《 لماذا تبدو الحياة .. مُبهجة؟
ما الذي تغيّر؟ 》"لقد استيقظَت!"
"اوه يا إلهي، ماري"
حالما رفعت ماري نفسها بصعوبة لتجلس وتستسمر في تحليل المكان حولها حتى ترى والدتها تهرع إليها بقلق وسعادة في آن واحد. ضمّتها بقوة وهي تبكي "ماري، أفقتِ! لقد كنا خائفين عليك"
طبطبت ماري على ظهر والدتها بلطف، ثم تنقل بصرها لوالدها الذي لم يستطع إبداء أي نوع من المشاعر، ولكنها كانت متأكدة أن عينيه تحتبسان بعضاً من الدموع.
أخفضت عينيها لتمنع والدها من رؤية دموعها .. مشاعرها مختلطة تجاهه منذ آخر مرة واجهته، ومنذ أن عاونت ماري الصغيرة في تقبل الواقع. مشاعرها متخبطة تماماً.
ليقطع تشتتها وسيل الأفكار الكثيرة فتسمعه يقول بنبرة هادئة "لقد كنا ننتظرك .. ماري"رفعت عينيها له لتلمعا أكثر، ثم تغمضهما بقوة ذارفة كثيراً من الدموع وتهمهم مجيبة "امم"
حرّك ذلك شيئاً في قلبها.
لأول مرة تغيرت نظرتها لوالدها. هي تجزم أنه يعاني بصمت، وربما يكون عالمه داكناً وأسوداً ومليئاً بالمشاكل غير المحلولة. فقط كما عانت هي في السابق. هي تخطت، ولكن هل فعل هو؟ هي تشعر بالأسى عليه الآن.
كل شيء تغير بفضل ماري الصغيرة؛ عندما أصبحت أسعد، زال عبء ما من على كتفيها. عندما حلّت الأمور معها، تفتّحت بصيرتها لجانب لم تكن تنتبه له أبداً.'منذ أن فهمت نفسي أكثر وتصالحت مع ما آلامني بدلاً من الهروب، أدركت ما قد يواجهه الآخرون كذلك، وهذا يفسر أغلب تصرفاتهم العدائية والمتحفظة. هذا محزن'
علمت ماري أنها كانت في غيبوبة دامت لأسبوع. توقعت أنها غابت لفترة أطول ولكن هذا الخبر كان مطمئناً، لم يفتها الكثير.
أقامت عائلتها حفلة صغيرة بمناسبة عودة ماري للمنزل بعد أن استطاعت الخروج من المشفى. ماري كانت تتساءل طيلة هذه الفترة، لماذا لم تكن تركز على هذا الجانب الجميل من حياتها؟
إخوة سعيدون بوجودها، أم مهتمة .. و.
أب مهتم كذلك.
افتقارها لصديق قريب جعلها تنسى أنها ما تزال تملك زملاء رائعين ومساندين!
منزل كبير وآمن. سرير دافئ وطعام كثير.
هي تعيش حياة رغدة بالفعل. حياة يتمناها الكثيرون.الأهم من ذلك، تقبلها للماضي وعدم الهروب منه كان المفتاح لحل كلّ هذا.
منذ أن تقبلت طفولتها التي لم تكن بأحسن أحوالها، توقفت عن اللوم ولعب دور الضحية. هي أدركت أن اللوم لم يكن يساعدها، بل كان يمنحها شعوراً جيداً ولحظياً بأنها ليست مسؤولة عن تصحيح أي خطأ.هي بدأت بتحسين جودة حياتها بنفسها الآن.
لم تعد طفلة تعتمد على الآخرين في توجيهها لحياة أفضل ولم تعد تعلق سعادتها بأحد، أو تقديم مصالح وسعادة الآخرين على نفسها، بل صارت مسؤوليتها هي الاهتمام بذاتها الصغيرة وحمايتها من أي مواقف سيئة أخرى.
وأحد الأشياء التي قامت بعملها بخصوص هذا الشأن كان حبها لنفسها ورفع استحقاقها الذاتي.
تعلم هذا وحده جعلها تعيد ترتيب أولوياتها من جديد، وبات خوض علاقة سامة أمراً نادر الحدوث، فهي أصبحت تركز على نفسها واحتياجاتها أولاً ثم احتياجات الآخرين، وهذا حماها من مستنزفي الطاقة والاستغلاليين.
و .. بفضل ذلك، تعرفت على صديق رائع! لم تكن تؤمن بوجود شخص مثله في هذا الكون الفسيح. صديق يحترم خصوصيتها ويعاملها باحترام. علاقة باحترام متبادل وثقة هي كل ما كانت تبحث عنه!كانت مواجهتها للذكريات المخيفة مؤلماً ومرهقاً للغاية، ولكنه يستحق العناء، ها هي ذا تحظى بحياة أفضل لأنها تقبلت الماضي ومضت للأمام. لم تعد عالقة في دوامة الهرب من الذكريات السيئة. لم تعد تضع كل طاقتها في التركيز على الألم والماضي الذي لن يتغير.
كان قرارها بتحمل مسؤولية نفسها والتوقف عن لوم الآخرين والظروف صعباً، ولكنه جعلها تقود حياتها بنفسها دون الاعتماد على الآخرين أو الظروف المناسبة فقط.
كان حبها لنفسها يجعلها تشعر بشعور غريب وغير مريح في البداية، كما أنه أخذ بعضاً من الوقت لتظهر نتائجه، ولكنها الآن سعيدة وراضية بذاتها، ولعلّه كان سبباً في تغيير نظرتها عن حياتها.'لو لا الألم لما تلذذنا بلحظات السعادة والرخاء،
وما من حياةٍ مطْلقة السعادة، ولكن سعادتنا تعتمد على أفكارنا، كيف نحلل الأمور من حولنا، وما هي نظرتنا عن المطبّات الصعبة التي نواجهها'
أنت تقرأ
《 صدى طفلة 》
Adventureأسمع صدى صراخها البعيد كل يوم، ولكني أهرب من مصدر الصوت الذي يقيدني بماضٍ أريد أن أنساه. أجد نفسي فجأة، عالقة في عالم كئيب رمادي .. وأمامي تلك الصغيرة المتزعزة، بعينين مسكورتين مستغيثتين، تطلب النجدة. لكني لسبب ما أبغضها وأتمنى اختفاءها، فأقسو عليها...