《 ممتنة لأني على قيد الحياة حتى هذه اللحظة، ولكن ما الروعة في عيش حياة رمادية يملؤها الشك والقلق؟ 》
كثير من الناس يكونون متشوقين للحديث عن يومهم، عمّ واجهوه في طريقهم للجامعة، أو عن حفلة زواج أخيهم الكبير. غالب الناس يحبون المحادثات وتفاعلات الآخرين على قصصهم. الأغلب منهم يحبون الصحبة ويبحثون عنها جاهدين، سيفعلون أي شيء لكي لا يقضوا وقتاً مع أنفسهم.
كيف يفعلون ذلك؟
أنا أحسدهم في الواقع..استطعت خداع الجميع بتزييف شخصية اجتماعية كثيرة التبسم. ايه، الأمر يبدو سهلاً حالما تقرأ كثيراً عن لغة الجسد وبعض مواضيع في علم النفس .. ولكن كلما تعمقت، كلما كانت مساوئ من أمامك أوضح .. ويصبح من الصعب جداً أن تثق بأي أحد.
شيئاً فشيئاً، خسرت أصدقاء كثر، ولزمت نفسي بدائرة صغيرة جداً من العلاقات الصحية -لكنهم مشغولون جداً لأنهم بالغون، كلهم-. ألوم نفسي على ذلك..
كنت سطحية وغبية، أسعى لأن تكون علاقتي مثالية وأركز على شخص واحد وأكثّف عنايتي به .. لكن سرعان ما يجرحني ذاك الشخص المهم بالرحيل أو .. بمعاملتي بشكل سيء. سيصرخ، سيجرحني، سيتلاعب بي لأنه يعرف أني لا أستطيع قول كلمة لا، وسيأتي إلي عندما يحتاجني ثم يتركني عندما يجد شيئاً يجذب انتباهه.هكذا بدت أغلب علاقاتي مع الناس، ولذا قررت الانعزال وربما مقت الناس على ما فعلوه بي.
أنا ضحية! فعلت كل شيء، فكيف للأمر أن ينتهي بسوء؟ أعلم متيقنةً أنهم مخطئون .. هم كذلك.
كان الانعزال حلاً مثالياً بالنسبة لي، ولكن سرعان ما بدأت أعاني من الوحدة؛ فالانعزال أفقدني أغلب من حولي، وبتّ أجد صعوبة بالغة في تكوين الصداقات. فعندما تتطور علاقة سطحية لتصبح أعمق، أجد نفسي أنسحب بهدوء .. في كل مرة!! أنا أجد صعوبة في الثقة بالناس؛ فهم سيجرحونني عندما أخفض دفاعاتي .. أنا متأكدة من ذلك.أكره نفسي.
أكره كوني ضعيفة الشخصية، ومتزعزة .. وجبانة.
وأكره أنني لا أستطيع أن أحقق أي إنجاز، حتى وإن كان بسيطاً. لا شغف لي ولا هدف أسعى له .. يا للعار، من يا تراه يريد أن يكون أنا؟
وها أنا ذا، أتكلم بسوداوية .. أكره هذا فيّ أيضاً. لماذا لا أكون إيجابية وسعيدة فقط؟ أكره القول أني حاولت جاهدة، ولكنه فقط صعب .. ربما، مستحيل!
أكره نفسي، وأتمنى لو أني أستطيع أن أولد من جديد .. هذه حقيقة ثابتة.شعور مؤلم يلازمني على مدار اليوم. أشعر بعدم الراحة، عدم الأمان، والقلق .. الكثير منه في الواقع.
أشعر بغضب مكبوت، ولكن لا أعلم لمَ .. أنا تائهة.---
ماري.
شابة دخلت عمر العشرين منذ شهرين. من يراها يجزم بروحه أنها فتاة سعيدة للغاية. تجاذبها لأطراف الحديث يجعلها تبدو مثقفة واجتماعية، هدوءها راقٍ، ونظراتها حالمة كلها شغف، وابتسامتها واثقة. يحسدون والدتها على الفتاة المثالية التي وُهبت.لكن حالما تدخل غرفتها، تتبدد هذه الصورة سريعاً.
تصبح قليلة الكلام، تغوص في عالم الأفكار والقلق واسترجاع مواقف اليوم المحرجة.
غرفة فوضوية، لم تسعى ماري لترتيبها يوماً؛ فهي متأكدة أن الفوضى ستعود بعد يوم أو اثنين.
مزاجية جداً. صامتة عابسة في أغلب الوقت، وعصبية شرسة عندما تستشعر الخطر ممن حولها.
نادراً ما تستمتع بحياتها. هي توقفت عن البحث عن شغفها، لأنها فقدت الأمل في وجوده.
تكره والدها للغاية وتتمنى أن يخرج من المنزل بأي طريقة. هي ترسم سيناريوهات كثيرة كل يوم عن اختفائه. للأسف، لم يتحقق أي منها حتى الآن. هي لا تشعر بالأمان حوله، لأنه كثير الصراخ والعتاب، شديد ولا يرضى النقاش، يفرض رأيه ويلقي الأغراض عندما يدخل في نوبة غضب. هو يفقدها صوابها، وهي تتمنى أن تستطيع إيقافه أو حتى إبداء رأيها، لكنها خائفة .. خائفة جداً.حياة ماري كذبة.
هي تزيّف صورة سعيدة عنها، وتتجنب الاقتراب من الآخرين كثيراً حتى لا يكتشفوا حقيقتها. حقيقتها المشوشة القبيحة.ماري تريد السعادة، ولكن لسبب ما، تبدو بعيدة المنال.
ماري تبكي كل يوم، لأنها وحيدة، ولأنها تخشى تكوين الصداقات. إنها متناقضة.
ماري تتمنى أن تولد من جديد، في عائلة جديدة، وبلد آخر، بشخصية حقيقة، ومظهر أفضل.
ماري حزينة، وغير راضية.هي تعلم أن بها خطباً ما، هي تريد التغيير، تبحث عنه .. ولكنها خائبة، هي لم تستطع حتى الآن أن تصلح نفسها.
"أتمنى الموت على أن أعيش يوماً آخر في حياة تعيسة كهذه"
.
.
.ما هو انطباعكم عن بطلة القصة؟
وهل تشعرون أنكم في وضع قريب من وضعها، حالياً؟
أنت تقرأ
《 صدى طفلة 》
Adventureأسمع صدى صراخها البعيد كل يوم، ولكني أهرب من مصدر الصوت الذي يقيدني بماضٍ أريد أن أنساه. أجد نفسي فجأة، عالقة في عالم كئيب رمادي .. وأمامي تلك الصغيرة المتزعزة، بعينين مسكورتين مستغيثتين، تطلب النجدة. لكني لسبب ما أبغضها وأتمنى اختفاءها، فأقسو عليها...