-6- أدنى الهرم

521 63 213
                                    

مر أكثر من شهرين على غياب فرويد بلا أي أخبار وأنا كنت قد شغلت نفسي بهدوء بأعمالي الروتينية وأتممتها على أكمل وجه كما توجب بي وأقصى ما أتمناه في نهاية كل يوم أن يكون الأخير بخير وصحة جيدة.

كنت أعتني بالأرشيف الذي أخذ يفيض بالأخبار من كل بقاع الأرض وعن كل كائناتها. من سفرائنا في أراضي مصاصي الدماء الهادئين وإلى أفراد الرماد الفضي الذين أخذت مجموعتهم تزدهر لتعاونهم مع الحراس الذين وفروا لهم الحماية مقابل بعض الأنوف الخبيرة.

يبدو أن سحرة النور ما يزالون يقومون ببلبلة بشأن أراضي سحرة الظلام وحدودها. أتمنى أن تستطيع مايبل ومن معها جعلهم يصمتون وإلا لن يقف سحرة الظلام صامتين على تعدي أحدهم لحدودهم مجدداً. كان لهم -وحتى الآن- كل الحق بقطع رؤوس الغرباء، إنها قوانينهم التي سنوها ويحاول سحرة النور تحييدها بحجة أنهم من جلدة واحدة في النهاية.
"لابد من وجود سبب لتملقهم سحرة الظلام بطريقة استعلائية."
تمتمت عندما أخذت أفكر مجدداً مؤخراً بحقيقة أني لا أجد أي تقرير عن الأخبار من جهة نورمانوس.

من المفترض أن لديه أعمالاً هناك كأي فرد لكنني لم ألمح يوماً الكثير من الأخبار عن سحرة الظلام. صحيح أنه يكتم أسرارهم لكن تقرير واحد شهري منتظم عن وضعهم الحالي سيفي بالغرض.

لا شيء من جهتهم الخاصة مطلقاً منذ مدة تقارب الستة أشهر الآن، كالعادة كل ورقة عنهم تصلني من قبل مايبل، بعيون سحرة النور بالطبع.

"ميـ ـنـا."
رفعت رأسي على صوت آيجل الذي دندن بأسمي قبل أن يسمح لنفسه بالدخول. ابتسمت لرؤيته يحمل طبقاً من الحلوى.

"ما هذا؟"
رفعت حاجباً مدعية أنني لم ألاحظ شيئاً وهو حرك بصره نحو الهيئة الضئيلة التي حاولت الإختباء خلف الرفوف.

"أسلحة صلح متطورة وناسفة."
وضع الطبق الزجاجي أمامي وأنا تناولت قطعة لأضعها في فاهي مدعية التفكير بالطعم:
"إنها جيدة لكنها ماتزال تفتقر لشيء ما."
لم تكن حلوة بطريقة يتقبلها الأطفال فيها حقاً بسهولة، كعك معد للناضجين الذين لا يستطيعون استيعاب السكر المبالغ فيه بالطعام. أستطيع الجزم أي أنامل صنعت هذا.

"أنا آسفة مينا."
ريم ظهرت في إطار الباب أخيراً وهي تعجن فستانها، رأسها للأسفل بخجل، تحدق بقدميها بلا أي شجاعة على رفع بصرها.

كنت قد وبختها بسبب إفشائها ما يدور معي لمايبل بعد أن تأكدت أخيراً من أنها الفاعلة. ليس وكأنني أحاول إخفاء الأمور عنها لكنني لا أريد إقلاق أختي علي، فكلما طرأ أمر وحتى إن كان جلياً يجدر بي أنا حله وإصلاحه بنفسي.

دروسنا غدت منذ أن واجهت طالبتي الصغيرة بالأدلة الدامغة غائمة، لغياب فرويد أولاً ولتوترها الدائم ثانياً. شعرت بالفعل بأن ريم أرادت أن تخبرني بأمر ما لكن يبدو أنها لم تستطع دون مساعدة من أفراد القصر الأكبر سناً.

بومة مينرڤاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن