مُـعاناه

300 29 6
                                    

مرَّت خمس سـاعات ولا تـزال صاحـبة الشـعرِ الأسـود مُـمددة على أرضِ غرفـتِها الخشبـية

تسهُب بِـبصرها في الفـراغِ بِـبرود تامْ

وجهِـها الجِمـيل مُغـطىٰ بـ كَدماتٍ زرقاء

جسدها شديد البـياض غارقٌ بِـ دِماء شديدةُ الحُمـرة.

نعم كما في كل مرَّة أصبحت تشعر أن تعذيبـها هو عبارة عن عادة يومـية لا تستطيع التخلي عنها

سَـتشعر بـ نقصٍ في يومـها إن لم يَتم إبراحِها ضربهاً بـ هذه الوحشِية

كان مِن الأفضل لها ألا تعلم بأنها ليسـت من لحمـهم
ونسلِـهم

كان من الأفضل لها أن تعيش كما كانت متوهمةٌ حتى تَـتمكن من بِناء مُستقبلـها وتحقيق ما ترغب.

تسأل نفسِها دوماً:

" لماذا لم أكن أعلم بهذا الأمر؟ ، بعد أن أترك نفسي وأترك الإعتماد عليهم كلياً .. ألـم أصبح حينـها بـ حالٍ أفضل من هنا ؟! "

ربما لو أنها علمت بعد خروجـها من المنزل وبدأِ الـعيش وحدِها معتمدةً على ذاتِـها

لِـما تلـقت هذا العـنف و عُـذبت لِـ أكثر من أربـعِ سنوات متـتالِية .

كانت في السابع عشر من عمرها عنـدما بدأ كل هذا ، رأت ما يجب أن لا تراه مبكراً .

إستجمـعت قِواها وحاولت النهوض فور سماعِها لِـ صوت نباحهِ ، إتكـأت على تِلك النافذة الكبيرة لـِ تفتحَها بـِ بطئ

حالما سقطت عيناها عليهِ إبتـسمت تلوح له

لم يكن هناك من يواسيـها سِوى كلبِ جيرانها الأبيض!

لا تعلم سـبب تعلقها به، رغم أنها لا تراه سِوى مِن نافذتـها

لم تلعب مَعه يوماً أو حتى قامت بِـ لمسِه

وهو أيضاً بـِدورهِ كان متعلقاً بهـا كثيراً، فـ عِند كل منـتصف ليلٍ يَخرج إلى حديقـة منزلهِ و يقابل شرفـتها ثم ينبح نِداءاً لها فـ تسرع إليهِ و تبقى تحدق به مبتسمتاً، ومن ثم تودعهُ بـ إرسال قبلات طائرة، فـ ينـبح هو بدورِه مودعاً لها.

أغلقت نافِذتها متوجهةً إلى الحمام بعد أخذ منشفه وقميصِ لـ النوم

دخلت بين المياه الشبه ساخنة بـ صعوبةٍ طفيفة بعد أن غسلت شعرِها وأصبحت تفرك جسدها وتنظفه من الدماء برفقٍ.

هذه المرة إكتفو بـ جرح مِعصمها وكتفها الأيمن وما تبقي من جسدها فكانت الكدمات تزينه.

***

عِند تمام الثالثة فجراً إنتهت من الإستحمام وتعقيم جروحِها وإستقلت مباشرة على سريرها ونامت بعمقٍ.

***

في التاسعه صباحاً إستيقظت إثر قدوم هذا الفتى الصغير الذي من المفترض أنه شقيقـها، و لكِنه ليس كذلك.

تحسس وجهِها بأنامِله و عيناه تكاد تخرجان من مكانهِما

إبتسمَت تمسد على شعرِه برفق عِندما رأت دموعهِ التي بدأت بـ التساقط رافِضاً التوقف.

هي تحبه كثيراً كما هو يُحِبها، لم تنسى محاولاتهِ في الدفاع عنها رغم أنه طفلاً ولم يـتجاوز السابعة بعد.

نهضت بعد أن أخبرها أن والِدتها تريدها

  إتجهت إلى المَطبخ بعد أن مـشطت شعرها وبدَّلت ملابِسها.

إستقبلتـها بـ إبتسامة الوالِدين و لَـكنها بـالتأكيد لم ترسم نِصف إبتسامة حتى.

خاطبتـها الجالسة وهي تشير إلى كوب القهوة :

"إجلسي وتناولي إفطارك لقد أعددت لـكي القهوة التي تحبينها بـ يدي"

إستكمل هو الآخر بِجانبها بـ صوت خشِن :

"نحن نعتذر عمّا بَدر منَّا ليلة البارحة .. آسفون حقاً على تشويه وجهَك الجميل يا إبنتي"

إبتسمت تنظر إليهما بـ سخرية، ثم جلست على المائدة و بـدأت بـ شرب قهوتِـها دون نطقٍ.

ثم أخذت تفكر:

- إنها تجهل حقاً سبب إنفصام كِلاهُما الغريب في كل يوم

إنها متيقنة أنهما ليْسا طبـيعيان مطلـقاً!

يضربونـها بـ وحشية في الليل، ويعتذران منها و يعاملونـها بـ لُطف في الصباح!  -

الأمر مضحك بـ النسبة لها، وما كان يضحِكها أكثر هو أن ذلك الرجل يخاطِبها بـ ( إبنتي ) وهما يعلمان أنها ليست إبنتهما وهي تعلم بأنها ليست كذلك.

"إذا لـماذا كل هذا؟"

تسائلت في نفسـها، إنها تـتلقى التعذيب بسبب أنها ليست إبنتهم وهذا تماماً ما يقولانِه لها في كل مرة يكسران باب غرفتِها ويبدآن بتعذييها بلا رحمة.

لكن لِماذا لا يطردانـها فقط من المنزل بدلا من هذه المعاملة الغريبة؟.

هي لا تنكر كونـهم يوفران لها ما تريد من ملابس و مقتنـيات باهِظة الثمَن وأنها إعتادت على العيشِ بـ هاذا الرخاء

لكنها تجهل سبـب فِعلـهما هذا، ولم تتمكن من تغيير ما يحدث هي لا تريد هذا الثراء لأنه بـ النسبة لها مزيف كلياً، أصبح كل ما يدور في ذهنها هو لماذا وألف لماذا.

****

لا تنسو

_ ڤوت _

الـلامَـنـطِـقـية - JKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن