خلف قناع السندريلا

250 24 9
                                    

مضى ما يقارب أسبوع لم ترى فيه تريمين أو أي من ابنتيها وجه سندريلا.
ظنن أنها لا تزال تحت الصدمة لدى لم يشأن إزعاجها.

لكن الفضول غزى جوف أناستازيا ذات الشعر الأحمر.
صعدت الدرج على مهل، و وقفت مباشرة أمام غرفة سندريلا.

جمعت قبضة يدها تمهيدا لتطرق الباب.
طرقة.. طرقتان.. ثلاث...
لكن ما من رد!

غريزيا سحبت مقبض الباب و دخلت باندفاع.
كانت تظن أن مكروها أصاب الفتاة الحبيسة بالداخل.
عدا أن ما شاهدته أثار دهشتها حقا.
"ماذا حدث بحق السماء؟!"

فتحت فمها غير مستوعبة للمنظر أمامها.
كانت غرفة سندريلا تحتوي أغرض أناستازيا و شقيقتها دريزيلا.

بينما اختفت أغراض سندريلا و كأنها لم تكن هنا يوما.
وقفت سندريلا أمام النافذة تنظف زجاجها من الغبار، في حين أنها كانت ترتدي فستانا بسيطا و رثا على غير العادة، فمعظم ملابسها كانت فاخرة.

لوهلة ظنت أناستازيا أن سندريلا أصيبت بالجنون، أو لنقل أنها كانت تظن ذلك قبل أن يموت والدها حتى.
لطالما حاولت التواصل معها و التقرب منها لكن سندريلا تبتعد بقدر ما تقترب منها أناستازيا.

"س.. سندريلا، ماذا تفعلين؟"
هزت سندريلا كتفيها ببساطة.
"أنا أنظف الغرفة من أجل أختاي.. كانت أمي تقول أن الأوساخ تنقل الأمراض المعدية.. و أنا لا أريد لأختاي أن تمرضا "
"ماذا..؟"
بدت أناستازيا مرتبكة و لم تفهم ما ترمي إليه سندريلا من كلامها.
"أنا أريد الأفضل لأختاي.. و هذه الغرفة هي الأفضل في كل المنزل"
قالت سندريلا كلماتها بصوت عميق النبرة، مما زاد توتر أناستازها وسط دهشتها و استغرابها.

بعد أن سلمت سندريلا الغرفة للأختين اختارت أن تقيم في العلية، قائلة أنها فسيحة الحجم و ستلائمها أكثر.
في البداية اعترضت السيدة تريمين خشية تلطيخ سمعتها و اتهامها بأنها سبب قرارات سندريلا تلك.
حتى لو كانت تعامل ابنة زوجها بجفاء و برود، فلم تكن أبدا ستأخذ غرفتها و تعذبها، كانت فقط ستتجاهلها إلى أن تكبر و تتزوج هكذا لن تحدث أي مشاكل، حتى لو طالبت بحصتها في الميراث فلن يكون نصيبها بالشيء الكثير.

مع ذلك ظلت سندريلا مصرة، قائلة أن رأي الناس لا يهمها مع أن الأمر ليس صحيحا.
كانت تستيقظ باكرا كل صباح لتعد الفطور، لكنها لا تجلس معهم بل تتناول جميع وجباتها في المطبخ.
في البداية كانت تدعي بأنها ليست جائعة، أو أن معدتها ليست بخير، بالمجمل كانت تخترع أعذارا لتتجنب مجالستهم.
إلى أن اعتدن ذلك فما عدن يسألنها الجلوس معهن، و قد استغنت السيدة تريمين عن الخادمات بطلب من سندريلا.

فقد قالت هذه الأخيرة أنها تحب الإعتناء بالمنزل بمفردها، لأنها تحاول الإحتفاظ بذكريات والدتها كما هي، و لا ترغب بأن يلوثها أحد غريبة عن المنزل.
كانت تقصد بكلماتها السيدة تريمين و ابنتيها، لكنهن فقط تجاهلن ما قالته و ادعين أنهن لم يفهمن ما كانت ترمي إليه بشكل غير مباشر.

في هذه الأثناء، و تحديدا في السنوات الأخيرة قبل بلوغ سندريلا سن الثامنة عشرة.
كانت تنشر شائعات بين العامة تظهر فيها زوجة والدها كأنها شريرة تعذب الفتاة اليتيمة المسكينة.
كما دعم بعض الضيوف الذين زاروا القصر هذه الإدعاءات لأنهم شاهدوا سندريلا تقوم بجميع الأعمال المنزلية بينما ترتدي ملابس بالية لا تليق بابنة تاجر ثري كوالدها.

لقد كسبت تأييد و تعاطف الأغلبية، كما وصلت الشائعات إلى القصر الملكي.
و مع ذلك لم يحرك أحد ساكنا، لأنهم في حاجة إلى دليل ملموس.
و طالما لم تقدم سندريلا على الشكوى، فلا يمكنهم اتهام السيدة تريمين باطلا، مع أن كل شيء واضح وضوح الشمس بالفعل.


خلف قناع السندريلاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن