الفصل الثاني
حولت بصرها تجاه صوت طفولي يتحدث بأسف دلكت موضع الكدمة التي أصابتها وتركت دفترها جانبًا وأخذت الكرة واتجهت صوب الشرفة المجاورة لهم ومازال صوت الطفل يعتذر وكأنه على وشك البكاء:
احنا آسفين يا طنط والله مكنش قصدنا تيجي في حضرتك والله آسف، هي وجعتك يا طنط.ابتسمت على براءة وجمال هذا الطفل بعينيه العسلية وشعره البُني ووجهه الأبيض وخدوده الممتلئة قليلًا انه لطيف حقًا، اقتربت أكثر من حافة الشرفة واستندت عليها بزراعيها:
ولا يهمك يا حبيبي حصل خير الحمد، لله، وهي موجعتش أووي يعني، بس قولي أسمك إيه بقى.
تبسم لها في براءة وسرعان ما نسى أمر الكرة:- أنا اسمي آسر عاصم يا طنط وحضرتك.
ردت له ابتسامته الرائعة وتمنت لو تأخذ هذا الطفل في أحضانها وتقبل وجنتيه، لطالما أحبت الأطفال:
الله اسمك جميل أوي يا آسر ، أنا بقى يا بطل اسمي تاج.
ظهرت علامات الحيرة على وجهه واخذ يحرك سبابته على جانب رأسة علامة للتفكير، ثم نظر إليها بعين متسعة وابتسامة واسعة:- تاج تاج اللي بتلبسوا الملكة على شعرها صح يا طنط.
تبسمت بإتساع وأومأت له ثم مدت يدها بالكرة طلبت منه الرجوع للخلف قليلًا حتى لا يصيبه الأذى ويتثنى لها رمي الكرة في الشرفة، وما إن رمتها حتى اتسعت عينيها وأدارت وجهها وفرت هاربة لغرفتها كمن تلبسته الشياطين.....
***********
قبل قليل في الشقة المقابلة لشقة يوسف كانت تعج بالأصوات ، جلبة هنا وهناك فاليوم هو يوم تجمع العائلة ولكنها ولأول مرة يكون التجمع ببيت العم فريد الأخ الأصغر للسيد سيف الدين المالكي فعادةً التجمعات تكون ببيته باعتباره بيت العائلة وشقة والده مازالت بها فيلتقون بها كل جمعة في جو أسري يملئه الدفء،
حرصين على صلة الرحم فبها يقوى حبل الود ولا ينقطع أبدًا.يجلس سيف الدين و فريد في الردهة يتسامرون في سير العمل فهم يمتلكون سلسلة محلات عطارة، بينما الشباب يجلسون في غرفة الجلوس حتى يتركوا للبنات حرية التنقل دون خجل، البنات بإشراف من سعاد يعملون على قدم وساق كي يعدوا المائدة فهم تأخروا قليلًا عن موعد الغداء.
عند الشباب يتحدثون قليلًا في أمور عدة ويضحكون على ذكريات كانت تجمعهم، قطع استرسالهم في الحديث هاتف عمران الذي أخذه وتوجه للشرفة، لكن لسوء حظة اصطدمت الكره برأسه فأخذ برهة يستوعب ما حدث ومن أين جاءت؟ نظر حوله للشرفة المجاورة في حنق فلمح طيف يهرول داخل الغرفة لم يتبين له من الفاعل فما فعل ذلك فر هاربًا ، نظر لآسر الذي يضع يده على فمه كاتمًا أصوات ضحكه، ابتسم على فعلته تلك دنى منه قليلًا يربت على شعره ويسأله:
-بتلعب مع مين يا آسر وبيحدف لك الكرة من البلكونة التانية.
رد عليه الطفل ومازال يضحك:
-لا أنا مكنتش بلعب مع حد إحنا كنا بنلعب أنا وخديجة وأنس بس وأنا بحدف لهم الكرة جت في طنط تاج وخبطتها في دراعها فأنس وخديجة خافوا ومشيوا وأنا وقفت اعتذر لها، وهي بتحدفها تاني جت في حضرتك.
قال جملته الأخير واطلق لضحكاته الطفولية العنان، أما الأخر فظل يردد الاسم "تاج " اسم غريب لكنه جميل، نفض افكاره، حانت منه التفاتة لتلك الشرفة ثم نظر لهاتفة مرة اخرى وأعاد الاتصال وظل يتحدث كأن شيء لم يكن.
أنت تقرأ
وميض الحب
General Fictionوما الحب إلا اتقاء الله فيمن نحب، نشعره بالأمان فتكون له السكن والسكينة♥️🌸 اجتماعي رومانسي بطابع ديني