الفصل الثالث

2 1 0
                                    

في شقة المعاديبرقت عينا رهف و هي تُنصت لكلامه الحاد و الجاد من زاوية المطبخ، كتمت صوتها ليكمل قائلا بذات النبرة و هو شاردٌ في عينيها:_ آه.. و أنا عايزك تيجي كل يوم تشوفي شغلك هنا في الشقة و مش كل يوم أحد..أدار ظهره مغادراً دون أن يترك لها فرصة واحدة للنقاش، تنهدت بعدما سمعت صوت الباب يُغلق، لتقول بخفوت:_ أنا لازم أقول للست صفية ايه اللي حصل، خايفة أسببلها مشكلة اذا سبت الشغل من وراها..بدأت تقضم أظافرها بحيرة و هي تفكر جليا فيما حصل، لتردف بنفاذ صبر: _ يعني هي جات على كده يا رهف، ما طول عمرك بتتعاملي مع كل أصناف الرجالة، و بعدين الكازينو ولا الشقة أرحم على الأقل بقبض كويس هنا..زمّت على شفتيها و همت بإكمال عملها مباشرة بعد اتخاذها لقرارها و هي تردد:_ كل اللي لازم أعمله إني اتأكد أنه مايكونش موجود بالشقة لما آجي أنظفها وبس..،،انطلق آدم بسيارته المركونة بمرأب العمارة بأعلى سرعة و ابتسامة عابثة كانت تعلو شفته حينما تذكر تلك الفتاة البسيطة..مرّر أصابعه على ذقنه و هو يحدث نفسه:_ البنت دي فيها حاجة غريبة..!! في شركة أدهم التميمي للحديد والصلبجلس أدهم خلف مكتبه ينفث دخان سيجارته الإيطالية و هو يعبث بها بين أصابعه حتى سمع طرقات على الباب، لتدخل السكرتيرة بعد وهلة قائلة:_ أدهم بيه المحامي نادر هنا و عايز يتكلم مع حضرتك بموضوع، و قبل أن تكمل جملتها حدّثها ب:_ خليه يتفضل بسرعة..أومأت برأسها إيجابا قبل أن تتراجع بجسدها النحيل للخلف، ليدلف المحامي بعدها بثواني..أغلق نادر الباب من ورائه و هو يردد:_ آسف لإني ماخدتش معاد قبل ما آجي بس الموضوع ضروري..أشار له أدهم بيده كي يجلس مقابله قائلا:_ اتفضل اقعد و فهمني في ايه..وضع نادر محفظته الجلدية على سطح الطاولة الزجاحية الصغيرة التي تتوسط الكرسيين المتقابلين، ثمّ أسند ذراعه الأيسر على المكتب ليقول بنبرة جادة:_ الجماعة مستنيين الطلبية من شهر و اذا ما تسلمتش في غضون يومين إنت هتخسر اسمك و مش بعيد حياتك..رمى أدهم السيجارة التي كانت بين أصابعه بداخل المطفأة الزجاجية و انتفض بصوت مبحوح:_ يعني ايه!! عايزيني أخاطر بشحنة زي دي و أروح في ستين داهية..ردّ نادر عليه و هو يطأطأ رأسه للأسفل بقلة حيلة:_ انت عارف أنه جماعة روما ما بترحمش، و حضرتك اتفقت معاهم و قبضت أول دفعة..دفع أدهم بكرسيه للخلف ليهب واقفا من مكانه، ثم التف حول المكتب ليتجه ناحية النافذة الزجاجيةو هو يردد بغضب عارم:_ و انت عارف كويس إنه من آخر إخبارية والعينين حوالينا، فكان لازم نهدي اللعب شوية..ثم استدار بظهره ليحدج نادر بنظرات مترقبة و يكمل ب:_ مافيش غير آدم اللي هيحل الموضوع ده.. هو يوافق بس..شبك نادر أصابع يديه و تمتم بصوت عالٍ ب:_ واذا ما وفقش..!!ردّ عليه أدهم بسخط قائلا:_ أنا اضطريت إني أتعامل مع أمير الذراعه اليمين عشان أقدر أقنعه بالصفقة دي..و متأكد إنه هيعملها..،،في كازينو روايالقصَد جو الدرج المؤدي للمخزن وهو يصفر بشفتيه حتى وصل إلى الباب الحديدي الصدأ الذي يقف على جانبيه رجلان من ذوي الجسد الخشن، قام بفتحه على مهل ليُصدر صريراً مزعجاً و هويردّد متسائلاً بنبرة تهكمية:_ هو المُخبر تبعنا فاق و لاااا لازم نفوقه بطريقتنا..ردّ عليه أحدٌ من رجاله بصوت جاد:_ اللي انت عايزه، هيحصل..ارتدى جو قبضة حديدية على أصابعه قبل أن يقترب من سامي المكتف على كرسي و الفاقد للوعي، بدأ جو يغرز الأسنان الحادة في حنجرته المعراة رويداً رويداً حتى علا صوته قبل أن تفتح عينيه ليردد بألم:_ آآه كفااية ..ضربه جو بكف على وجهه قائلا:_ اعتدل يا رو*ح أ**م*ك قبل ما اف*صل راسك المع* فن ده عن جسمك..تلعثم سامي و هو يعتدل برقبته ناحية جو ليقول:_ عايز مني ايه، مش كفاية إنك ماديتنيش حقي!!أمسك جو به من ذقنه و اقترب منه كفاية ليردد بنبرة حادة و خافتة:_ هسألك مرة واحدة و مش هاعيدها تاني ..مين اللي وراك يا ا**بن ال*** بلع سامي ريقه بخوف جلي قبل أن يجيب:_ أنااا باشتغل لوحدي، مافيش حد ورايا..رجع جو بجسده للخلف و مطّ شفتيه قائلا وهو ينزع عنه معطفه الجلدي ليكشف عن صدره وعضلات ذراعيه قائلا:_ أممممم يعني مصّر إنك تكمل بغباوتك معايا..ضر*ب وجهه بقبضته الحديدية بكلّ سخط، قبل أن يردف ب:_ و أنا ما عنديش مانع أطّلع روحك انهاردة..أكمل ضر*به حتى تلاشت ملامح وجهه تحت سيول الد*ماء و هو يتأوه بألم مردداً بأنفاس متقطعة:_ هردهالك يااا جو..مش هاسكت..توقف جو و هو يتأمل يده الملطخة بالدماء والعرق يلمع على صدره، ثمّ بنبرة متعالية قال:_ وريني هتردهالي ازاي..ذهب نحو زاوية المخزن و جرّ كرسيا باتجاه سامي ليرتخي بجسده عليه ويجلس، أردف بصوت حاد موجها كلامه لرجاله:_ كملوا شغلكم و خلوه يستوي ..،،في شركة آدم للاستيراد والتصديركان أمير في انتظار وصول آدم للمكتب، جالساً يتحملق بالسكرتيرة الجذابة ليقول بنبرة متلهفة وهو يسند وجهه على كف يده:_ هو انتي يا رغد ما بتطلعيش خروجات بعد الشغل؟أزاحت السكرتيرة بعضاً من خصلات شعرها المتناثر على ملامحهها قبل أن تجيبه بنبرة تعجب:_ حضرتك تقصد ايه؟!!أجابها بصوته الجهور بعد أن أنزل كفه عن المكتب:_ قصدي خروجات سهرات بالليل و كده..رفعت حاجباه مستغربة من كلامه، ثمّ أردفت بنبرة رسمية:_ لاء حضرتك، ماعنديش وقت خالص للسهرات برا البيت..مرر لسانه على شفتيه بلؤم وهو يقول بخفوت:_ طب و لو كنت أنا اللي هعزمك..تلعثمت باحراج أمامه قبل أن تقول:_ أأنااا مش عارفة أقول..ليقاطعهما آدم بصوته الجهور قائلا من بعيد:_ عايز القهوة تبعي تجيني فوراً و هاتي مواعيد النهاردة بسرعة..انتفض أمير من مكانه فور رؤيته لآدم قائلا:_ و أخيراً..صارلي كتير قاعد مستنيك..أجابه آدم و هو يفتح زر بدلته ليجلس على كرسي مكتبه قائلا بنبرة متهكمة:_ أمممم و شكلك طبعا ما حسيتش بالملل..ابتسم أمير بعبثية و هو يحك عنقه بكف يده اليمنى..أكمل آدم حديثه و هو يغمز له بعينه:_ رغد..لاء يا أمير، الشغل شغل و انت عارف ..هز رأسه أمير إيجابا على كلامه ليقول بنبرة متحمسة:_ طيب خلينا بقى في الشغل، هاا هنروح نحضر اجتماع الليلة ؟مط آدم شفتيه و ضيق نظره ليردف بنبرة جادة:_ أنا قلت مش هاشتغل معاهم مرة تانية يا أمير..ردّ أمير بنبرة متنكرة لكلامه:_ بس المرة دي هيكون الشغل معاهم تمام و قاطعه آدم بنبرة لوم قائلا بحدة و هو يصر على أسنانه:_ المرة الماضية طلع في مخدرات بالشحنة تبعهم، و كنا هنروح فيها..مستحيل أحط ايدي بإيديهم مرة تانية سامعني..نفخ أمير بضيق قبل أن يردف ب:_ يعني ده آخر كلام عندك..؟!!_ و مافيش غيره عندي يا أمير..خلاص تنهد أمير بنفاذ صبر و خرج من المكتب و هو يحدث نفسه ب:_ بس أنا مستحيل أخسر رهان قدام أدهم بيه، لازم آخد الشحنة و لو من غيرك يا آدم..



يتبع..

جحيم وحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن