بعد أيام معدودة تقل عن الشهر ، أتى يوم العرس .
اليوم الذي سأزف فيه لشخص لا أحبه و لا أعرفه حق المعرفة ، فقد التقيت به و تكلمت معه مرات قليلة أثناء فترة الخطوبة ، كما أنني لست متحمسة للتعرف عليه ، لكن مصيري و بقية حياتي ستكون معه - هذا ما كنت أفكر به حينها ، أما الآن . . . -أقيم العرس الذي حضر فيه عائلة جلال و بعض أصدقائه ، و من طرفي أنا كان أبواي و رباب التي كانت تحلق في السماء من شدة الفرح لزواجي ، لأنها ستتخلص مني - كما قالت- و بدأت تضع مخططاتها لجعل غرفتي مكتبا خاصا بها .
أما بالنسبة لكمال ، فهو لم يحضر ، و الغريب أنه لم يأتي كما كنا ننتظره مسبقا .
و ما أثار قلقي و حزني هو عدم اهتمامه ، كأني لست أخته و لا أعني له شيئا .
وها أنا أتزوج و لم تسنح له الفرصة للتعرف عن زوجي و لا عن البيت الذي أرحل له .في طريقنا إلى ذلك البيت المتوسط ، حيث يقطن جلال و عائلته ، كنت أبكي بصمت و دموع حارقة ، ذلك الوشاح الأبيض يغطي وجهي ، و أشعر كأنه كفن يغلفني و أنا ذاهبة إلى قبري .
و بما أن الطريق بين بيتي و بيت جلال - بيتي الجديد - لم يكن بعيدا إلا ببعض المترات - فكنت سائرة على قدماي بكعب متوسط الطول ، و رجلاي ترتجفان ، و لا أحد يرى دموعي .كنت أقوم بإلقاء نظرة ضبابية خفيفة على من حولي ، فأجد أمي تبتسم ، و أبي يتحدث مع والد جلال و يبتسمان ، رباب تزغرد و جلال جد فرح .
و ها نحن وصلنا أمام بيت جلال
~~~~~~~~~~~~
بيت جلالوصلنا أمام البيت ليقف الجميع ، وقفت بدوري أنتظر ما سيحدث الآن .
اقترب أبي ماجد إلى أن صار أمامي ، ثم قال :
" هذه ابنتي و ستبقى ابنتي مهما حدث ، صحيح أني لم أنجبها لكني ربيتها و كانت وستبقى طفلتي أبد الدهر ، اليوم أزفها لك جلال ، و ستحبها و تعاملها كأميرة عندك ، و إذا حطمت قلبها فستجدني أنا أمامك "بكيت عاليا بعد قوله هذا ، ارتحت و اطمأننت أن أبي يحبني ، و تيقنت أنه لم يفعل غير الصواب .
وضع قبلة على رأسي ، ثم ابتعد لتقترب أمي فاطمة و تعانقني و هي تبكي أيضاً ، ثم همست في أذني :
" لا تخافي يا عفاف الليلة ، كل شيء سيكون بخير ، فقط كوني هادئة و لا تتوتري "و كلامها هذا لم يزدني إلا توترا و قلقا حول القادم ...
اقترب جلال بعدها ، أمسك بيدي لأسمع صوت الزغاريد تعلو بجانبي ، بدأ في المشي لأتبعه ثم دخلنا بيته .
وجدت نفسي فجأة أمامه ، عندما قام بإزالة ذلك الوشاح الغبي عن عيني فاتضحت الصورة معي ، لا يوجد شخص غيرنا نحن الاثنين ، فوالديه و أخته ذهبوا إلى بيت أحد أقربائهم كي نبقى لوحدنا فقط- كما قال لي - .
أنت تقرأ
عفاف
Romanceعفاف تلك الفتاة التي كتب لها القدر أن تتيتم منذ صغرها ، فجأة وجدت نفسها فتاة بالغة ، على عاتقها مسؤوليات عدة و أواجبات لامتناهية ... بل و مالم يكن في الحسبان ، أن تفقد بصرها هو الآخر ... التقييم : #1 في "غنى" #1# في "إيطاليا" القصة من كتابتي أنا م...