا عَنْ سببٍ لِملئ ذلكَ الفراغ، خَلاَء لا يفارقنا مهما سعينا بِالأبتعاد عنه، حتي أوشك على أنتشال وسرقة مَا تبقي مِن آمال لِلسعي مرة أخرى، نريد فقط أن نعثُر على الدفء، جميعًا نحتاج في أن نحيا في أَوَأرٍ سالِم، لا تنبع منه أي روائح لِلحزن.
كَان أندي يدور حول نفسه كَالمجنون، بعد الكأس العاشر المصنوع مِن البلاستيك المُتسخ لأنه مِن الواضح أنها ليست المرة الأولي التي تُستعمل فيها تلكَ الأكواب، كَان يدور وَيدور في الوسط، وكَانت مادلين تقف أمامه تُصفق كَالمجنونة وأبتسامتها كادت أن تُلامس أذنيها، بِالطبع أتليا كَالعادة تموت بعد الكأس الثاني مُباشرةً مُغشيًا عليها بِجانب الحائط، إذا قارنت بينها وبين خبرة مادلين وأندي في التحمُل سَتري أنها لَم تتجاوز حتي الربع، ذلكَ الثلاثي الذي يبدو وكأنه مرحًا بِداخلهم أسرار وخفايا لا يعلمها أحد ولا سَيصدق أحد أنها بِتلكَ السوء والغرابة، يجتمعون كُل يوم بدون ترحاب يتآلفون في المكان المُعتاد، يحضر معه أندي الزجاجة، وتتكفل أتليا بِجميع أنواع المخدرات، أما مادلين مُتكفلة بِمتعتها فقط والخضوع لِجميع أوامرهم، كأنهم مُجتمعين فقط لِخراب حياتها التي على مُنحدر الهاوية، توقف أندي فجأة عَن الدوار وقال بصوتٍ عالٍ:
- لقد أكتشفت شيئًا مَا!
قالت مادلين بِحماس كاد يعصف بِها إلي كوكب زُمردة مِن كثرة التحمُّس كأنها لا تدري ماذا سَيقول:
- فَلتخبرني بِسرعة!
فَقال وهو يقلد أيمائات الدجاجة:
- لقد أكتشتف أن الدجاجة جاءت قبل البيضة
أطلقت مادلين صرخات مُتتالية مِن الضحك، جعلت أتليا تستيقظ مِن أغمائها، فقالت:
- لَقد أكتشفت شيئًا أيضًا.
قال أندي وهو يُحملق في عينيها:
- ماذا؟
قالت وهي كادت أن تنفجر مِن الضحك:
- رأسك هو البيضة
أحمر وجهه ناصع البياض مِن الغضب قائلًا:
- هل نَعيتني بِالبيضة الآن؟!
قالت مادلين وهي ترجع للوراء ضاحكة:
- بيضة!
وسرعان مَا بدأ أندي بِالركض خلفها لِيمسكها، كانت أتليا تشاهد ذلكَ السيناريو المُتكرر كُل يوم أمام عينيها.أثناء ركوضهم أرتطم أندي بِرجل عجوز حتي اصطدمت رأسه في عمود الكهرباء العالي، وسرعان مَا سقط وأمتلئ حوله بِالدماء، كانت مادلين كادت أن تقع مِن شدة الدوار والضحك، أما أندي فَكان ينظر بِتمعن للرجل المُلقي أمامه، جاءت أتليا بِبرود وناظرها يقع على الرجل، أقتربت مِنه لِتري نبضه، فَنظرت إلي أندي وأشارت نحو مادلين فقال:
- يجب أن نعود إلي المنزل كادت الشمس أن تشرق
أبتسمت مادلين وأشارت بيديها موافقة، وذهبت بِخطواتٍ مُبعثرة تقودها قدميها بلا وعي إلي المنزل كأنها حفظت الطرق بِلا الحاجة إليها.
أنت تقرأ
أوَار
Fantasyتُروادني دومًا ذكريات البَائِد البَهِيّ، كُلما مكثتُ بِمفردي، كَم أحبُ ذلكَ المزيج مِن التَلَهُّف والبَهْجَة، الذيّ يأتيني حين يمرّ علىّ سيناريو أتوق له، لا أشعر بِنفسي وإلا وأجدها بين ذراعي، أمال وأحلام لَم أستطع تحقيقها، البعض مِنها يعتصرني بِشدة...