-14- نوكتوا

471 67 231
                                    

شعرت بالحر والظمأ الشديدين فتململت في مكاني عل الشعور يختفي لكنه لم يتلاشى، بل واستفحل، كنت أغرق في عرق ملابسي الساخن وأرى بعض الهلوسات الغير مفهومة تتراقص بظلال هائلة من خلف جفني المغلقان، ورغم إدراكي أن هذا يحدث فقط لأنهما كذلك لم أستطع أن أفتح عيني.

استعدت شيئاً من وعيي على ما حولي مع إحساسي بجسدي الذي كان صرخ بي بأن أخرج من جحيم ذلك النور الحارق المتموضع أعلى رأسي وكأنه نواة الشمس تلتصق بي لكن مجدداً جسدي لم يأبى الحراك.

"إنها تستيقظ يا جدتي."
سمعت صوتاً أنثوياً مألوفاً بالقرب يتبعه كلام الجدة باتريشا التي حفظت نبرتها المتمهلة المتحشرحة.
"جيد، هذا يعني أنها في طريقها للنهوض قريباً."
أعلنت بهدوء.

"لكن نبضها يتسارع فوق الطبيعي وتتعرق بشدة، قد تصاب بجلطة إن استمرت حالها لبضعة ساعات أخرى على هذا المنوال."
أضافت الشابة لأدرك أخيراً أنها ريالين. الهدوء ساد للحظات وحسب فالجدة جمعت أفكارها سريعاً ووضعتها ببعض الكلمات المبهمة سريعاً.
"لا بأس يا حفيدتي، أبقها دافئة فالمقاومة يجيدها كل كائن حيّ. ما أن تجد نفسها قادرة على الحراك سندرك آنها بتيقن أنها لن تحتاج هذا النور وأن حياتها بمأمن."

"ماذا نفعل بشأن... الريش؟"
ريالين سألت أما أنا فشعرت بضربات خفيفة ضد باطن كفي، حيث أصبت بالتحديد إذ استشعرت الألم المألوف يلسع جسدي بأكمله مجدداً وكل ما خرج من فاهي كان صوت أنين خافت.

"لا نستطيع استعمال السحر بتهور لشفائها ويبدو أن هذه الريش الصغيرة تساعد بطريقة ما لذا سندع الأمر لصديقها المجنح."
الجدة باتريشا أجابت أخيراً منهية سيل الأسئلة الجارفة.
"سنتحدث عندما تصحو بشكل صحيح."
استطردت مختتمة.

"ماذا عن نورمانوس؟"
سألت ريالين بصوتها القريب بقلق لم أستشفه يوماً في صوتها لأسمع تنهيد من الجدة يتلوها اللاشيء.
"هو لا يعلم عنها."
نوهت الشابة بشيء من التحذير.

"هو ليس بحال تسمح له بأن يكترث الآن."
صوت رجولي صدح في الخلفية مع قرقعه الباب لأستشف على الفور بأنه الطبيب يوناس، حين غطّا ظله شيئاً من النور ما أن اقترب حتى شعرت بالراحة للبرودة التي وصلت أحاسيسي.
"وجهها استعاد لونه على ما يبدو أخيراً، كادت أن تتجمد حتى الموت."
تكلم من بقعته أعلى رأسي وصوته لقربي تردد صداه في أذني أما أنا فرغم كل إنزعاجي رحت أفقد ما استعدته من وعيي مجدداً واستسلم لغفوة جديدة لم أعلم كم طالت إذ أخذ عقلي يريني صوراً مما حصل مراراً وتكراراً حتى فقدت العد.

سمعت صوت ضبح غلاكوس فشهقت وأهدابي تباعدت أخبراً ليقابل بصري سقف غرفة مألوفة، استفقت وكأنه تم صعقي بالكهرباء إذ أن أطرافي كانت ترتعش من حولي بطريقة مؤلمة.

استقمت على مهل فوجدت طائر البوم يقف لعامود مصباح الإنارة الغريب الذي تمثل بكرة مشعة طوافة، ظله لفعلته ينتشر على الجدار فيبدو مخيفاً.

بومة مينرڤاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن