Prologue (2)

687 31 12
                                    

بعد أيام معدودة تقل عن الشهر ، أتى يوم العرس .
اليوم الذي سأزف فيه لشخص لا أحبه و لا أعرفه حق المعرفة ، فقد التقيت به و تكلمت معه مرات قليلة أثناء فترة الخطوبة ، كما أنني لست متحمسة للتعرف عليه ، لكن مصيري و بقية حياتي ستكون معه - هذا ما كنت أفكر به حينها ، أما الآن . . . -

أقيم العرس الذي حضر فيه عائلة جلال و بعض أصدقائه ، و من طرفي أنا كان أبواي و رباب التي كانت تحلق في السماء من شدة الفرح لزواجي ، لأنها ستتخلص مني - كما قالت- و بدأت تضع مخططاتها لجعل غرفتي مكتبا خاصا بها .

أما بالنسبة لكمال ، فهو لم يحضر ، و الغريب أنه لم يأتي كما كنا ننتظره مسبقا .
و ما أثار قلقي و حزني هو عدم اهتمامه ، كأني لست أخته و لا أعني له شيئا .
وها أنا أتزوج و لم تسنح له الفرصة للتعرف عن زوجي و لا عن البيت الذي أرحل له .

في طريقنا إلى ذلك البيت المتوسط ، حيث يقطن جلال و عائلته ، كنت أبكي بصمت و دموع حارقة ، ذلك الوشاح الأبيض يغطي وجهي ، و أشعر كأنه كفن يغلفني و أنا ذاهبة إلى قبري .
و بما أن الطريق بين بيتي و بيت جلال - بيتي الجديد - لم يكن بعيدا إلا ببعض المترات - فكنت سائرة على قدماي بكعب متوسط الطول ، و رجلاي ترتجفان ، و لا أحد يرى دموعي .

كنت أقوم بإلقاء نظرة ضبابية خفيفة على من حولي ، فأجد أمي تبتسم ، و أبي يتحدث مع والد جلال و يبتسمان ، رباب تزغرد و جلال جد فرح .

و ها نحن وصلنا أمام بيت جلال

~~~~~~~~~~~~
بيت جلال

وصلنا أمام البيت ليقف الجميع ، وقفت بدوري أنتظر ما سيحدث الآن .

اقترب أبي ماجد إلى أن صار أمامي ، ثم قال :
" هذه ابنتي و ستبقى ابنتي مهما حدث ، صحيح أني لم أنجبها لكني ربيتها و كانت وستبقى طفلتي أبد الدهر ، اليوم أزفها لك جلال ، و ستحبها و تعاملها كأميرة عندك ، و إذا حطمت قلبها فستجدني أنا أمامك "

بكيت عاليا بعد قوله هذا ، ارتحت و اطمأننت أن أبي يحبني ، و تيقنت أنه لم يفعل غير الصواب .
وضع قبلة على رأسي ، ثم ابتعد لتقترب أمي فاطمة و تعانقني و هي تبكي أيضاً ، ثم همست في أذني :
" لا تخافي يا عفاف الليلة ، كل شيء سيكون بخير ، فقط كوني هادئة و لا تتوتري "

و كلامها هذا لم يزدني إلا توترا و قلقا حول القادم ...

اقترب جلال بعدها ، أمسك بيدي لأسمع صوت الزغاريد تعلو بجانبي ، بدأ في المشي لأتبعه ثم دخلنا بيته .

وجدت نفسي فجأة أمامه ، عندما قام بإزالة ذلك الوشاح الغبي عن عيني فاتضحت الصورة معي ، لا يوجد شخص غيرنا نحن الاثنين ، فوالديه و أخته ذهبوا إلى بيت أحد أقربائهم كي نبقى لوحدنا فقط- كما قال لي - .

عفافحيث تعيش القصص. اكتشف الآن