اضطراب

30 4 2
                                    

خاتمة ليلي حَرَّرَتها فاتحة نهاري، وفسخَت مبايعة الهَم. لا أعرف إلى متى يمكنني تجاهل ردّة فعل أعوان الغَم من إلغاء شطر شراكتنا بغتة؟ وجدتُني أكتب القرار دون بَيان؛ فالسَّبب اتنشلني كَصقرٍ جارح، جائع.

كانت ومازالَت الكتابة جزء من مَثواي كلّما اهتزّت خشبة الحال، أهوى عليها من سطح الرَّدى، وتضمّني فَور اقتطاع النَّوى. نستطيب بعضنا وسط مَرارة الحال، ونجد لنا الدِّفئ في طقس العالم القارس. أُفَضفض ضيقي، وأَتنهّد ثقلي، وأُبَعثر تجمهر دواخلي.. نصفها بمَعونة الكتابة.

كنتُ مثل سيارةٍ تمّت تعبئة مخزون وُقودها للتو، ولم أتوقّف حتّى بلغتُ نقطة انتهاء كتابة الفصل الأوّل من القصّة.

شعرتُ بشيءٍ مُغاير أنعش ذبولي، كأنّي خضت حديثًا طويلًا مع شخصي المُفضَّل، والمُستمع الأفضل، والمُفتهّم الأجود..

كنتُ أعلم أن السَّاعة متأخّرة للغاية ولكنّي لم أعِ ذلك بنفس الوقت، وعندما فقت؛ سارعت بترك هاتفي وذهبت للحمام ثم فرّشت أسناني، وإلى الفراش أوَيت.

النَّوم المتأخّر ينتج عنه.. ماذا؟ أجل، الاستيقاظ المتأخّر. استيقظت على صوت والدتي وهي تنده موبّخة إيّاي.

«أنّها السَّاعة الواحدة والنِّصف، متى تنوين أخذ أدويتك يا آنسة؟ قومي هيّا».

ما بها هذه يا إلهي، لِما الصُّراخ؟ أمقت الضَّوضاء، ليس وكأنني تعمّدت.

تقلّبت وفتحتُ عينَي على دُفعات.. ترفّعت عن السَّرير، والآن حان وقت تأمّل الفراغ لِمُدّة دقيقة كاملة، أو دقائق..

بقيتُ على وضعيتي دقائق معدودة لا تتجاوز الخمس، مددت يدي وحصّلتُ هاتفي، نظرت للساعة ثم تذكّرت موعد الدَّواء بالفعل، لقد فوّت وقت أخذها منذ ساعة ونصف تحديدًا. شعرتُ بحكّة تُضايق حنجرتي، حَمحمت ولم تحل عنّي، أردتُ شرب الماء فتذكّرت أنّي لم أغتسل بعد، زممتُ شفتَي وقمت.

عقب الرُّوتين الصَّباحي، أخذت دوائي المخصّص قبل الأكل بثلاثين دقيقة، جلست في الصَّالة واسترسلت الكتابة.

أحببت الأمر حقًا، يشعرني بالرَّاحة.

وبذكر الكتابة والملل والجلوس في المنزل، وددتُ القراءة.. ختمت الكُتب الّتي في مكتبتي، أصابعي تتوق لتقليب الصَّفحات، وحاسة شمّي تحتاج استنشاق عبير الأحداث.

فتحت المترجمة الآليّة لإعلامهم، ورفعت مستوى الصَّوت أعلاه.
-سأذهب لشراء بعض الكُتب بعد وجبة الغداء.

تلفّت الكل إلَي.

فقال والدي قبل تناول لقمة من طعامه: «اليوم!»

ما بهم يستغربون كلامي! تعابير وجهه غريبة.

دوّنت فكري وصدح.
-هل مِن خطب؟

نَغَمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن