الفصل الرابع: أنا هنا لأبقى

11.3K 551 1.6K
                                    

"أنا أحبك لأن الكون بأسره تآمر ليساعدني في العثور عليك"

-باولو كويلو-

**

هبط الصبي الأشقر على الأريكة وهو يقرأ رسالة جونغكوك مرة بعد أخرى حيث علقت عيناه على كلماته دون أن يستطيع ازاحتهما.

"اشتقت لك جيميناه.. انتظرني..أنا قادم إليك".

أفكاره المتسارعة أصبحت تسابق ضربات قلبه المجنونة.. كانت آري تداعب قدمه قبل أن تقفز إلى جواره وتطالبه بالاهتمام بها لكنه لم يستطع التركيز على أي شيء عدا عن تلك الحروف السوداء المطبوعة أمامه.

جونغكوك مشتاق لي.. هو سيأتي لرؤيتي.. جونغكوك لم يتركني.. هو سيبقى بجانبي..

شعر بالجفاف في حلقه والانقباض يستقر في معدته.. صدره ثقيل بأنفاسه المتكسرة وراحتيّ يديه أصبحتا متعرقتين.. هيونغ قادم.. كرر لنفسه وابتلع بصعوبة.. نظر حوله في أرجاء غرفة المعيشة ثم أعاد عينيه القلقتين إلى آري.

"أريا". قال بصوت مرتعش. "ماذا سأفعل؟ هيـ..هيونغ قادم إليً.. هو لم يتخلَ عني!". رمشت قطته في وجهه قبل أن تمرر لسانها الصغير لتلعق يده. "عليّ.. عليّ أن أرتدي شيئاً لطيفاً، أليس كذلك؟ عليّ أن أكون جميلاً له، أريا.. هو.. هو يريد رؤيتي". قال وهو ينهض على قدميه فجأة لينطلق مسرعاً نحو غرفة نومه ويفتح الخزانة.. كانت عيناه تبحثان بشكل محموم بين ملابسه بينما يخرج القطعة تلو الأخرى ليرميهم على السرير أمامه كي يستطيع الاختيار من بينهم.

كان يجرب كل واحدة منهم وبدأ يشعر بالإحباط يتسلل إليه لأنه لم يستطع الاستقرار على ما يريد ارتدائه.. جونغكوك سيكون هنا خلال وقت قصير وهو لايزال يتجول في غرفته بسرواله الداخلي وكأن قلقه وتوتره من رؤية الصبي الآخر لم يكن كافياً لتأتي الملابس أيضاً كي تزيد من اضطرابه.

زفر نفساً مستاء من نفسه وأمسك ببنطال جينز أسود وقميصاُ صوفياً أبيضاً فضفاضاً ليرتديهما على مضض.. نظر الى نفسه بالمرآة من جميع الاتجاهات وقد قطب حاجبيه لأنه لم يكن راضياً تماماً عن نفسه.. حسناً. -ليس وكأنه سيرضى عن نفسه على الاطلاق- أخرج تنهيدة منهزمة وحمل أري ين يديه قبل أن يخرج من بيته لينزل درجات السلم نحو المكتبة.

مشى نحو الواجهة الزجاجية وعيناه تراقبان العالم الخارجي من خلفها.. جلس على المقعد سارحاً بالغروب الذي يلوح في الأفق أمامه.. عيناه كانتا تأخذان مشهد أوراق الشجر التي تفترش الأرض بألوانها المتناغمة.. مشهد كل أولئك السائرون بستراتهم الصوفية ومعاطفهم الطويلة وتعابير وجوههم المبتسمة الهانئة وهم يعودون من أشغالهم لينعموا برفقة عائلاتهم.

ليالي الخريفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن