-9- جرع زائدة من السكر

597 61 269
                                    

ما أن عبرنا البوابة حتى شعرت بثقل عظيم يحط على صدري فكما توقعت التنقل بهذه الطريقة لم يكن أمراً اعتاده جسدي حتى يحتمله في المقام الأول.
كان جميع أفراد ريغان دائماً ما يتدربون على القتال واحتمال أثار السحر منذ صغرهم بشكل يومي لكن والداي عزلاني عن كل هذا ما أن استدركا مدى ضعف بنيتي بقرار باركته الجدة وطيبيب القصر لكنني رغم ذلك وجدت نفسي أزور الأخير دورياً وأحياناً لأتفه الأسباب حتى.

حاولت إلتقاط أنفاسي وأنا أرفع رأسي على مهل لأطمئن نورا أنني بخير لكن ما أن استعدت بصري بشكل كامل حتى أدركت أنه لم يكن بقربي وأن كفي فارغة لا تمسك بيده.
ارتعشت أنامل يدي الفارغة بقلق.
أين اختفى؟ وأين أنا؟

حدقت بالبساط الطويل المخملي الذي افترش الأرض أسفل قدمي والشمعدانات التي حملت شمعاً أحمر أنار بضوء برتقالي خافت الممر المظلم والذي لم أستطع رؤية بدايته من خلفي ولا نهايته من أمامي.

السقف كان عالياً أعلى رأسي وذو لون أسود، أوراق الجدران حملت لوناً سكرياً داكناً وتزينت بلوحات عشوائية لجمادات مختلفة وكائنات مبهمة الكينونة.

"نورا!"
ناديت وصدى صوتي ارتد للحظة واحدة وكأن الجدران كانت قد امتصته وابتلعت عزمه في رمشة عين.

سرت على مهل للأمام بخطوات متخشبة. لم أطأ مساحة مغلقة غريبة عن ريغان يوماً والآن أدرك أن هذا غير مريح لي، بل مخيف في الواقع.

تقدمت بهدوء علي أصل مخرجاً وكل ما يدور في عقلي الآن أن البوابة قامت بتفريقنا. استعمال السحر لغير أصحابه خطير أحياناً فتحدث تشوهات مكانية أو غيرها من الحوادث.

حدقت بيدي ثم تلمست كتفي حتى صدري وجذعي على مهل لأتنهد براحة، فالأتفاءل، من الجيد أنني مازلت قطعة واحدة فبعض الحوادث عواقبها وخيمة.

كل ما علي فعله هو الخروج وربما الاعتذار قبلها لصاحب هذا المنزل إن اصطدمت به.
الممر انتهى أخيراً لردهة واسعة توسطها باب كبير أظنه -لحكمي الفقير- الطريق للخروج.
تنفست حماستي وأنا أهرع ما تبقى من الممر فلم أعلم ما قد أقوله لشخص غريب عني تماماً كنت أتسكع في منزله. سأقع في ورطة بلا شك.

توقفت عن التبسم بيني وبين نفسي ما أن أصدرت الدروع التي تمركزت جانباً صوت قرقعة، لاحظت على الفور أن غرضها ليس للزينة وحسب حين تمايلت مفاصل الدرعين المصنوعين من المعادن الثقيلة وبدأا بالحراك نحوي.

يبدو أن هذا المنزل لا ينتمي لبشري في النهاية. فكرت وأنا ألتقط مزهرية كبيرة كانت بجانبي بكلتا يدي لأجرها ثم أرميها باتجاه أحد الدروع الذي صدها بذراعه التي سقطت أرضاً مع الإناء فيتحطم الأخير لقطع زجاجية متفرقة.

من الجيد أنه لا يتواجد أشخاص في هذه الدروع. قمت بسحب حجر الزريكون من السلسلة التي التفت حول عنقي وحضنته ضد باطن كفي بلطف لأشعر على الفور بحرارته ترتفع.
باعدت أناملي فإلتمع بشرارة خافتة ثم تتمدد ليتحول لنصل أزرق خفيف ذو رأس مدبب حاد.

بومة مينرڤاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن