تزوج والداي عن حب كبير بعد إتمامهما المرحلة الجامعية ، كنت طفلتهما الوحيدة ، مدللة و محبوبة ، و كان منزلنا يفوح بعطر الحب و الحنان و الدفء العائلي ، إلى أن أتى ذلك اليوم ، عندما كان عمري سبع سنوات ، وبالضبط ، في يوم عيد ميلاد والدتي ...
وقع حريق عظيم في المبنى المجاور لبيتنا الصغير ، لم يسلم منه أي شخص كان داخل المبنى ذلك ، أو بجواره ، و حتى منزلنا ...
كانت أمي ترتب مائدة العشاء في المطبخ ، بينما أنا و والدي نقرأ قصة ما في البهو ، و فجأة سمعنا صوت انفجار صارخ ، ارتعدت له القلوب و جفت له العروق ، و ماهي إلا ثوان معدودة ، حتى رأينا ألسنة اللهب تحيط بالبهو ، و مصدرها باب المطبخ .
والدي تصلب من وقع الصدمة ، لكن كان عليه فعل شيء ما ...
~~~~~~~~~~~~
يوم الحريقأحاطت النار البهو بأكمله بسرعة فائقة ، لاحظت أن والدي لم يعد يتحرك ، بل نسي حتى أن يتنفس ، قلت بصوت منخفض مرتجف و عيناي تذرفان الدموع :
" أبي "
حينها فقط انتبه والدي و استوعب أن عليه فعل شيء ، خطا خطوة واحدة في اتجاه المطبخ ، حيث والدتي ، لكني أمسكت بيده و قلت مجددا:
"أبي "
حينها حملني بين يديه ، و اتجه ناحية باب المنزل ، لكننا -نحن الاثنان- لم نسلم من حروق تلك النيران ، بكيت بصمت عندما شعرت أن جلد يدي اليمنى يحترق ، رفعت رأسي لأجد والدي صامدا يحاول إخراجنا من هناك وسط كل ذلك الضباب الأسود .
ما أن ابتعدنا خارج باب المنزل بخطوة ، حتى سمعنا أصوات الناس تتهاتف ، و لا أحد يمكنه فعل شيء ، غير الاتصال بسيارة إطفاء الحريق التي - من المؤكد - ستتأخر إلى أن يحترق ما سيحترق و يختنق من سيختنق ...
وضعني والدي بين يدي شخص ما ، لكني تمسكت به رافضة أن أتركه ، نظر إلي بعيني دامعتين ، فقلت له :
" أمي ؟؟"قبلني على جبيني و قال :
" صغيرتي ، أنا و والدتك نحبك جدا ، لا تنسي ذلك أبدا ، اتفقنا ؟"
ثم تركني هناك و رأيته يذهب وسط تلك النيران لإنقاذ والدتي ، و هتافات الناس التي تحاول أن تقنعه بعدم الدخول ، لكن ذلك بدون جدوى ...
~~~~~~~~~
قيل لي بعدها أن والدي أخرج جثة والدتي هامدة ، ذهبت روحها إلى السماوات ، ثم بعدها نُقِل أبي إلى المستشفى لعلهم ينقذونه ، لكنه توفي بعد يوم كامل في مركز الإنعاش .
أنت تقرأ
عفاف
Romanceعفاف تلك الفتاة التي كتب لها القدر أن تتيتم منذ صغرها ، فجأة وجدت نفسها فتاة بالغة ، على عاتقها مسؤوليات عدة و أواجبات لامتناهية ... بل و مالم يكن في الحسبان ، أن تفقد بصرها هو الآخر ... التقييم : #1 في "غنى" #1# في "إيطاليا" القصة من كتابتي أنا م...