تساءلت مؤخرًا في لعبة الأقنعة الشهيرة والتي تصاحب هذه الأيام التي تدعي بـ "هالوين" حيث ماذا لو كان الشخص يرتدي قناعًا لكن بدلا أن يظل يرتديه يوما واحدا أن يظل عالقا بوجهه طيلة العام، وتحديدا أمام الآخرين، أظنه سيبدأ وجدانه بالتبدل، عوضا أنه كان يستمتع بارتدائه إلى كرهه الشديد له، وعلى الرغم من أنه أصبح يتعامل الجميع على أساس أنه شخصية القناع بعدما صار جزء من مظهره، لكن هل ستغير شخصيته؟ هل سيكون لقناع السلطة على فرض مساحة من شخصيته و المشاركة في إصدار إطلالتها و لعل يكون من أبرز صانعيه؟
ما أتكلم عنه الآن لم يعد ذلك عن قناع الخارجي، وإنما عن قناع داخلي خفي يتمثل في إدعاء أو إخفاء ما يخالف نفسك -على فرض انك تعرف نفسك جيدًا-قد تخطر لأي شخص أن الأقنعة لها مسميات مختلفة ومنها أنه منافق، مخادع، براغماتي الخ، إلا أني أرى أن الأقنعة لها مفهومها الخاص بعيدا عنهم.. أن يرتدي قناعًا فقط ليجاوز ما يصعب بدونه، موفقا، فترة، أشخاص، أن يظلم نفسه -بشكل أو بأخر- في حقها في الوجود و يطمسها، من أجل شيء ما، قد يكون أهم منها. كمن يدعي عدم استيائه بمعاملة والدين أسلوبهم سيء و محبط و سلبي، و كمن يعامل آخرين ليسوا لهم عليهم سوى ما تحمله الكتب في الجامعة، فيصادقهم مجاراة للمرحلة رغم معرفته أنهم ليسوا جدرين بأي ثقة، و كمن يحيطه أناس وآخرين لا يفهم من منطقهم وطلاسم اهتماماتهم من شيء، فيبادر حينها بدل من تعقيد و تجنب عن تعبير عما يجتليه، أن يسلك الطريق الأسهل والأسلم للجميع -ما عداه-
القناع تسليك الحياة، لعدم فعل ما يؤذي أحد، لمجاراة فترة طويلة من الأذى النفسي ممن حولك، يخضعك للامر الواقع و تتعامل معه بابتسامة عريضة تحمل كل معاني الزيف. الأمر مرهق للنفس ويكلف الكثير من الطاقة بداخلك، لا ترى لا تشعر بالأمان مع أحد لتظهر له داخلك الحقيقي. وعندما حاولت أن تريديه لأحد. فقد هويته معك، تساءل أحقًا هكذا؟ وتبدلت الوسيلة معك، وهنالك من اريته نفسك فلم يفمهها و ينسى، ولم يدرك أنه كان شخصاً فعلت الكثير من الشجاعة لأجل أن يراك. وكانت نتيجة مخيبة
قناع وُجد من عدم ثقتك بالآخرين، وبنفسك من عدم شعورك بالأمان معهم، يشعرك بالوحدة ويثقل من معرفة ذاتك، سؤال من انت، يصبح مبهماً بالنسبة لك.
قناع بدأ إضطرارا وانتهى اقنناعًا.
انتهى بأن لا سبيل من فهم الآخرين و دوافعهم، وخلف القناع تكمن مساحات واسعة لجدران من الزجاج والثلج... ترى فيها الآخرين بشفافية ولا يدركون أنهم بمسافة بينك وبينهم أبعد من قد يعرفوا. تبقى هنالك بين تلك الجدران أجبن وأضعف من أن تؤمن بأحد مجددا.و أما لو أصبح القناع الداخلي معك طيلة الوقت، قناع تعامل به الجميع، مثل ذلك الرجل الذي يرتدي قناع الهالوين طيلة الوقت. ستفقد مع الوقت هوية ذاتك وتنسى كيف كانت، سيصبح القناع جزء من شخصيتك الذي يتعارف عنها لك الآخرين ولو ظاهرياً -لو كنت تستعمل فقط قناع واحد-
ولذلك عندما تصل لمرحلة القناع لا يتجزأ منك،
سيقولوا الناس عنك عنك أوصاف القناع، أوصاف ملامح وتجاعيد القناع الدقيقة، وقد يقولوا: "أنت لطيف" وعلى خلاف الطبيعي أن تؤلمك هذا النوع من الأوصاف، لأنها في صميمك أنها ليست لك، وإنما فقط مدح لمدى براعة القناع و جودته.بعدما تأقلمت مع قناعك، و فقدت نفسك لكن اكتسبت بعض من علاقات الهشة لهو جوهر تلك النتائج التي تحدثها الأقنعة.
الأقنعة أمر ضروري بحياتي رغم ألم ارتدائها، فأنا لا أريد أن أقع في أخطاء وقعتها عندما وثقت و قربت البعض مني، لا أريد ان أضع حقيقيتي أمام أحد ولا يفهمها، سأكتفي بنفسي تقبع خلف تلك الأقنعة التي تلقى رواج وطلب من الآخرين.
عندما ترتديها دومًا تعتاد على ألمها و ثقلها على كاهلك، تعتاد على أوصافها حتى تبرع في الإدعاء بها، و تعتاد بها مع الآخرين. وبمجرد احترافها سيصبح أمر نفسك مصيرها تحصيل حاصل.
تذكرت ما قاله هاياتو عندما احترف الأقنعة عالجميع وكان اكثرهم شعبية ( في عمل Yahari ):
When you pick the only option you have to choose from, can you really call that your own decision?