chapter "13"

90 30 3
                                    

- ‏إن المفارقة مفارقتك أنت ، هي أن تُكرِّس نفسك للبحث عن الحقيقة ، لكنك لا تحتمل رؤية ما تكشفه | إرفين دي يالوم.

•••

خَبّأنيّ ...
مِن مُجتمعيّ ، ومِن عائلتيّ ، وخذنيّ مِن تعبِ الأصدِقاء ،
غطّني مِن قساوةِ واقعيّ ،
وأرجوكَ ضُمنيّ نحوكَ بِلا اسئلةٍ مؤذيَة ،
دَع الصُمت يُصاحِبُنا ،
وهدّأ ضجيجَ روحيّ بِأي وسيلةٍ لا يُهم ،
ما أريدُه هوَ نهايةَ الإنهاك ،
ما أريدُه إحتوائك ليّ.

كُنّا خفيفيَن ، نسيرُ معَ الرّياح وأرواحَنا قد نَست كُلّ شيء ، ترابَط وجودِنا لِفترَة وراحَ الفراغُ يودِعُنا ، لا أعلَم إن أمتلئ أحدُنا بالآخر لكن نظرتنُا قد ثقبَت ما وراءَ الحُب ، أهوَ حُب؟ ، لا يُخفى حقًا ، إننا نغوصُ في محيطِ الحَقيقة.

شعوريّ غيرُ ثابِت وأنا أدلفُ لِمقهى الشّارعَ المُعتاد معهُ ، بعدَ طلبَ عنوانهُ وفضولٌ ألتمستهُ في عيناهِ السّوداويّة ، لا طاقةَ لي ولا جرأة كي أرفُض أن يطّلِعُ على مضجعيّ وقتَ الكُتمان.

بعدَ يومٍ مرَّ على قُبلتهُ الهشّة ليّ ها أنا أقابِلهُ وجهًا لِوجه يفصلُ بيننا طاوِلةٌ مِن الصُمت ، أنا لا أحمِلُ سِوى نظراتيّ لِندوبِه وهوَ لا يحملُ إلا الهدوءِ في ناعِستيهِ.

أيّ برودةٍ إحتلّت أطرافيّ حينَ مسَّت شفتاهُ الملومَةِ بشَرتيّ؟ ، شعِرتُ بأنقلاباتٍ مُريعة في قلبيّ وتيّبسَتُ مكانيّ أُحاكيّ الصّدمة ، ما يفعلهُ بيّ لا يمُت بِكلماتِه بِصلة ، كأنها تجرَح وأفعالهُ تُشافيّ.

تجاهلَتُ الأمَر ، مع إبتسامتهُ المُستفِزّة التي دائِمًا ما تزيدُ إرباكيّ سوءًا ، إحتكّت أصابعيّ بِبعضِها وتغَوّشت عينايّ كما العادَة في كُلّ مرّة يقتربُ بِها منيّ مُتقصِدًا.

إنهُ ليليّ ، وسكينَتيّ ، ضجّتي وهدوئيّ ، توتُريّ وأمانيّ ، إنهُ الروحُ التي زعِمتُ قُربها مُحال ، إنهُ تناقُضاتيّ.

-'أبيتُكِ قريبٌ مِن هُنا؟.'
سأَل قاطِبَ الحاجبين وعيناهُ تجولُ بالخارِج ، سعلتُ بِخفّة وأنا أرتَشِف قهوتيّ شديدةّ الحلاوة فكيفَ إستنتَج ذلك؟ ، حمحمَت حينما إنتبهَ ليّ ناظِرًا بأهتمام لأُجيب بِأبتسامتيّ البلهاء.

-'أجَل ، إنهُ في الرُكِن الأوّل.'
أشرَتُ لهُ على الجِهة ليرفعَ حاجباهُ مُتفاجِئًا ، حسنًا لا أعلَم كيفَ أعطيتهُ عنوانَ منزِليّ بِمطلقَ الثّقة لكني أشعرُ بالأطمئنانِ ناحيتُه ، إنهُ آدريان على أي حال.

-'لِهذا الحَد؟.'
سألَ بِفخوت مُستندًا بِمرفقيهِ على الطّاولة مُقربًا وجههُ إلى وجهيّ ، إبتلعتُ لا أعلَم المقصَد لأرمُشُ بِأستفهامٍ قائِلة.

-'ماذا تقصِد؟.'
تنهّد مُشيحًا بِمعانيهِ عنيّ ، حتى ضرَب بأصابيعهُ على الطّاوِلة بِهدوء ، إرتشفتُ قهوتيّ قليلاً وأنظاريّ مرفوعةٌ له حتى تمتمَ بِصوتٍ خفيض لكني إستطعتُ سماعُه.

| أرض التشتت | حيث تعيش القصص. اكتشف الآن