البات الثاني

1.3K 66 8
                                    



ماتنسوش الايك💚
الفصل الثاني
في إحدى المدن السياحية الجديدة، اتجه جميع أفراد عائلة القاسم لحضور حفل زفاف ساجي، لم يكن حفل زفاف عادي، فقد تم التجهيز له منذ عدة أشهر، وقامت مُنى هانم  شخصيًا بالإشراف عليه، وإحضار أفضل مصممي حفلات الزفاف من خارج البلاد، لا تصدق أنها أخيرًا استطاعت أن تحقق حلمها بتزوج ابنها من ابنة خالد قريبها، جميلة عائلة الأرندلي، كما أنها تخلصت من العَلقة ابنة الحرام غسق، إنها فعلًا محظوظة ضربت عصفورين بحجر واحد.
تبتسم في سعادة لا يضاهيها سعادة، كطفل يتيم ينتظر يوم العيد ليرتدي ملابس جديدة، وهي تلقي أوامرها للعمال هنا وهناك، ساعات فقط تفصلها عن الحدث الأهم في حياتها، وقد حرصت على أن تكون معظم وسائل الإعلام على علم به، بما فيهم مشاهير السوشيال ميديا، لينقلوا أجواء الحفل مباشر عبر هواتفهم النقالة، وصفحاتهم التي يتابعها الملايين، يالها من دعاية سوف تعيد لها أمجاد الماضي بعد أن قضت سنوات في بيت المزرعة لا يعلم أحد عنها الكثير، بفضل فضيحة أخت زوجه.
دخل سراج مكفهر الوجه إلى جناح شقيقه، حيث اجتمع أبناء العائلة وأصدقائهم، تعلو أصوات ضحكاتهم لتصل لآخر الجناح، كان ساجي أكثرهم ضحكًا حتى دمعت عيناه، نظر له سراج بطريقة جعلته يبتلع  ما تبقى من ضحكته، يعرف جيدًا قرب سراج وغسق، وأنه غير راضي عن زواجه من روبي؛ طلب من الجميع الرحيل فهناك حديث طويل مع سراج تأجل كثيرًا ، ويجب إنهائه الآن قبل أن يبدأ حياته مع التي اختارها قلبه!
أغلق باب الجناح واتجه للشرفة المطلة على البحر، حيث جلس سراج يتأمل البحر من دون اهتمام ، يعلم أنه في عالم آخر.
قال ساجي بصوت رخيم: حسنًا هات ما عندك، أنت تقاطعني منذ أشهر وهذا ليس عدلًا.
صرخ سراج وقد تملكته ثورة غاضبة: عدل! وهل تعرف أنت العدل؟ أي عدل تتحدث عنه وأنت تظلم زوجتك وترميها هكذا؟ أي عدل وانت تتبجح بحب غيرها أمام الجميع وتجاهر به، من دون اعتبار لمشاعرها وكرامتها ، بل تأتي بها لمنزل العائلة لتختار جناحها في القصر، بينما هي تسكن غرفة منذ عشر سنوات  ولم تشتكي، رغم أنك تمتلك منزل لك في المدينة، ألا يكفيها معاملة أمك لها،
وقسوة جدك، وحرمانها من الأمومة لكي تذبحها بهذا الشكل وتقول لي عدل؟!
كان يصرخ لدرجة أن رقبته تشنجت وظهرت العروق بها، يعرف ساجي مكانة غسق عنده فهي اقرب لابنته منها لابنة عمته، رغم أنها لا تصغره بكثير، لكن سراج كان دائمًا الحامي لها، عكسه، ولولا معرفته الجيدة بأخيه وحبه لزوجته، لكان صدق ادعاءات والدته بأنه يحبها بل أن بينهما علاقة غير شريفة!
نفض رأسه لينفض عنها الأفكار السوداء التي طالما حاولت والدته حشوها في رأسه ضد غسق.
- خذ، اشرب.
مد له زجاجة ماء؛ فرماها سراج لتصطدم بحافة الشرفة وتنفجر تملأ المكان.
- قل لي أين هي غسق الآن؟ هل تعرف؟ هل حاولت حتى الاطمئنان عليها بعد فعلتك؟
- فعلتي أنا! هي من اقتحمت الحفل وقامت بفضحي وإهانة روبي.
ارتفع حاجبي سراج في استنكار: وهل حقيقة زواجك منها فضيحة؟
تأفف ساجي: أنت تعلم إن معظم الناس لا تعلم بذلك الزواج الذي أرغمني أبي عليه!
- حقًا أرغمك وهل أرغمك على إتمامه؟ والاستمرار فيه طوال عشر سنوات أيضًا؟
- تعرف أني لم أستطع تطليقها، خرج الكلام من فمه بنبرة لم يصدقها هو شخصيًا لكنه أكمل محاولًا إقناع نفسه أولًا ثم أخيه:
- غسق وحيدة ولا أحد يتقبلها في العائلة إذا كنت طلقتها في وقت سابق ماذا سيكون مصيرها؟ أمي وجدي لن يقبلا بها بيننا، وأبي لن يستطيع أن يقف ضدهم طويلًا، كما أن عائلة والدها ترفض الاعتراف بها، خوفًا من أن تأخذ ميراثها،  كان هذا الحل الوحيد.
صفق سراج: يا لك من شهم فعلًا يجب أن يضربوا بك المثل في الشهامة والرجولة.
كانت نظراته كلها احتقار لم يتحملها ساجي.
- فصرخ ماذا تريد مني الآن؟ أخيرًا عادت روبي هي من طلبت مني الزواج هل تعرف ماذا يعني ذلك لي؟ هل تعرف من هي روبي؟ إنها حب الطفولة الذى لم أتمنى غيره.
- وقد رفضتك سابقًا لأنك غير مناسب ودون المستوى وكالقِفل.
كانت الكلمة كالسهم الحارق الموجهة لقلب ساجي، جاءت باردة حادة مؤلمة خلل شعره بيده محاولًا نزع تأثيرها عليه: سراج فرحي بعد ساعات ماذا تريد مني؟
- أين غسق؟ أنا أبحث عنها منذ أسبوع لم أجدها، وهاتفها مغلق وهي لم تذهب إلى بيت المزرعة، هل تعرف أين زوجتك؟
ضغط على حروف الكلمة قاصدًا بها نبرة استهزاء واضحة.
- لا أعرف لكنها ستظهر، كما قلت ليس لها أحد، كما أنها ستتقبل الوضع، سبق وحدث بيننا مشاجرة، وقتها هددتني بالرحيل، قلت لها تفعل ما تريد لن تلوي ذراعي بتهديدها، بعد فترة جاءت معتذرة ولم تعدها بعدها.
اتسعت عيني سراج من هول ما سمعه: لهذه الدرجة قمت بإذلالها؟ يا إلهي هذا يفسر الكثير، لا عجب أنها هربت أرجو ألا تكون انتحرت بعد كل هذا؟
انتفض قلب ساجي من الفكرة لكنه قال ببرود مصطنع: لا تخاف لن تنتحر.
نظر له سراج مطولًا ثم قال: هل تعرف أنها حامل؟
- كذب إنها تكذب لتثنيني عن الزواج!
هز سراج رأسه في يأس وخرج دون كلمة إضافية.
وترك ساجي في حيرة! هل فعلًا غسق هربت؟ إلى أين؟ بحث عن نقاله واتصل بأحد الرجال والذي يستخدمه في معرفة المعلومات عن العمل، طلب منه أن يبحث عن غسق بعد أن أعطاه المعلومات دون أن يقول أنها زوجته
*****
دخلت سارة إلى الطبيبة النسائية للاستشارة، قبل عملية التعقيم التي قررت المضي فيها، لكن بموجب القانون يجب أن تتلقى استشارة من طبيبة نسائية وأخرى نفسية لتكون متهيئة لها تمامًا؛ كانت تعتقد أن الطبيبة ستقوم بمحاولة ثنيها عن العملية، خصوصًا أنها من أصول عربية، كما يوضح اسمها ونطقها للغة العربية بطريقة جيدة نوعًا ما، لكنها فوجئت بها تقترح عليها تجميد بويضاتها!
بنبرة حاولت أن تجعلها عادية رغم صدمتها الشديدة: ماذا سأستفيد من ذلك بما أنني لن أحمل؟ تعرفين أن العملية لإزالة الرحم والمبايض؟
أجابت الطبيبة فورًا كأنها تنتظر السؤال : يمكن لسيدة أخرى أن تحمل طفلك بعد أن يتم تلقيحه في المختبر.
اتسعت عيني سارة وخرجت منها شهقة؛ غير مصدقة لسهولة نطقها بذلك،
كأنها تخبرها بعلاج لحب الشباب وليس طريقة إنجاب محرمة شرعًا!
لم تتأثر الطبيبة بل قالت: قد يكون هذا غريب عليكِ لكنه يحدث هنا كثيرًا لقد تقدم العلم كثير..
قاطعتها سارة: هذا حرام، تعرفين أنها طريقة محرمة أليس كذلك؟
مطت الطبيبة شفتيها في ازدراء قائلة: من قال محرمة؟ هل هناك نص قرآني
بذلك؟ أو حديث؟ الشيوخ يقولون آرائهم عن جهل ليس إلا!
أجابتها سارة بصرامة، حسنًا لنتكلم بالعلم اذًا كيف يتغذى الجنين يا دكتوره؟
ردت في ملل: عن طريق الحبل السُري ما هذا السؤال؟
تابعت سارة: وماذا يتغذى من الحبل السُرى؟

غسق الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن