chapter "1"

812 53 29
                                    

- إن الشجاعة لا تعني أنك لست خائفًا ،  الشجاعة معناها أن تكون خائفًا ، خائفًا جدًا ، لكنك تفعل الصواب رغم ذلك| نيل جايمان.

•••

النفسُ البشرية ذاتَ تعقيدٌ دائِم وتَداخلاتٍ عجيبة ، تجمعُ أصنافَ التّناقُض في أفرِعها ، تمتلكُ البؤسَ من جهة والبهجةِ من جهةٍ أخرى ، تكمنُ راحتُها فيما حرَّم الله وتنوبُ عن الفعلِ المكروه ، تتهجى بالطاعة ، وتفتعلُ بالعصيانِ.

ذاتَ معرفةٍ بالفروقاتِ العظيمة التي تُميز بينَ الحقّ والباطِل ، وَلكن تتجهُ إلى ما أرادَ بهِ العَقل ، وإن كانَ من رحمِ الخطيئةِ أو الفعلِ الصحيح.

الأنفُس كريهةٌ في الرضوخ ، منها من تَنسى أصلها ولِما تواجِدت فتدفعُ روحها نحوَ الهلاك ، ومنها من قُرّبت إلى حدودَها فتكرّمت عن تقديمِ روحها لِمن هبّ ودبّ.

فما هيّ إلا تمثلُ كُتيّبات القَدر ، تعيشُ ما أختارهُ الله وتفكرُ في سببِ أصولها ، فالقدرُ مُتعِب ، يكتبُ لها ليهدمُ ما بنتهُ النفسُ من ما أرادت .

أما نفسيّ .. فهيّ نفسٌ غريبة تَتداخلُ الحيرة في جميعِ أشرطةِ الدلائِل للوصولِ إلى أساسِها ، هُنا نفسٌ عجزتٌ أنا عن حَلِّ لغزها ، حاولتُ معرفةَ مُرادها بأيّ طريقة ، لكنها لم تُفلِح.

ترفضُ الماضي ولا تَتقبلُ المُستقبل ، تبغضُ الحاضِر ولا تُحاولُ إنكارِ الغفواتِ بِه ، تُدهشُني كيفية تلاعُبها بعقلي وتسللها لِتفكيرٍ مريض..

كما إنها أخبرتني بالأمس قَبل أن يُغادرُ عقلي نحوَ عالَم الأطياف بأننا إن عُدنا لِلحقيقة ولو رأينا أنفُسنا مِن جانِبًا آخر فنحنُ مُجبرين ، لم تُحدثني دينيًّا أو علميًّا ، أتتنيّ بالمَنطِق ..

أنت وأنا نُجبرُ يوميًّا على فعلِ أمورٌ لا يتقبلُها العقل ولا يستريحُ لها القلب ، مُجبرين على الإستيقاظ صباحًا لِنُمارس يومًا لا نطيقُ حتى الكلام فيه ، مُجبرين على النومِ في أوقات نودُ أن نفعلَ بها ما يُرضي أنفسنا ، تجِدُنا نُفكرُ بأمورًا نحنُ في غِنى عنها.

نأكلُ طعامًا لا نشتهيه ونشربُ ماءً لا نرتوي به ، نتزوجُ ليسَ حُبًّا نُسايرُ قُلوبنا به ، بل رغبةً في تكوينَ عائِلة خوفًا من فواتِ الاوان ، مُجبرين على الأختيار قبل أن يُداهمنا قدرُ الوقت..

مُجبرين على تقبّل العائِلة ، وتقبُّل الأصدقاء ، نعيشُ قِصةَ حُب فاشِلة إجبارًا على تحريكِ مشاعِرنا ، هي ليست أنانية نهائيًا ، لكنهُ المنطق ، القويّ بيننا من إختار حياته ليعيشَ حسبَ ما يُريد.

وبهذا للكلام أجبرتنيّ على نومًا طويل جعلنيّ أغوصُ فيهِ لأثني عشرَ ساعة غيرُ راحمةً حالي ما إن كان لديّ إلتزامات أم لا ، فأنا أكثر مَن يُعتمدُ عليه مِن الناحية الشخصيّة أم العاميّة ، حتى إنني أحيانًا أتكل على بعضي في حلِّ بعضي.

| أرض التشتت | حيث تعيش القصص. اكتشف الآن