صعدنا الطائرة و جلست قرب النافذة وهي بجانبي وأمامنا كان محمد وباتريك، أما ليزا فقد كانت هي الاخرى بالرحلة لكنها كانت تجلس بعيدة بحيث تقابلني مباشرة ، تحدق بنا وترمقنا بنظرات غيض لا تصدق. أما هي ( يقصد جنان)، فقط كانت تجلس هادئة جدا. أشحت بناظري لجهة النافذة، أفكر أنه كلما حاولت انهاء كل هذا، أعود وأغرق حتى أصبح كمن وصل القاع مكبلا بالسلاسل فما عاد يستطيع يرى السطح .
وبعد لحظات حلقت الطائرة لتبدأ رحلتنا وأنا أنظر بالصدفة لها . كانت ملامح الخوف بادية على وجهها. مغمضة العينين ومتتشبثه بالكرسي بقوة كان مظهرها فعلا مضحك ، كانت كطفلة بريئة ترتجف . منظر لم أعهده لها وهو لطيف، وللحقيقة أعجبني، فالان أرى عيني طفلة خائفة من التحليق لا آنسة عنيدة جديتها تجعل ملامحها قاسية ، استقرت الطائرة وأنا لا أزال ارمقها بنظرة مع ضحكتة خافتة حتى لاحظت ذلك و احمر وجهها الذي لا يظهر حتى ، فتخيلتها بوجنتيها بلون الطماطم من الخجل ، بعدها نظرت لي لتقول :" انت ، لما تنظر لي بهذه الطريقة ؟ .هل هناك ما يضحك .؟"
رواد:" ههههههه نعم ، ملامحك بدت طفوليه من الخوف ، لم اتوقع انك تخافين "
زاد احمرار وجهها :" هذه مرتي الاولى بركوب الطائرة ، ألست بشرا كي أخاف مثلا؟ .."
رواد :" ههههه نعم انت كذلك خاصة مع طريقة كلامك التي تظهرك بعمر جدتي ."
......كان يكلمني بسخرية ولا يتوقف عن الضحك مع رؤيته لخوفي ما هذا الحظ اكان عليه مرافقتي بهذه الرحلة ، لكنه بادلني بنظرة غريبة :" اظنني رأيت الان جانب آنسة اللقلق الذي يناسب سنها ، عينا طفلة .."
أشحت بوجهي جانبا من كلامه المتملق ..وهو لا يزيح ناظريه عني.
كنت جالسا هادئا اضع السماعات على اذني وأسمع لموسيقى هادئة وبقيت عيني معلقتين عند تلك الفتاة فما أراه الان هههههه هو بالفعل حصري، هي تجلس لا تتحرك أبدا ورغم تحليق الطائره الهادئ لا تزال خائفا ولم تزيح يديها عن الكرسي ،أمسكت سماعة ووضعتها على أذنها لتنظر لي :" استرخي لم يبقى سوى ساعة ونصل ."
وعدت لأضع رأسي ..وأغمض عيني ..وبعد مدة من ذلك فتحتهما على صوت المضيفة :" سيداتي سادتي سعدنا بتواجدكم على رحلتنا أهلا بكم بمطار باريس .."
وجهزنا انفسنا للنزول من الطائره ، وسرنا في المطار بعد ترك ليزا لنا، وأما هي آنسة اللقلق فقد كان الجميع يحدق بها بردائها الطويل وغطاء رأسها ،لكنها مع هذا لم تزح خطاها وبقيت تلك الفتاة الواثقة وصلنا القندق لنحجز غرفا خاصة بجناح خاص ، غرفة مشتركه لصديقي محمد وباتريك بطلبهما، ثم غرفتي فغرفتها هي ، دخل كل لغرفته لأستلقي على السرير وآخذ نفسا ، هذه الرحلة لن تكون سهلة مع آنسة اللقلق ...
.....في الصباح وعلى نور الشمس استيقظت لتكون بدايتنا هنا بباريسكنت أنا أراقب كل شيء من حولي يلمع بغرابة لكنه يشعرني بشعور البرود . ربما الموت أو الخمول أو الجمود .
كانت وجوههم بيضاء ناصعة كسيد دولارات و أغلبهم بلون عينيه الزرقاوين . وفتيات بيضاوات بياض الثلج في وجوههم و اجسادهم أيضا . رغم أن الجو كان باردا عند نزولنا من الطائرة إلا أنهم يعتنون بكل شيء . فالمطار كان جوه لطيفا و دافئ لكنه لا يدفئ القلب كما يتخيله المرء. سرت بثبات خلف سيد دولارات و الاصدقاء من خلفي و الجميع لا يتركني دون التطلع لمظهري المغطى كليا و الذي لا يظهر منه إلا عيناي السوداوان .. وأظن أن هذا ما أقلق شرطة المطار لتتوقف أمامنا مجموعة يتبعها حشد من الناس يتفرجون من بعيد بنظرات أكثر استغراب لي من استغرابهم لتواجد الشرطة دون أي سبب و اعتراضهم لطريقنا ...
" سيدي هلا تبعتنا و الانسة ؟"
رواد :" لما ما المشكلة ؟"
رئيس الشرطة الفرنسي بلغة الفرنسية و هو يحدق بدقة في جنان :" نريد التأكد من هويتكما فقط، نتأسف عن الأمر ، إتبعونا من فضلكم "
رواد يتنهد و ينظر خلفه لجنان وهي لا تبدي أي ردة فعل لفهمها :" حسن سنتبعكم . أحمد و باتريك أرجوكم انتظرونا هنا "
الاثنان يجيبان بالإيجاب و يحملان الحقائب و يتراجعان للخلف ينتظرون عودتهما .
