السادس

474 26 48
                                    

  
  
  
يبدو الأمرُ غير واقعي؛ أن أسيرَ إلى جانبِ السماءِ في الظلام، كأنني أسحبُ الكواكبَ خلفي لكنّها لا تَسحقني بل تدفعني للأعلى، أقسمُ أنّ أقدامنا تحومُ بمسافةِ بوصةٍ فوقَ الأرض، أريدُ أن أصرخ، أقفز، أتَحدث وأطير لكنّ  جونقهان، جونقهان هادئ.

هو يواصلُ المشي ورائي و أظلُ ابطء من وتيرةِ خُطواتي حتى أصبحتُ بجانبهِ، تمايلٌ مُحرج بينَ الحُدود و الخُطوط التي أتمنى أن تنقَطع.

أخيراً، بعد أن اعتَقدتُ أنّ الليلَ قد سرقَ ضوء الشمسِ برفقةِ صوت جونقهان، هو تَحدث "شُكراً" وكانتْ مجردَ همسةٍ كطبقةٍ اخرى من الرياحِ السلسة، لكنّ قدماي ارتفعتْ فوقَ الأرض.

يترددُ صوتهُ العميق في رأسي حيثُ تتقافزُ كلماتهُ التي بلا معنى لكنّها تَعني كُل شيء.

"أنا آسف" قُلت وهو لم يَرفض اعتذاري، لقد سمحَ لي بالسيرِ إلى جانبهِ، كانَ يُعانق نفسه وينظرُ للأسفل بينما يسير كما لو أنّه غير متأكد من موضعِ خطواته.

ما زال يبدو ساحراً على الرُغم من أنّها لا تُمطر، الأمر يبدو كما لو أنّه بإمكانِ قدميه أن تنقلهُ إلى أيّ مكان يرغبُ بهِ إلا أنّه فضَلَ البقاءَ هُنا معي.

"لا" أردفَ بنبرةٍ واثقة من أنني أراه، أراهُ ك 'جونقهان' ليسَ ك 'السماء'، اراهُ ضائعاً، مُستاءً و ضئيلاً تماماً كبقيتنا.

"أنا اعني ذلك"  قالَ كلماتهُ تزامناً مع زفرهِ للهواء، بدا كما لو أنّه لا يعلم متى يجبُ عليهِ أن يَتنفس والكلماتُ تسقط من فمهِ بلا مانع وأنا فهمتُها.

"لقد أنقذتني"  يعترفُ بصوتٍ خافت لكنّه كان قادراً على أن يُشتت الليل، ويُمكنني رؤية الضوء من خلالِ ذلك الصدع، أنا أنقذته.

"أنا خائف" شَهق بخفةٍ وكانَ صوتهُ مُثيراً للشفقة، يُغلق الصَدع ويُحطمنا في الأرض، لم أكنْ ادرك أننا كُنا نطير فوقَ طبقاتِ الغلافِ الجوي، حتى تَعثرتُ بسبب تأثيرِ صوتهِ، يدهُ ترتفع وبدا وأنّه يُريد تثبيتي لكنّه توقف قَبل أن يلمسني.

"سوفَ اساعدك" قُلت "أعدك"،  هو أغلقَ عينيهِ وبدأت خطواتهُ بالتراجع، بشرتي تشعرُ بالبرد في غيابه.

"إلى أينَ سَنذهب؟"

أتمنى لو كانَ بإمكانهِ التحدث بصوتٍ أعلى فهو يجعَلني أشعرُ كما لو أنّني أصرخ، و يُعيدني إلى المدرسةِ الإبتدائيةِ مُجدداً عندما كنتُ غير قادرٍ على فهم لماذا يقومُ الأساتذةُ بأخذي جانباً وتَحذيري من مستوى صوتي المُرتفع على الرُغم من أنني كنتُ هادئاً مثلُ أي شخصٍ آخر.

شيءٌ ما تَحت المطر - جونقتشُولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن