بارانويا
الفصل الاول:
فوت☆ وكومنت لو سمحتوا▪️▪️💠▪️▪️
ان الشعور بالنقص الذي يخلفه تمييز الآباء لابنائهم وخاصة بناتهم وكذا مقارنتهم الدائمة بإنجازات أقرانهم غير آبهين للاختلافات الفكرية والميولات الشخصية لأبنائهم، واتباع طرق خاطئة في تربية النشء وقلة وعي الأولياء بمخاطر هذه الأخيرة على الصحة النفسية لأطفالهم والنتائج الكارثية الناجمة عن افعالهم في تحطيم ودحض شخصياتهم، وكذا ضغط المجتمع العربي على المرأة باعتبارها بوابة لجذب العار إلى عائلتها، قد يؤدي بهم إلى سلك طرق مختلفة لسد هذا الفراغ العاطفي في محاولة يائسة منهم لإثبات نفسهم وفي أغلب الحالات لا تكون الطرق المتبعة من طرفهم آمنة فقد تجرهم إلى دوامة رفاق السوء مثلا... وكل هذا ستكون له نتائج مستقبلية وخيمة سواء على الفرد الواحد أو المجتمع،ومن الجدير بالذكر أنه وان لم يتلقى هؤلاء الأفراد الرعاية النفسية اللازمة أو الاجراءات الوقائية القبلية قد يتعرضون لعدة أمراض منها الذهان، اضطراب الشخصية المرتابة و في اسوء الحالات قد يصل بهم الامر الى الإصابة بمرض انفصام الشخصية البرانويدي...
وانا واحدة من القلة القليلة التي نجت من هذا المرض الخطير، بفضل الله عز وجل وكذا بفضل شخص عمل بضمير إنساني معي وكرس كل خبراته في سبيل إنقاذي مستدلا بذلك لقوله عز وجل: "من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"...
وها انا اليوم اقف أمامكم لأروي لكم أحداث قصتي التي اخذت مني أجمل سنين عمري ثمنا لأخطاء انا ارتكبتها والدافع كان أسرتي، سنين كان من المفترض أن اقضيها بين خلاني وقضيتها بين جدران مركز إعادة التأهيل...▪️▪️💠▪️▪️
قبل ١٥ سنة
في أحد زوايا المنزل كان ذلك الرجل يحاصر ابنته ذات الأربعة عشر ربيعا حاملا حزامه الجلدي، محدقا في جسدها المملوء بآثار الضرب،بعد أن أفرغ فيها نوبة غضبه دون أن يرف له جفن أو يشفع لها رابط الأبوة. اقتربت منه زوجته واضعة كفها على كتفه قائلة: هذا يكفي يا غسان كدت أن تقتلها هذه المرة أنظر إلى الآثار التي خلفتها على ملامحها، أما كان بإمكانك أن تحد من حدة ضربك وتنتبه قليلا؟ ماذا سنخبر مدرسيها اذا اكتشفوا الأمر؟ أنسيت أن رحلتها المدرسية على الأبواب؟
التفت غسان إلى الفتاة وقال: هي ممنوعة من الخروج نهائيا
ثم أردف بصوت مجلجل جعل جسد الفتاة يرتجف وهو يرفع إصبعه في وجهها محذرا : اغربي عن وجهي وإياك أن ألمح خيالك في البيت.
بجسد شبه متهالك وخطى ثقيلة غادرت الفتاة نحو غرفتها ملجئها الوحيد حيث يمكن لعَبَراتِها ان تنال حريتها وترثي نفسها دون اضطهاد أو خوف.
ما إن توارت الفتاة عن الأنظار حتى القى غسان بجسده على الأريكة فاردا ذراعية وهو يقول: حضري لي فنجانا من القهوة ي وداد، ثم تنهد بصوت مسموع وأتبع قائلا بصوت ملؤه الحسرة: لا أعلم ما الذنب الذي ارتكبته ليرزقني الله بطفلة غبية كهذه لا أصدق أنها أحرزت المرتبة الثانية كالعادة ألا يمكنها أن تتفوق على إبنه عمها رنا ولو مرة واحدة؟
ردت عليه وداد من المطبخ وهي تقول: لاصدقك القول يا غسان لقد شفي غليلي بتأديبك لها أعتقد أننا قمنا بتدليلها اكثر من اللازم، في كل مرة تصدر نتيجة الامتحانات تتصل بي لجين لتتفاخر بمعدل ابنتها وترسل الكلام المبطن أن لوسين لا تظاهي ابنتها هي، وضعت صينية القهوة على الطاولة وجلست بجانب غسان تملأ فنجانا له واردفت قائلة: بالإضافة لمنعك لها من الخروج انا سأمنعها من اللعب مع بنات الحي وكذا من مشاهدة التلفاز وسأزيد من معدل ساعات مذاكرتها..
نعم القرار، قالها غسان وهو يمد يده ليأخذ فنجان القهوة من يدي زوجته...
أنت تقرأ
بارانويا
Actionعندما تكون الأسرة هي المصدر الاول للاضطهاد والقمع وتتحول من مكان دافئ ومن حجر الأساس المتين إلى المحطم الأساسي للطفل. وعندما يكون المجتمع هو الجلاد يحلل ويحرم أفراده ما استهوته أنفسهم بما يرضي غرائزهم الحيوانية، عندما يجبر الاولاد على انتهاج مناه...