ربيعًا زرعتني بذرة بارض على باب ديارك ، تروح و تجيء غير واثق بنموي بقحولة الارض ها هُنا ، لكنني قطعت لك الشك بيقين تمنيتة ، حققت لك ما بغيته من سهر الليالي و احتفالًا بي رويتني ماء عذبًا و قبّلت اوراقي الخجلة ، احتفظت بي تحت ظلك و إن اشتدت الشمس صيفًا قاسمتني حرها و غضبها على سكان الارض.
حانَ خريفًا و قد كُنت ذابلة لقرار رحيلك ، ربما لم افهم اسبابك و لم تقرر شرحها لي لكنني رأيت وجهك البارد و حقيبة جلدية تحمل بها اشيائك ، فضعفت اوراقي و تهاوت مصفرة على الارض التي باتت وعرة.. لم اصدق قرار رحيلك عني و فكرت بملايين الاسباب اشك بنفسي، اسأل هل لأن اوراقي لا تحمل زهورا؟ او ظلي ليس كافيا يغطية اذ قرأ كتابي؟ ألم يغفر تاخري..؟ فمن أي الدروب اتيك..؟ افزعني الشك! قيدتني ارضي ، و اكتساني الوجوم.
و يحل الشتاء انا عارية من اوراقي ارتجف ببرد الصقيع و الثلوج تحط على اذرعي الواهنة المشتاقة لعناق مغادر..لم يفارقني هذا الارق و لم ياخذ ما اراد مني ، و ان زارني النوم غرقت بالرؤى المليئة بك ، تسقي جذوري تحاكي عروقي ، و تزرع الحب إن الحب كان اغنية.
و عندما يفقد الانسان غواليه يتقمصهم ، يعانق خيالاتهم في اشيائهم، في اثارهم التي تنبض بكل مرأى بهم.
روحي نحيلة جدا على بعد سمين كهذا ، و لم يبقى بالروح عدى الخيبات و التعب ، و ان وددت المضي انبتني نفسي تعطي اعذارا لمغادرتك ، و تزيد الشكوك بروحي ، اتحسبني لم الاحظ سعالاتك المشتدة؟ لكنني بحثت عن جواب و رفضت ان تملئ النقاط اسفل السؤال.
عاد الربيع يداعب روحي الذابلة بجماليتة البراقة و بجانبي مالت بعض الاغصان تواسيني تدفعني للامام تاره نطقت خزامى : يا عزيزة شدي جذعك و ابصري حنان الربيع ابعدي الحزن عن ارضك و الا عادت قاحلة و غادرنا انا و الصديقات.
اما نرجس رفعت اهدابها مغترة و اردفت : كفى شكا بنفسك و تقليلا منها فإن هذا يزيد تجاعيد تمحي جمالك ، كوني انانية و قدمي الحب لجذعك.
فما كان مني إلا التطلع للامام و محاولة مداواة جراحي بنفسي و حول من يعيد لي الثقة التي سلبت ، اعود ضاحكة خضراء ، بديعه اظلالي يقترب منها الغريب و البعيد ، يسقيني احدهم او يقرأ كتابا اشاركة انا استماعا ، و اطفال عدوا للغميضة او دغدغوا خاصرتي بلمساتهم الناعمة ، بكى احدهم و واسيتة و عدت للحياة اغرد كعصفور على غصني ، حتى غدى صيفا و عاد غضب الشمس.مر ساعي بريد يحمل لي مكتوبا ، افرجت اساريري فإن كان هذا مخطوط من سيد الكلام فوا حظي قد ينقشع حزني تماما ، وقف ساعي البريد و لا يبدو على وجهه اي استبشار فقللت من امالي و نطق على مسامعي ما لم ارد سماعة طوال حياتي :
"إني رحلت و لم تأبه معذبتي..زرعتك و سقيتك ، ملئتك بالاغاني و اغرقتك بالحب كما لم يفعل احد بحياتة ابدا ، وثقت بك رغم جفاف ارضي و اهديتك الورد و النرجس رغم انك لم تزهرين لي يوما ، اهكذا جزائي؟ تخبرني الرياح انك عدت جديدة متناسية اياي و كأن لا فضل لي بنموك و ازدهارك..فاذا كان احتضاري سببا اتغفرين؟ ام انك اخترت الحياة بعيدا عن قبري؟"إن كان هناك وصف لما احس صرخت به و اسمعتك اياه ، خليط من الغضب و الحزن و تأنيب الضمير ، القهر..هذة اقرب.
لم تشكو يوما تقصير زهوري ، لم تشكو يوما ألما و ها انت ذا تعاتبني..؟،تجعلني مخطأة بحقك و انت الذي غادرت ارضي ، اثلجت تربتي و يبستها..؟ انحنت ضلوعي و عاد الخريف ، لا يمكنني البكاء كما البشر لكن ها قد تهاوت الاوراق اليابسة ارضا و داس عليها المارون كما دست انت على قطع قلبي اليابسة التي يوما ازهرت لك و لاجلك، لا اظنك ستكون سعيدا لو رايت كيف تداس..لكن هذة المرة انت السبب لمداسها.
و ذات شتاء..اقترب مني خيال لشخص لم اميزة..كان المطر شديدا و الزهور تحتمي تحت بعضها غافلة ، اما اغصاني الفارعة و القوية شعرت بحضور مألوف ، ساكذب لو قلت اني لم افكر ان هذا هو انت و إنني لم اترقبك متحمسة و حين تبين الوجه اقتربت مني ماسحا بكفك الحانية على عروقي تقول بيت شعر كما وعدتني ان تكتب ديوانا بأسمي :
أيَمِّمُ وجهي إليكِ كلما اشحت بوجهكِ عني
أطُرق رأسي خجلًا من فعلتي و قولي
آتيك و كلي ثقة أنَ روحك الحلوه تعتقني
أستَسمحكِ عذرًا..يا كلَ أشيائي ، غيابي عنك و الله اهلكني
هَاتيني بعناقاتكِ ، لحفيني و اعفي عني
فما لي سواكِ و غيركِ لا و الله لا يُغنيني
فـلو خضنا حَربًا قلتُ هاك يا مليكتي انحري كُل اعناقي
علني اتخلصُ مِن تأنيب ضميري
فلا البُعد يسعفني و لا القرب يدويني
خذيني بكل اسبابي و عافي كما عهدتك موقفي.رددت و لو كان صوتي خيالا للبشر :
اني وضعت لأجلكَ سبعين عذرًا كما أوصيت
و غلفني الاسى كلما امسيت
اعانق خيالًا و ارضى بما اوتيت
استبشر بساعي البريد مكتوبك و بالاوراق حروفك
لكنَ لا هذا و لا ذاك هدأ جزعي
و حماني من فرطِ الشكوك بنفسي و خليقتي
إنكَ لم تفعل القليل و آذيت روحي
و حين روضتَ روحي من ذكرك تؤتيني بحروف تذبح أمالي؟
شوقي كأطراف جندي في سَاحات الوغى مبعثرة
لم ترحمني نفسي و لا أنت رحمتني
لكن و لأنك اتيتني معتذرًا و الندم بصوتك متبخترًا
فسأرحمك كما لم ترحمنني و ساثبت لكَ ان بذرة الحب تَغفر.
؛