chapter "19"

86 27 5
                                    

- ‏لطالما أحببت الأشخاص الهادئين ، فأنت لا تعرف أبدًا إن كانوا يرقصون في خيالهم أم أنهم يتحملون وطأة هذا العالم | جون غرين.

•••

"ما يحدَثُ داخِلك لا يجبُ أن يُقال ، وما يُقال لا يجبُ أن يأخذُ مِن داخِلك" ، هذهِ الكلِمات أخبرتنيّ بِها أُميّ في عُمرِ التّاسِعة حينما شكوتُ مِن تفكيريّ بِشأنِ الإختباراتِ السّنوية ونهرتنيّ عن بوحِ الأمتِعاضِ الدائِم ولا يجبُ عليّ تصديقُ جميعِ الكلامَ الذي يُحاوِل إحباطيّ أكثَر آنذاك ..

والآن حينما كبِرت ، علِمتُ إنّ كلِماتِ أُميّ أعمقَ مِن أن أفهمها على حدودِ إختبارٍ واحِد ، فالحياة إختبرتنيّ بِمواقِفَ عِدّة وفيها كانَ عليّ تطبيقُ مقولَتِها تِلك ، وكُنت أندَم بِكُلّ مرة ألفَ مرّة ؛ بِسببِ عدمَ آخذِ كلِماتها المُشفّرة تِلك ..

كُنتُ على ناصيةِ طريقٍ وعِشق ، وكِلاهُما يجوبهُ التّشتت ، في حينِ عقليّ كانَ يصرخُ مِرارًا غاضِبًا بأنهُ ما كانَ عليّ أن أقولَ ما بِداخِليّ في ذلكَ اليوم ، ليغفِر الرّب لأيمي الّتي حثّتني لِدخولِ عالِم أنا لستُ أهلاً له.

لكنّي "الآن" ، أعلمُ ما مرّ بِتلكَ الأيّام "خصيصًا" كانَ يجبُ أن يُقالَ فِعلاً وبِغضّ النّظر عن صُراخَ عقليّ حينما كُنت معَه ، أجل فقَد كُنت أحتاجُ ضربةً تُميتُ وحيّ الإندفاعِ فينيّ ، وإلا لعِشتُ حياتيّ بِرُمتِها أُعطيّ أكثَر مِما آخذ.

لِنترُكَ المُسقبلَ قليلاً ونعودُ نحوَ الماضي ، تِلك الليلة تحديدًا والتي كُنت أكثَرَ ضُعفًا وهشاشَة وغبَاء فيها ، كُنت أصغَر مِن أن أحشُر نفسيّ بِكبائِرِ الرّفض والحدّة والصّد.

قد أُتيحت لي فُرصًا عِدّة كي أسترجِع ما تبّقى مِن نفسيّ وأُرجِعَ ما أخذتُه مِن عِشقًا مرير ، لكنهُ قلبيّ على أي حال ، قلبيّ الذي كانَ يتأملُ ندوبهُ دونَ مللٍ كما لو إنّها ملكَات الحياةُ بِرُمتِها..

-'مسَاءُ الخَير.'
كُنتُ مُستقيمةً ويدايّ تحتكُ بِبعضِها بِتوترٍ وصُمتًا مُصاحِب أمامه بعدَ أن أردفَ ليّ بِصوتهِ المبحوح الذي يطرِبُ قلبيّ دغدغةً ، حتّى تنهّدت دونَ النّظرَ له نابِسةً بِ"أهلاً".

كانَ هَو ، بعدَ أن صُعقتُ مِن منظرِهِ المُزريّ والمُتعب بِأزرارٍ مفتوحةً كاشِفةً مُنتصفَ صدرِه الشّاحِب وشعرهُ أبانَ فوضويًا ، مع ذلك لَم يتخلّى عن تمايُلهِ على عيّناه ، شفتاهُ الجّافة التي تخلّت عن لملمَتها هذهِ المرّة ، وعيّناه التي ترمِشُ بِبطءٍ مُتعَب.

لَم أسالُ عن حالِه مُتمالِكةً حاليّ ، فَروحيّ أردَى حالاً مِنه ، بعدَ أن جعلَتُ سوزيّ تبقى مع الرِّفاق وتَسدُ مكانيّ بِأيّ طريقةً وجعلِها تصمُتُ عَن السؤالِ بهويّةِ آدريان ، تقدّمتُ نحوهُ بعدَ أن نادتنيّ عيناهُ حينما كشفَها ليّ ..

| أرض التشتت | حيث تعيش القصص. اكتشف الآن