الحفلة الملكية

210 23 15
                                    

مضت السنوات تركض تباعا، و لا زالت سندريلا تزور العرابة الساحرة في منتصف الليل.
و مع ذلك لم يشك بها أحد للحظة، فلا أحد يعلم بما يدور في رأسها خلف قناع البراءة ذاك.

في يوم مشمس، كانت السماء فيه صافية تحوم وسطها بعص الغيوم البيضاء النقية.
وصلت دعوة لقصر والد سندريلا.

خلال هذه الأيام القليلة القادمة، ستقام حفلة ملكية للإحتفال بالأمير و الذي هو نفسه ولي العهد.
كان الغرض من الحفلة، هو إيجاد الأمير شارل لنفسه زوجة من بين بنات النبلاء أو حتى من عامة الناس.

ففي هذا الإحتفال يسمح لجميع فتيات المملكة بالحضور.
و إذا أعجب الأمير بإحداهن فستتوج ولية للعهد بجانبه.
لم يكن أحد في المملكة يهتم ما إذا كانت زوجة الأمير عامية أو نبيلة، المهم أنها تتصف بما يلزم لتصبح في المستقبل ملكة طيبة تعتني بشعبها جيدا.

استلمت السيدة تريمين الدعوة التي تنص على حضور جميع الفتيات الموجودات في هذا المنزل.
لكنها لم تطلب من سندريلا التجهز للحفل، و ذلك لسبب بسيط.
ليس لأنها لم ترغب باصطحابها معها.
بل لأن سندريلا دائما ما ترفض حضور الحفلات في كل مرة تتم دعوتهم.
فظنت أنها سترفض هذه المرة أيضا، لدى طلبت أفضل الفساتين لابنتيها و التي تسير على الموضة تلك الأيام.
أرادت حقا أن تصبح إحدى ابنتيها زوجة للأمير كي يعشن في سعادة و رغد.

عندما كن على وشك ركوب العربة في الليلة التي أقيم فيها الحفل، خرجت سندريلا لتلحق بهن.
كانت ترتدي فستانا ورديا شبه متهالك و ذا طراز قديم.

أرادت أن تصعد العربة بجانبهن، لكن السيدة تريمين أوقفتها.
"ما هذا سندريلا؟ لماذا ترتدين هذا الفستان البالي؟!"
إذا ذهبت سندريلا بمثل هذه الثياب، فسيتم تلفيق تهمة لها بأنها تعتدي على ابنة زوجها اليتيمة، لكنها ببساطة لم تكن تفعل، لقد أعطتها بالفعل الحرية للتصرف كما تشاء و لم تجبرها على شيء.
"أوه، هذا ليس فستانا باليا.. بل إنه فستان أمي.. لقد كانت تعتز به كثيرا لذلك أردت ارتداءه"

تجادلت السيدة تريمين و سندريلا حول الفستان، فقد طلبت منها زوجة والدها أن تغيره إلى فستان أكثر ملاءمة، أو أن تختار إحدى فساتين ابنتيها، لكن سندريلا أبت ذلك و أصرت على الذهاب بفستان والدتها.

ثار غضب سندريلا بسبب إهانة تريمين لفستان والدتها فقامت بدفعها، و كردة فعل أمسكت السيدة تريمين الجزء العلوي من دراع سندريلا فتمزق كتف الفستان و طارت الزينة البسيطة التي كانت على الصدر.

و هكذا لم يعد الفستان صالحا للإستخدام حرفيا.
سقطت دموع سندريلا بألم و حسرة، حاولت السيدة تريمين الإعتذار و تفسير سوء الفهم، فهي لم تقصد فعل ذلك.
لكن سندريلا اندفعت للحديقة الخلفية حيث الدفيئة الزجاجية التي تحتوي مزروعات متنوعة، و لا زالت الدموع تنهمر بغزارة من عينيها بينما تعانق الفستان الذي ترتديه.

تأخر الوقت بالفعل، و لم يكن في استطاعة السيدة تريمين انتظار سندريلا أكثر.
فإذا لم يحظر أحد من منزلهم، ستكون تلك إهانة للعائلة الملكية كونهم رفضوا الدعوة بوقاحة.
لذلك قررت الذهاب و الإعتذار عن غياب سندريلا بكونها مريضة بعض الشيء.

بمجرد أن غادرت، خرجت العرابة الساحرة من الدفيئة و هي تحمل يقطينة كبيرة بعض الشيء.
وضعتها أرضا و بدأت بمواساة سندريلا، و أخبرتها أنها ستصلح فستانها و ستساعدها على الذهاب إلى الحفلة رغما عن اعتراض الجميع.

حركت عصاها السحرية ليتحول الفستان الوردي البسيط إلى آخر أكثر فخامة، ذو لون أزرق سماوي مع بريق مميز يحيطها.
ثم جعلت اليقطينة تتحول إلى عربة كبيرة و أنيقة، و فئران سندريلا إلى أحصنة بيضاء قوية، بينما حولت السحلية إلى سائق بملابس رسمية خضراء.
و مع ذلك حذرتها العرابة الساحرة من أن السحر سيتلاشى بمجرد أن تدق الساعة منتصف الليل.

و هكذا انطلقت سندريلا إلى وجهتها؛ و هي القلعة الملكية حيث يقام الحفل.
وصلت متأخرة و مع ذلك استقبلها الفرسان الملكيون و فتحوا لها البوابة.
بمجرد أن دخلت لفتت انتباه الجميع و من بينهم الأمير، لكن أحدا لم يستطع تمييز ملامحها بسبب السحر.
تقدم إليها الأمير شارل ليطلب أول رقصة معها، فوافقت برحابة صدر و راحت ترقص بينما تناست أمر الوقت، إلى أن انتبهت أنه لم يبقى سوى أقل من ربع ساعة على منتصف الليل.
فتركت يد الأمير فجأة في منتصف الرقصة و راحت تركض عبر البوابة، نزلت الدرج بسرعة، لكنها توقفت مجددت و التفتت إلى الخلف حيث كان الأمير يركض خلفها.

خلعت أحد أزواج كعبها الكريستالي الشفاف، و تركته على الدرج بينما أكمت ركضها و هي تحمل الزوج الآخر للكعب في يدها.
صعدت العربة بسرعة و أمرت الأحصنة بالعودة إلى البيت، لكن وقت السحر انتهى في منتصف الطريق، أو لنقل في وسط الغابة.
لذلك أعادتها العرابة الساحرة بمأمن إلى المنزل.

لحسن حظها عادت قبل السيدة تريمين بنصف ساعة.
فقد أنهى الأمير الحفلة بمجرد هروب سندريلا من القصر، لذلك عاد جميع الحضور إلى بيوتهم، و من بينهم تريمين و ابنتيها أناستازيا و دريزيلا.

أقفلت سندريلا على نفسها في العلية و أبت الخروج.
مهما حاولت السيدة تريمين محادثتها كانت تتعرض للطرد فقط.
فقررت تركها و شأنها فحسب.

خلف قناع السندريلاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن