^Ch.5^

1K 91 51
                                    


إنعقدت في السماء ظلة سوداء ، و احتجب قرص الشمس المنير و تلفّعت الهضاب و الجبال برداء أبيض من الضباب

ما لبث أن قصف الرّعد قصفا شديدا دوت به أرجاء المدينة الهادئة ،  توجد الإمكانيات المتوفّرة ، لكن أبت أيّ قطرة مطر أن تهطل

تربّعت إيريا على الأرض المائلة ، كفّيها يتحسّسان الأعشاب الشّبه الجافّة الجالسة فوقها

رفعت رأسها نحو السّماء المكتسبة لحلّة رمادية داكنة ، كم تمقت الأجواء الخانقة مثل هذه

أخذ بؤبؤ مقلتيها بالضيق شيئا فشيئا إلى أن كاد يختفي كما حصل مع لمعة الحياة فيهما

أخذ وعيها لا إراديّا -نتيجة السكون المخيّم هناك- بالرّجوع للأعماق ، أين تخلّت عن ما يجذبها نحو الإكتئاب

هبّت نسمة دافئة ، ساهمت في جعلها تذكر مرارة النّسيم الحارق في تلك اللّيلة القرمزية

إن كان ليلا ، يعني أنّ اللّون القرمزي الذي غطّى المكان لا يعود لغروب الشمس
و إنّما يعود لألسنة لهب غاشمة إلتهمت من البيت ذي الطراز التقليدي إلى أن شبعت ، و تركت خلفها رمادا تماما كالسّحب الدّاكنة هنا

إنّ ما يؤلم في الأمر ليس فقط فقدانها للملجئ الذي ولجته و وقاها من قسوة الخارج لمدّة تزيد عن العام و النصف .

بل تحوّل الذي إستقبلها في بيته بصدر رحب ، من تعلّقت به ، من علّمها و جعلها قادرة على فهم اللغة الرئيسية في هذه البلاد ، من أطعمها و أشربها ، من إهتمّ بها و لقّنها من دروس الدفاع عن النفس ما يكفي ليجعلها مقاتلة رائعة .. إلى قطعة بشرية متفحّمة

ضمّت ركبتيها إلى صدرها ، ملامح الجثث على وجهها طاغية
إنّها تفتقده و بشدّة ، عام و نصف فقط كان كفيلا بجعلها تتعلّق به بصدق
لكنّها فقط من نجت ، توقن أنّ عليها الاستمرار قدما في حياتها لكن فقط الأمر موجع بشكل لا يصدّق

إزداد وزن كتفها دون سابق إنذار ، أمالت عينيها للجانب و لم تحرّك من جسدها شبرا ، لكن البؤبؤ قد عاد لحالته الإعتياديّة مع وميض الحياة
"لاتذهبي بعيدًا"

تكلّم الحاضن لها من الخلف و المسند لذقنه على كتفها بهدوء مريب ، ابتسمت فقط لتجيب "لن يحدث ذلك ، إذا ؟ مابك ؟"
سألته بنبرة مرتاحة و لم تتلقَ الإجابة بسرعة ، بدى أنه يفكّر في صياغة ما في باله

حدّثته ثانية ، هذه المرّة ببعض التحذير "تعلم جيّدا ما سيحصل إن كذبت "

"أنا قطعا لن أرغب في ألّا تكلّميني لشهرين !" علّق بطفولية على رفضه لمَ قد يحصل لو حدث و أخطأ
قهقهت لردّه منتظرة الجواب منه عن سؤالها في البداية

حلّ السكون لبضع دقائق ، الإثنان على وضعهما السابق ، و أخيرا قرّر التّصريح لما في جعبته "أنا خائف" صارحها بقوله فردّت مبتغية إزعاجه قليلا "مايكي المنيع يخاف ؟ أخبرني من ماذا حتى أنشرها و أكسب الكثير "

وَلَه البِيُونِي/𝑴𝒂𝒏𝒋𝒊𝒓𝒐𝒖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن