يقول حسن :
مرَّت خمسة أيام ولم تأتِ زينب إلى الدوام في الجامعة ، الطالبات القريبات منها كنَّ قد ذهبن لعيادتها والاطمئنان على صحتها وقد حاولت ان اتقصى أخبارها
فقصدت احدى صديقاها المقربات اللواتي يعرفن بالتدين والالتزام واسمها لينا ...
ــــ السلام عليكم
ـــ عليكم السلام والرحمة
ـــ معذرة ، بس حبيت اسأل عن زميلتنا زينب ، شنو سبب تغيبها ؟!
ـــ الله يسلمكم ، زينب شوي متعبة ومريضة واخذت اجازة وان شاء الله ايام وترجع للدوام ...
قالت هذا الكلام وسكتت وارادت ان تغلق الموضوع ، وهي لا تعلم باني اعرف الموضوع ، ثم استأذنتني وانصرفت ومع ذلك فان هذا الجواب الغامض اعجبني فالصديق يكتم اسرار صديقه ولا يبوح بتفاصيل اموره ويكون كهف اخباره وحصن احواله ...
نعم هذه أخلاقيات الصداقة الحقيقية فليس من الصواب ان تتحدث بكل ما تعرفه عن صديقك ، ولا يصح بيان وشرح احواله دوما ، واما اذا رأيت ما لا يسرك فاكتمه الى ان تنقشع السحابة ...
• هود النبي (عليه السلام) علم بنزول الغيث ، ولكنه انتظر رأي القوم بكلام العجوز ، حفظا للسر، وامتحانا لهم ، وتربية لباطنه ، فانحدر الجزع ، وتهاوى الجبل ، واشرقت الحكمة ، وجاء الفيض ، وهذا من اسرار السير وسلوكه فتأمل ...
ولكن هل يُكتم الحال على روح مشوشة مثلي فانا اريد ان اعرف احوالها ولينا لا تدري بحرقة قلبي واضطرابه ...
رجعت الى البيت مرهقا وبعد اخذ قيلولة من النوم جلست للمذاكرة ولقراءة الامتحان المقرر في يوم غد ، وبعد تناول العشاء قصدتُ عمار الذي كنت لا افارقه ايام التسكع والمشاغبة وقد قصرت معه في الاشهر الماضية ظنا مني انني يجب ان ابتعد الى ان عاتبني الحاج النداف قائلا :
( بويه اللي يريد درب الله ما يبتعد عن الناس ، ويعبس وجهه ، ويقاطع ناسه ، يعيش حاله حال الخلق بس ما يطمس بطين ذنوبهم ولا يبيع كلبه بالسوك ... ارجع لاصدقائك وبدلا ما يجروك للطين جرهم للنور ! )
وفعلا ، اخذت بكلامه وقصدت صديقي القديم وفي الطريق اتصلت به
ــ الو
ــ الو سلام عليكم
ـــ عليكم السلام هلو حسن
ـــ شلونك عمار ، اني جاي عليك بالطريق !
ــ معقولة ، خاف مشتبه يمعود ، انت اصلا نسيتني .
ــ متوهم حبيبي ، اصلا مشتاقلك .
ـــ تعال تعال
وصلت الى عمار وبيته في زيونة وهو من ابناء الاثرياء وقد اخذت منه الحياة وزهوها مأخذا الا انه يمتلك قلبا طيبا وغيرة وشهامة
استقر بنا المقام وبعد معاتبة بسيطة منه قال لي :
ـــ انت وين هالايام ؟! ليش ما تتواصل ويانه ؟! الشباب بالكوفي كلهم يسألون عنك ؟!
ـــ حدقت النظر الى عينيه ، واستجمعت قواي وقلت له :
أنت تقرأ
رحلة عشق
Spiritualeكان نائما في مستنقع من الذنوب والخطايا ، غافلاً عن الله عزو جل لدرجة بائسة ، فهو بعيد حتى عن الواجبات ومقترف للسيئات بشراهة ، ومع كل ذلك تداركته عناية الحق تعالى ...
