١٧. يمكنني أن أحررك

37 8 14
                                    

حينما رن الجرس مُعلنًا عن موعد استراحة الطعام سحبت ريڤين صندوق طعامها الأسود من حقيبتها السوداء تتوسطها رسمة تعبيرية لجمجمة باللون الأبيض وكالعادة اتجهت نحو المرحاض، أظن أن الأمور ستتبع هذا المنوال حتى انتهاء الفصل الدراسي.

بينما هي تهرول نحو المرحاض سريعًا كي لا تُتيح لأحدهم فرصة مضايقتها انتشلتها ضحكات مألوفة هزت كيانها وشتتها عن هدفها وأفكارها.
التفتت ببطء كي لا يلاحظها صاحب الضحكات لأن هذا آخر ما ترغب به وكان كالمتوقع

أيان.

شعره البني المُصفف بمثالية وعيناه تُغازل الفتيات في الذهاب والإياب، بسمته الساطعة لا تزال تعلو وجهه
ما اختلف هو أنه خلع قناع البراءة عن حقيقته اللئيمة.

هذه المرة الأولى التى تراه ريڤين بها بعد أسبوعين من الواقعة، أسبوعان لا أثر له والآن قرر أن يظهر.
ها هو حي يُرزق من الواضح أنه في ذروة سعادته فملامحه الهادئة وبشرته الصافية توحي أن ما فعله بها لم يشعره بالذنب أو يزعج نومه.

على الناحية الأخرى نفسيتها المُهترئة خلَّفت بعض الآثار والحبوب على بشرتها وصبغتها بالشحوب والإعياء
كم من المخزي أن يراها بهذا الحال وهو من يراه يحسب أنه لم يعاهد ثقال الأيام قط.

حالتة الصحية السليمة وشعبيته أشعلت فتيل الغيرة بداخلها، لمَ هم بأحسن حال وهي تعاني بسببهم؟ لمَ لا يعانون كما تفعل؟
ألن يكون مثيرًا أن تراهم يعانون كحالها؟

استفاقت من شرودها بعد طرح سؤالها الأخير لتستنكر من ذاتها، حينما عاودت استراق الأنظار وجدت أنه كان يراقبها ببسمة خبيثة بينما يُحادث أصدقاءه فتوترت ومضت نحو المرحاض.

كم من صرخة شجية ودت أن تصم آذانه بها، لكنه لن يهتم.
وكم من جمل العتاب التي ودت أن تلقيها على مسامعه، لكنه لا يستحق.
على كلٍ لا جرأة لها لتعاتبه ولا رغبة له في سماعها.

انتحبي يا صغيرة بمفردكِ انتحبي، انتحبي بالمرحاض ككل مرة انتحبي، انتحبي على فراق أشخاص لم تلاقيهم، وانتحبي على زمن لن يعود انتحبي.

***

صفعت باب غرفتها خلفها بينما وجهها شديد الحُمرة وحدقتيها تحتبسان الدموع فوجدت ليليث بالفعل حاضرة بانتظارها ولسوء الحظ لاحظت أنها تبكي أو كانت تبكي.

«أكنتِ تبكين؟» استنكرت ليليث لتتحاذق ريڤين
«ماذا ترين؟» تنهدت ليليث واستطردت
«لمَ تبكين؟»

مسحت ريڤين عبراتها عن وجهها الذي لا يعكس الحزن بل الغضب، الغضب الشديد.
لم تجيبها وأخذت تحدق في اللاشيء عن عمد مُتهربة من الحديث معها، وهذا على الأرجح لأنها لا تثق بها.

«بربك، لمن سأشي بكِ؟ تحدثي.» حثتها ليليث مجددا لتجيب بنبرة باردة
«لا أهاب الوشاية.»
«ولن أحكم عليكِ، أعني انا لست في منصب يُتيح لي الحكم عليكِ نظرًا لكوني عالقة في مرآة لعينة.» قهقهت على حالها باستخفاف وهنا قررت ريڤين أن تلقي ما بجعبتها، ليس لأنها أكدت أنها لن تحكم عليها بل لأن فاض بها الكيل.

إحذر إنعكاسك ¦ متوقفة مؤقتًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن