عندما تُظلم المرأة
الفصل العاشر والاخير والخاتمة
في بعض الأحيان يكون التسامح أصعب بكثير من الكره والحقد ، أن تسامح الذي أذاك وظلمك خطوة ثقيلة ، صعبة ، قاسية عليك ، إذ تجد نفسك آسير صراع عنيف بين عقلك وقلبك : عقلك يذكرك دائماً بكل الاسى الذي مضى وقلبك يرجوك أن تتخطى هذه المرحلة وتغفر لتمضي بحياتك مرتاحاً سعيداً بقلب أبيض طاهر سليم .
عندما تنقاد وراء حقدك وكرهك لمن تسبب لك بالأذى تغرق بدوّامة الكره والبغض وتخسر نفسك ومن حولك ، لا تجد السكينة ابداً ، تضيع بمتاهات الضلمة الداكنة وتجد نفسك تُسقط ماضيك على من حولك وكأنهم أعدائك وسبب ما مررت به بماضٍ لا يمت لهم بصلة .
لذا كعادتها إختارت تمارة الطريق الخير والكفاح وإختارت أن تسامح ، من أجلها وأجل طفلها وأجل مستقبل هانئ ، مزروعةً دروبه بالحب والحنان ، لتُزهر أشجاره بأجمل وأرقى الوعود والالوان التي تفيض بالحب والحنان .
بالنهاية ، ألإنسان لا يحصد الاّ ما يزرع .بعد مرور سنة
« آدم أرجوك …. اليوم سأتأخر بالعيادة ، هناك طبيب غائب وعلي ملئ مكانه، هل بإمكانك البقاء مع رايان إلى الغد ، أعدك سأكون بالمنزل قبل موعد ذهابك إلى الشركة »
« أنت تعرفين بأنك لست بحاجة لرجائي تمارة ، وبأني لا أمانع ببقائي كل الاسبوع ولكنك تشعرين بالذنب إتجاهه هو اليس كذلك؟؟ ،،، خذي كلميه … إنه بإنتظارك منذ فترة »« ماما لا تقلقي ، سأبقى أحبك وستبقين أمي المفضّلة ، أرجوك ، ولا تحزني ، أحبك كثيراً »
أجابته بصوت مخنوق « وأنا كذلك الامر أحبك كثيرا ، وأعتذر عن تأخري ، أعدك بأني سأعوضك ، إتفقنا »
« نعم ، أحبك ، إلى اللقاء »
« والآن يا بطل ، ماذا سنفعل الليلة ؟ أمك ليست هنا وبإمكاننا فعل ما نشاء »
قفز رايان من مكانه يصفق بحماس « سنشاهد فيلم سبيدر مان ومن ثم نمثل المشاهد ، سنبني منزلاً من الفُرُشِ والوسادات ونقفز عليهم . »
عقد آدم حاجبيه يفكر ، ستكون كارثة لا محال عند عودة تمارة ، ولكنه لن يمنع إبنه عن اللهو ، لذا هيا بِنَا إلى العمل ، أقصد العبث*******************************
جلس أدم وهيام أمام الطبيبة بصمت ، ينتظران تقويمها لحالتهما ….
نزعت الطبيبة الاربعينية نظاراتها تقلّب بملفهما ، إنها تتابع حالتهما منذ سنة تقريباً …..
« حسناً …. كيف حال علاقتكما الحميمية ؟»تبادل آدم وهيام النظرات الغامضة لتترك له هيام الاجابة … « حسناً ، مازلنا منقطعين عنها منذ أخر مرّة نصحتنا بذلك »
« والسبب سيّد آدم ؟؟ »
« وجدنا أنك محقّةٌ بكل ما قلتيه لنا فقررنا إتباع توجيهاتك وتجربة نصيحتك .» أومأت الدكتورة برأسها تدون بدفترها الصغير
إنها خطوة مهمة جداً في سبيل علاجهما ، وإنها سعيدة لإتخاذهما قرار الانقطاع عن العلاقة الحميمية في هذه الفترة بالذات .
لقد كانا يلجأن للتنفيس عن غضبهما الكامن بداخلهما وضغوط الحياة عبر العلاقة الحميمية يستعملانها كمخذّر يُغيّبُ عقلهما عن واقعهما .
كانا يهربان من مواجهة واقعهما المرير المليئ بالشوائب ومشاكلهما عبر العلاقات الحميمية التي تعتمد أسلوب الخاضع والمسيطر .
آدم يلجأ إلى إعتماد أسلوب السيطرة الكاملة على شريكه ليثبت رجولته التي ما إنفك والده منذ الصغر يشكك له بها .
وهيام تحتاج إلى سيطرة آدم الكاملة لتحريك غريزتها الأنثوية التي خسرتها على يد إبن عم والدها ، لقد كانت تتعرض لتحرش جنسي دون أن تدري ، فكانت تستكين لذلك العجوز ظنّاً منها أنه يداعب طفولتها برقته وحنانه ، فلم تشك بدناءة أفعاله إلاّ عندما بلغت وعرفت الفرق بين حبّ أبوي بريئ وميول شاذة ، فكرهت نفسها وكرهت ضعفها وإستكانتها وبالطبع لامت نفسها على أنها هي السبب بالذي تعرضت له .
لذا عاشت هيام مراهقتها وما بعد مراهقتها تخاف من أن تضعف أمام الجنس الاخر ، فكبتت غريزتها التي بالنسبة اليها كانت مصدر ضعف ودناءة فكانت دائماً متنبهة لما يدور حولها ، دائماً عقلها يسيطر على غريزتها ، فتشعر بأنها أبداً لا تضعف أمام ملاماسات ومداعبات الجنس الاخر بطريقة أخرى كان عقلها دائماً هو المسيطر ودائماً يحثّها على عدم الوقوع آسيرة غريزتها الأنثوية
إلى أن نضجت وبدأت تشعر بأنها تعاني من مشكلة وهي البرودة ، فحاولت التخلّص منها بمحاولاتها التي باءت بالفشل الذريع إلى أن ضهر آدم بحياتها وإستطاع أن يأسرها بسيطرته الذكورية البحتة(Dominant) على أن يُغيّب عقلها كلياً أثناء العلاقة فتستسلم ( submissive )لمشاعرها وغريزتها .
بالنهاية إختيار آدم ونهال لهذا الأسلوب تمكن من إنقاذهما من دمارهما الذاتي ولكنه لم يوقفهما عن أذية ودمار الآخرين وهنا بدأت المشكلة الاساسية .
فأصبح العنف وسيلة تواصل وتنفيس للبركان الكامن بداخلهما الذي لا يلبث أن يثور عند أول فرصة تسنح له .
حالة آدم كانت أكثر تعقيداً من حالة هيام ، ماضي آدم العنيف سبب له حساسية شديدة مثيراً غضبه الاّواعي لِأبسط الامور وهذا الغضب يقوده ويُسيِّره ، يُغيّب عقله عنه فتتملكه نزعة إجرامية شريرة تسعى لإلتهام ما يصادف دربه .
عندما يتوقف الانسان عن التعبير عن ما يختلج بداخله من مخاوف وصراعات ومشاعر بكل أنواعها فتتكدّس بداخله على شكل مكبوتات بعقله اللاواعي ، فتؤثر على كل مسارات حياته ، عندما تفيض عن حدّها فيعجزُ عقله على إستيعاب المزيد منها فتحاول هذه المكبوتات إختراق جدار اللاوعي بأعمال مموّهة تُتَرجم إلى نزعات غضب غير إرادي ، عنف غير مبرر، حقد ، كره ، شك ، فيغرق الانسان بظلمته الداكنة يتخبط بين جدران ماضيه وحاضره فيضيع الانسان بين متاهاته .