الفصل الاوّل :
جلس وراء مكتبه يقلب بالصور لا يصدق ما يراه ، يشعر بنار الغيرة تتوقد بقلبه وشراينه ، والخيبة القاتلة تقضي على اخر امل عنده .
لقد برهنت له انه ليس هناك من قاعدة شاذّة ، وكل النساء سواسية ، ابتداءً من امّه الخائنة ، انتهاءً بزوجته العزيزة ، كوّر الصور بقبضته ، ناوياً لاشر الشر لها ، كيف بها تتجرأ على خيانته ، اتظنه غبياً ، ولكنه سيجعلها تدفع الثمن غالياً ، اغلى مما تتصور ، سيجعلها تتمنى لو انها لم تولد الى هذا العالم.عادت تمارة من الجامعة ، تشعر بسعادة عارمة، اليوم يوافق عيد ميلادها وبالتأكيد آدم يدبر لها مفاجأةً جميلة ككل عام ، وهي كذلك الامر لديها مفاجأة له ، مفاجأة ستسعده كثيراً، زوجها الحبيب ، الذي معه فقط عرفت معنى صدقيّة المشاعر ووجودها .
وجدت سيارته امام المنزل ، ابتسمت لنفسها بغبطة ، وها هو ينتظر عودتها ،لا بدّ انه لم يذهب الى الشركة اليوم .دخلت عليه المكتب بوجه بشوش وإبتسامة رقيقة مسرعةً الى حضنه لتُفاجأ ببرودة مشاعره القاتلة رافعاً ذراعيه امامها ، مانعاً تقدمها ، وقف من وراء مكتبه قاطعاً المسافة المتبقية بينهما وبحركة خاطفة امسكها من شعرها جاذباً ايّاها خارج المكتب .
شهقت بألم مصدومة من فعلته " آدم …. ما اللذي يحصل؟؟ ….ماذا يجري لك ؟؟…. دع شعري ارجوك ، انت تؤلمني " رجته وهى تحاول مجاراته وهو يدفعها بعنف خارج المكتب لافتاً انظار الخادمات في الرواق المصدومات مما يرينه، فهو طوال السنتين زواج لم يقدم على رفع صوته في وجهها ، لقد كان مثالاً للزوج المثالي لدرجة ملحوظة .
" اذ كنت تظنين انك قادرة على خداعي ايتها الحقيرة فأنت مخطئة ، سأريك ماذا سأفعل بك " قال صارّاً على أسنانه جاذباً إيّاها وراءه
فتح الباب دافعاً ايّاها نحو الخارج " اخرجي من منزلي ولا تعودي ، انا لا اريدك بعد الان ، وجودك يشمئزني ، يقرفني، وما عدّت اطيق رؤية صورة وجهك هذا ، هل فهمتي ؟؟؟"
دموعها تنهمر بغزارة ، لا تعرف ما اللذي يجري من حولها او حتى سبب هذا التصرف الهمجي الذي يقوم به زوجها ، انها المرة الاولى التي يقوم بإهانتها بها بهذه الطريقة امام الخادمات والجنائني ، وقفت امامه بعيون دامعة حمراء ترجوه سماعها " ماذا حصل ؟؟؟ ارجوك اخبرني !! ماذا فعلت لك لتعاملني وتخاطبني بهذه الطريقة ؟؟ … انا لا اعرف "
«وتدّعين البراءة يا فاجرة » إقترب منها ممسكاً بعقد الالماس من عنقها نازعاً ايّاه بعنف ، وهكذا فعل بخاتم زواجهما واسورتها ، ثم انتزع حقيبتها من كتفها تاركاً ايّاها بلا شيئ ، لا مفاتيح سيارة ولا مال ولا حليّها ، ثم دفع بها بعنف لتتهاوى على الدرجات الثلاث واقعة على الارض تشعر بألم رهيب في كل شبرٍ من جسدها وروحها .
وقف من الاعلى يناظرها بحقد وكبرياء ، بقسوة لم تكن تعلم بأنه بقادر على التحلّي بها .
" هيا اخرجي من منزلي ايتها الخائنة ، عودي الى الشارع الذي جلبتك منه ، هكذا كما اتيتِ منه بالثياب التي عليك يا فاجرة ، لقد اشتريتك بمالي ، دفعت ثمنك كأنك سلعة رخيصة ، حتى ثيابك هذه التي ترتدينها أنا دفعت ثمنها ، ايتها المتسولة الناكرة للجميل ."
مسحت دموعها تحاول الوقوف ، قضمت المها الرهيب ووقفت هى الاخرى تناظره بكبرياء ، فمهما كانت خطيئتها لا تستحق منه هذا الانقلاب الرهيب إذ تحول بين لحظة وضحاها من زوجها الحبيب الى جلادها، من حنان العالم كله الى قسوة العالم كله .