داخل غرفة بالمطار . يمكن تسميتها غرفة استجواب . الشرطي :" جوازات السفر من فضلكما "
رواد :" تفضل ، لكن هل يمكنني معرفة ما سبب هذا الاستجواب ؟ "
الشرطي وهو ينظر لجواز جنان وصورتها به و إليها وهي مغطات الوجه :" سيدتي هل يمكنك الكشف عن وجهك للتأكد من هويتك ؟"
جنان بصوت مسموع وواضح :" لا سيدي "
الشرطي متفاجئ لكونها تتحدث الفرنسية بطلاقة بنظرات شك لا تفارقه :" سيدتي علي التحقق من وجهك و هويتك "
جنان :" و إذا ؟"
الشرطي وهو مستغرب:" إذا علي رؤية وجهك "
جنان :" ولما ؟ ما علاقة وجهي بالأمر ؟ أليس جوازي بيدك ؟"
الشرطي :" سيدتي علي التأكد هل أنت من في الصورة في الجواز ولفعل ذلك علي رؤية وجهك "
جنان :" لكنهم تأكدوا من ذلك سابقا في مطار المغرب . لما علي فعل ذلك هنا ؟"
الشرطي وهو يظهر ملامح الغضب :" وهل المغرب هو فرنسا ؟ هم لديهم إجراءاتهم و نحن لدينا إجراءاتنا الخاصة "
جنان :" إذا ما المشكلة ؟"
الشرطي بدأ يغضب و صوته يعلو :" المشكلة هي أنك تأبين الكشف عن وجهك "
رواد " كيف تكون هذه هي المشكلة ؟ أنا أطالب بتفسير فوري كمواطن يحمل الجنسية الفرنسية بمعرفة أسباب عزلنا هنا و اصراركم على كشفها لوجهها رغم انها ليست مضطرة لفعل ذلك "
رئيس الشرطة يدخل الغرفة وهو مبتسم ومعه شرطية اخرى :" سيدي لا تغضب هي إجراءات عادية فقط للتأكد "
جنان :" التأكد من ماذا بالضبط ؟ هل أنا أكون أنا ؟ أم اكون شخصا اخر ؟"
رواد يواصل :" لما نحن الوحيدين الذان تريدان التأكد منهما ؟ هل يا ترى لأنها محجبة ؟ مسلمة ؟"
رئيس الشرطة :" سيدي هذا فقط إجراء اعتيادي ولا بد منه . أرجوكما اهدءا "
جنان :" إن أردت أن أكشف لكم عن وجهي سيدي، فأرجوا أن تجيب عن سؤالي هذا أيضا . وان لم تفعل فسيتم إطلاق سراحنا "
رئيس الشرطة وهو يبتسم :" حسن ما هو ؟"
جنان :" كيف أعلم أنك تكون أنت و أن وجهك هو لك و أنك لم تقم باي عملية تغيير فيه ؟"
رئيس الشرطة :" مممم فهمت مقصدك . هههههه. سيدتي أنت ذكية . كان علينا عوض وضع صور وجوه الاشخاص في جواز السفر وضع بصماتهم إلكترونيا ليتم التأكد من هويتهم . هههههه ، حسن لن أطلب منك الكشف عن وجهك تفضلي سيدتي يمكنك الذهاب"
جنان :" شكرا سيدي لتفهمك الأمر و احترامك لحشمة النساء المسلمات . وكما احترمت ديني لن أخالف قانونكم بل سأكشف عن وجهي، لأنني ضيفتكم وعلي احترام واجباتكم. لكن ليس لك ، بل للسيدة خلفك ."
توجهت قرب الحائط بعيدا عن كاميرات المراقبة و الشرطية أمامها و أعلت جزءا من رداء وجهها لتتأكد الشرطية من مطابقتها للصورة في جواة السفر و تبتسم لها وتقول الشرطية :" أنت جميلة "
جنان ترد بادب :" شكرا ، و أنت أيضا "
وتعد لرواد الجالس يتحدث مع رئيس الشرطة ويضحكان عن قصة خطبته الغريبة . وجنان قد سمعت ذلك ولا ترد . جلست مكانها بقربه و الشرطية أكدت أن جواز السفر لا خلل فيه ثم رمقت رواد وقالت له بابتسامة :" لكنها في النهاية خطيبة جميلة و ذكية ، وعليك الاهتمام بها، فربما الحب مجود لكن أنتما ترفضان تقبله "
ضحك الجميع أمام جنان بعد شرب القهوى الدافئة لضيافتهما و اصلاح سوء الفهم ذاك.
ثم خرجنا بعدها لنجد أحمد و باتريك بقلق ينتظران لمدة ساعة لنتوجه بعدها للفندق الفاخر و أدخل غرفتي و أغلق الباب علي باحكام و أتنهد بعد الخوف و التهديد الشديدين الذان أحسست بهما في أول يوم لي هنا بباريس والذي أتمنى ألا أشعر بهما مرة أخرى بالأيام القادمة. بعدها غفوت لأستيقض على طرق باب غرفتي صباحا باكرا .. ترى من الطارق ؟؟ نظرت من ثقب الباب فوجدت ....... هل يعقل أن ..... ؟****** يتبع الفصل الخامس *****
أنت تقرأ
Why Would We Get Married ? // لم سنتزوج ؟
Romanceنقدم لكم الرواية المشتركة التي نعمل عليها انا Mary Mouslim و Fidaa Obeidat باسم : "Why Would We Get Married? // لما سنتزوج ؟؟ " - نوعها : كوميدية ، شريحة من الحياة ، رومانسية رسام الصورة : Mouslim Mary الشخصيات الرئيسية : جنان : فتاة مغربية عر...