البارت الثالث

1.1K 50 7
                                    



الفصل بعد التعديل لايك من فضلكم
الفصل الثالث
يدور في الصالة الملحقة بالجناح كأسد جريح
بداخله اندلعت نيران لا يستطيع السيطرة عليها، لا يصدق ما حدث، ماذا يجب أن يفعل بعد أن اكتشف الكارثة.
هل اعتقدت فعلًا أنها ستفلت بفعلتها تلك؟ ماذا هل تظنه غبي ساذج لا خبرة له قِفلٌ كما لقبته سابقًا؟
لهذه الدرجة لا تراه رجـلاً، لماذا؟ كان هذا السؤال الذي يكاد أن يمزق عقله ولم يجد له جواب.
خرج من الجناح بعد أن ضاق عليه.
اتجه إلى غرفة والد روبين يطرق الباب بكلتا يديه يود أن يقتلعه، ما إن فتح والدها الباب كانت على  وجهه علامات النعاس،  لكنه تفاجأ من منظر ساجي؛ فشعره كان غير مرتب وكذلك ملابسه وعينيه بلون الدم، أما ملامحه فلا تبشر بالخير أبدًا.
- ماذا هناك؟ لم أنت هنا؟ هل حدث شيء لروبي.
كان هذا صوت والدتها الفرنسية تتحدث من خلف زوجها الذي لم ينطق حرفًا كأنه يعرف سبب غضب ساجي!
إذا كانت النظرات تقتل لمات خالد فورًا من نظرات صهره له، لم يتكلم ساجي بل ظل ينظر إليهما كأنه يستشف ما بداخلهما.
أعادت جوليا السؤال: لماذا أنت...
قاطعها بغضب يظهر جليًا في صوته: تعرفين لماذا أنا هنا، لم تنجح عملية خداعي.
قالها بكل ازدراء حتى أن خالد لم يستطع أن يرفع عينيه نحوه، لكن جوليا تابعت بصفاقة منقطعة النظير: ماذا فعلت بها؟
أزاح خالد من أمامه بيده كانه ينفض ذبابة، وأمسك ذراعها يقربها منه قائلًا بصوت جمد الدم في عروقهما: لم أفعل شيء بعد، أعدك أن أجعلها تكره الساعة التي فكرت فيها بأن تستغفلني وتخدعني.
ترك ذراعها بقوة لدرجة أنها تراجعت عدة خطوات للخلف.
اندفع خارج غرفتهما، لتذهب هي تبحث عن نقالها وهي تصرخ: المتخلف، من يظن نفسه؟ سوف أجعله يندم على ما قاله...
أما خالد لم يتحرك من مكانه فقد كان الخزي يتملكه بشدة لأول مرة منذ أن تزوج جوليا، أحس بغلطته ونتيجة هذه الغلطة فضيحة كبرى.
- تعال يا رجل ابنتك لا ترد لنذهب لها.
انتزعته من أفكاره، لم يرد، فالألم في صدره أصبح شديدًا ولسانه لم يقدر على النطق ليسقط مغشيًا عليه.
****
خرج من الفندق وهو غير قادر على التنفس لا يصدق ما حدث، كان يشك لكنه كذب إحساسه، وأغمض عينيه عن كل العلامات والاِشارات.
لماذا خدعته هكذا؟ هل حقاً ظنته لن يكتشف الخدعة؟ هل نسيت أنه كان متزوج لعدة سنوات.
أتاه صوت إياد يناديه وهو يلهث فقد اتصل به منذ أن خرج من عند روبي.
- ساجي ماذا حدث يا رجل؟ لم أفهم منك شيئًا.
بصوت مملوء بحسرة وألم ، صوت رجل ذبح، ليس صوت ساجي أبدًا: لقد خدعتني ما الذي لم تفهم في كلامي؟ لماذا لم تخبرني منذ البداية؟
قال إياد بهدوء قاتل: هل كنت ستوافق؟
جاء السؤال كرصاصه لم يستطع تفاديها!
نظر له باستنكار، لكن إياد أكمل بهدوء يحسد عليه: لا أدافع عنها، تعرف أنى لم أتقبلها بعد عودتها المريبة لك، لكن بصراحة ما كنت لتقبل بها، أعرفك أكثر من نفسي ساجي.
- وهل تلومُني على ذلك؟ هل يجب أن أتقبل خطأها كي أصبح  رجل عصري متفتح؟ هل اتقبل خطأ غيري؟ لماذا؟
- إذن عرفت لماذا لم تخبرك؟ لا تلومها.
ظهرت على شفتيه ابتسامة هازئة ثم قال: من يسمعك يظن أن روبي تأبه بالتقاليد والعادات أو حتى الدين، أنت تعرف أنها لا تخاف، هي فقط أرادت أن تكون زوجتي.
ارتفع حاجبي إياد في استغراب شديد، بدا واضحًا حتى في صوته: وإذا كنت تعرف ذلك لماذا حاربت كي تتزوجها إذًا؟ لماذا تحديت الكل وأعلنت حبك لها على الملأ؟ لماذا جازفت وخسرت والدك، سراج، وغسق!
لم يكن يسأل بل كان يضع الحقائق أمام عينيه.
- تحمل نتيجة اختيارك ساجي، ولا ترمي بأخطائك على الجميع عدى نفسك كالعادة.
لم ينطق، لم يستطع أن يرد عليه، فإياد محق، هذا خطأه وحده، ووحده سيقوم بتصحيحه بعد أن ينتقم منها.
*****
انتهت فرح من فحص المريضة، ثم أزالت القفازات الطبية، واتجهت إلى مكتبها، جلست خلفه تطالع ملفها الطبي.
أمامها كانت والدة المريضة تجلس أمام المكتب من الجهة الأخرى، وقد أتت المريضة لتجلس في الكرسي المقابل لها، بعد أن عدلت ملابسها.
- صحتك جيدة، لا يوجد لديك أي مشكلة، لكني لازلت عند كلامي، أنتِ أنجبتِ منذ أقل من ستة أشهر فقط، لا أنصح بالحمل، لم يمر على زواجك سوى ثلاث سنوات، لماذا الاستعجال لازلتِ صغيرة؟
أجابت والدتها بسرعة دون حتى أن تعطي فرصة لأحد: نريد الولد، لقد أنجبت ابنتين للأسف.
قالتها بحسرة شديدة مما جعل حاجبي فرح يرتفعان للأعلى، لازال تفكيرهم منحصر في إنجاب الولد؟!
أخذت نفسًا في محاولة لتهدئة أعصابها ولتخرج كلماتها هادئة:  يا حاجة، ابنتك أنجبت طفلتين تتمتعان بصحة جيدة وهذا في حد ذاته نعمة يتمناها الكثيرون، مسألة إنجابها للصبي في يد الله هو من يأذن به، لكن الآن صحتها لن تسمح، لا تنسي أنها مرت بحملين وولادتين ثم إجهاض في أقل من ثلاث سنوات.
مطت المرأة شفتيها بطريقة تدل على أن الكلام لم يوافق مزاجها، ونظرت لفرح بنظرة من لا يفقه شيئًا.
- نعرف أنها نعمة من الله ونحمده عليها، ولكن زوجها يريد صبي، ما الخطأ في ذلك؟ كما أن جميع نساء العائلة يحملن ويلدن كل سنة ولم يؤثر ذلك عليهن وكانت الداية عائشة من تقوم بتولديهن، كم صبي ولد على يدها إلى أن أتيتي أنتِ، فلم تلد نسائنا إلا البنات، لا أعرف من أتى بالنحس معه؟
قالتها وهي ترمق فرح بنظرات حارقة كأنها مجرمة وتم ضبطها.
اتسعت عيني فرح، كما انفرجت شفتيها لا تصدق صفاقة هذه المرأة، وقفت من على كرسها ووضعت يديها على طاولة المكتب مستعدة لترد عليها بما يليق بكلامها المسموم ، عندما دق الباب بشدة، تعرف من خلف الباب من طريقة طرقاته، تنحنحت وعدلت وقفتها ثم قالت للمرأة وابنتها: استمري في تناول الفيتامينات التي صرفتها لكي وتعالي بعد شهرين.

غسق الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن