الفصل الثالث

103 10 64
                                    

"أذا أردت أن تفهم شعور الأعمى و ترى ما يراه ولو لبضع ثوانٍ... غطي إحدى عينيك بكف يدك و اترك العين الأخرى مفتوحة... أجل تماما... سترى الفراغ"

🌿 🌿 🌿 🌿 🌿 🌿

يقولون أن المخاوف تتحقق ما إذا فكرت بها لمدة طويلة حتى يدمنها عقلك الباطني، فتسعى دوما لتجاوزها و الإبتعاد عنها أو حتى نسيانها، لكن التجاذب يحصل فتجد نفسك داخل متاهة... متاهة كبيرة بحجم دنياك لا مفر منها، و مهما سلكت من طريق تجد نفس النهاية التي تخشاها دوما، و التي تزور عقلك مرارا و تكرارها حتى ادمته و تربعت بين شقوقه المتقرحة... فتكون بين خيارين أفضلهما مرٌّ سام كالعلقم، إما أن تجلس في مكانك تحتمي داخل قوقعتك الوهمية و تظل وحوش خواطرك تنهشك و تتلاعب بعقلك حتى تستسلم لها، أو تتقدم فتواجه مخاوفك بأبسط أسلحتك و قواك خائرة كانت أم مشحونة.... إما غالب أو مغلوب..

لكن... أن يكون الماضي بأبشع أقنعته يلعب معك بأشخاص ترتعب لمجرد ذكر اسمهم أمامك... فهذا هو الجحيم بعينه.

" دانيل.. دانيل عاد يا إيليا، لقد وجدني"

هي جملة واحدة فقط كانت كافية لقرع ناقوس الخطر في قلب و عقل إيليا.. كما كانت كافية لإخراج آستر من حالة الصدمة، إلى حالة هستيريا حركات و كلمات...

كانت آستر تختض بشكل مفزع بين أحضان إيليا بينما تتشبث بها..
تجمدت أطرافها و انقطع تنفسها إلا من شهقات معدودة..
لتهمد حركتها فجأة و يثقل جسدها على ذراع إيليا المنتحبة، فعلاَ صوت بكائها وهي تهز آستر بقلب يتفتت حزنا وخوفا عليها..
" آستر حبيبتي أرجوك لا تحرقي قلبي عليك، استفيقي أرجوك" من بين دموعها المنهمرة و شهقاتها المتكررة كانت تحاول إيقاظ آستر..

و عندما طال الوقت و محاولاتها فشلت دب الرعب و الجزع في كل خلية منها، فسارعت تحمل هاتفها متصلة بالوحيدة التي تحمل رقمها لمساعدتها... هيذر.

*******

قبل قليل
(فيلا التهامي)

شمس النهار الدافئة أضفت جوا منعشا مبددا لقليل من برودة الطقس الشتوي..

و كانت فرصة رائعة لتستغلها عاليا في الجلوس في حديقة الفيلا تتنغم بأصوات العصافير الصغيرة على أشجار الفاكهة المتفرقة هنا و هناك..

أخذت نفسا عميقا تنظر نحو الخادمة في زيها الرسمي تتقدم و في يدها كوب كبير من القهوة.. كما طلبت قبل قليل..
استلمته عاليا منها بابتسامة شاكرة " شكرا منى"

ابتسمت لها منى مجاملة قبل أن تعود أدراجها نحو المطبخ بسرعة فتتركها لتستمتع بالطقس الصافي هذا اليوم...

  ثمار الماضي  || FRUITS OF THE PAST حيث تعيش القصص. اكتشف الآن