يقولون أنّنا نصاب بأنواع مختلفة من البَلاء، إما نتيجة الخطايا الّتي نقوم بها مهمّا كانت صغيرة أو أن يكون مجرد اختبار من السَّماء.
حقيقة، أجدني ألحد الإيمان بالثَّانية أحيانًا.. كيف للسماء وضعنا بمآسي كارثية هكذا! كيف سأُناجيها كلّما ضاق بي الكون إن هي مَن أقحمتني بها!
وبطريقة غريبة أجدني أشكو إليها رغم ذلك وأطلب منها أن تضمّني لرحمتها وتُسكّن فؤادي..كنتُ أناظر السَّماء كيف تزيّن ظلامها أضواء الشَّوارع والأبنية، زينة احتفال رأس السَّنة الجديدة تغزو المدينة.
العالم يستعد للاحتفال بعد ستّة أيّام.
وأنا... وأنا سأستعد لمواجهة أمري في العام الآتي، وإضاءة حياتي بنجمة صغيرة ولو لفترة قصيرة.
عقب تبديل ملابسي وتفريش أسناني تدثّرتُ جيّدًا بالغطاء ولقفتُ هاتفي، أوّل ما قمتُ هو فتح محادثة إيڤا. وجدتُ الكثير من المقاطع المُرسلة، بعضها مُرفقة مع تعليقها عنهم وبعضها لا.
معظمها كانت تتعلّق حول أعمالها الرِّوائيّة أو أعمالي، تفاعلتُ عليهم واحدة واحدة وإن كنتُ مُبتئِسة حد النُّخاع، حاولتُ تلطيف مزاجي قدر الإمكان ولكن أغلال حالتي النَّفسيّة أبَت فك قيدها الصَّلد عنّي.
وجدتني أكتب لها ما حدث معي اليوم، وعن زيارتي المنتظرة يوم غد.
-لا أدري يا إيڤا، أشعر بعدم الإرتياح حيال الأمر.
لقد حاول الطَّبيب باتريك معي في السَّابق حول المعالجة النَّفسية، وكما قال: ليس تخصصه الفعلي. مَرَّت فترة لا بأس بها حتّى اعتدتُ عليه في البداية والآن، يطلبُ مِنّي التَّجاوب مع شخصٍ جديد، مع شيء لا يودّه كُلّي.
- هل أنتِ غبية؟ أتمنى لو بإمكاني التَّحدّث مع طبيبٍ نفسي دون علم عائِلتي.
أرسلَت رسالة أخرى.
-اذهبي.تنهّدت ثم نقرتُ على لوحة المفاتيح: أنا ذاهبة بكل الأحوال.
أرفقَت عِدّة روابط تحتوي على مقاطعٍ مصوّرة أخرى، لم أملك الطَّاقة لفتحهم حتّى، واجهتها بذلك وأخبرتها فعادَت تمطرني بذات الكلام بشكلٍ مختلف.
- حاولي تغير حالتك وشاهدي شيئًا.
- قومي بالصَّلاة وآمني بالقدر.
- ستتحسنين.
- عليكِ التَّفكير بإيجابية.ليتَ جميع المشاكل تنحل بهكذا طُرق، ليتَ فحسب.. تعبتُ عن إيصالها فكرة أن الآلام مُتَباينة، ومُعالجتها متفاوتة. ليسَ وكأنّني رميتُ بالحلول الموجودة في صِنّارَتي بعيدًا عن شَبَكَتي.
هل يراني الجميع كمَن استسلمَت للمعاناة دون محاولة كافية؟ لِما يخبروني بذات الجُمل واللَّعنة! ألهذه الدَّرجة يسهل استخراج الألم من الرُّوح والجسد؟ إن كان بهذه البساطة لِما تنهار حياتي أمام مُقلي وأعجز عن ترميمها!
أنت تقرأ
نَغَم
Short Storyكلّما اقتربتُ من الباب الرَّئيس تعالَت أصوات حَبّات البَرد، وزادَت جُرعة حماسي لِأصل. ضربني الهواء البارد، وتسرّبَ في ملابسي. كانَت تهطل بغزارة، ولوّنَت الأرض بفرشاةٍ بيضاء لطيفة للناظر، أمّا وجهي فقد تبلَّل قليلًا بفعل تساقط المطر معهن. بَسَطتُ يدي...