[ السِتارُ الأول ]

210 18 2
                                    

________

إستقامتْ من على اليابسة الخضراء بصعوبة وهي تشعُر بثِقل روحها يتعاونُ مع جسدها ليُثقلونها ويجعلونها تبقى بالأرض، إرتعشت ساقيها بسببِ الضعف والإرهاق لكن ذلك لم يكسر رغبتها بالنهوض والتحرك. الأميرة يجبُ عليها الوقوف مهما كثُرت عدد المرات التي تمَّ ردعها فيها.

بقيتْ بمكانها واقفةً تُناظر ما أمامها بشرود وكأنّ هذه مرتُها الأولى داخل هذا العالم، شعورُ الغرابة الشديدة حامَ حولها لدرجة أنها أحستْ بأنها غريبة عن نفسها، هي ليست كالينور بل فتاة أخرى بإسمٍ آخر وروحٍ لا تمت بصلةٍ لحقيقتها القديمة.

وُلدت من جديد. مع قلبٍ فارغ خالي من الرغبة بالحياة.

" هل حقاً أستحقُ ما يحدثُ لي ؟" إنسلتْ الجملة من بين شفتيها المتقطعة جراء الجفاف وحمى النكد والحزن فإنعكس بذهبيتيْ ليوسايدن بريقٌ واجِم لنظراتِ كالينور التي لم تُكن فقط كئيبة ومرهقة. فالإكتئابُ والتعب قابلان للزوال والإندثار.

خضرواتيها لمعتْ تحت ضوء القمر مع خليطٍ بين الإنكسارِ والخُذلان، بؤبؤ عينيها إنكمش تاركاً الحرية للألم أن يتحكمَ بقزحيتيها اللتان إستوطنتا كل المساحة كمثلِ الوجع الذي إستعمر قلبها بدون رحمة.

تكورتْ صخرة من الألم بحلقها فقامت مقلتيها ببناءِ طبقة زجاجية حساسة إستهدفتْ قلبَ ليوسايدن الذي كان يقُفُ مواجهاً لكالينور بوقفة بائسة لكونهِ غير كفوءٍ بالمواساة. رغبَ بإحتضانها لكنهُ بتلك اللحظة تحديداً لم يستطعِ تنفيذ وجهة مشاعره فهو لا يستحق هذا الحضن.

تهدمت تلك الطبقة الألماسية لتتجمع اجزائها عِند الجفن مُتسببةً بتقوسِ ثغرِ كالينور وهروبِ آهة يائسة من صدرها. إنهمرت عبراتها مُجدداً لكن هذه المرة مع ذكريات تُخصها وليس من أجل شيءٍ آخر.

" أنا لا أستحقُ ما يحدثُ لي، لم أؤذي أحداً." تكلمتْ بإستهجان ونُكران بعدها إتخذت خطواتها نحو ليوسايدن المتيبس بمكانه وتمسكت بقميصه الأسود ريثما تُحادثه بتحشرجٍ.

" أنا لم أكُن مثل صنفي حتى، لقد نكرتُ الشر وعاملتُ الكُل بلطف وقُمت بواجباتي كأميرة فلماذا ليو ؟ لماذا الحياة فعلت بي هذا ؟" إستفسرتهُ بجنون شاب نبرتها ونظراتها ناحيته فأرقى ليوسايدن يديه وأحاط خديها والقلقُ تمكن منهُ لحالةِ كالينور.

" لا بأس كالي، سأُنسيك ما حدث بأكمله وستعيشين بسعادة مادامكِ بجانبي." نطق بعد تفكيرٍ طويل مًعاتباً ضُعفه بالمواساة وقد توقع أن تلين لهُ قليلاً بعد كلامه لكنها تجاهلت ما قالهُ وإستكملت مُخاطبةً إياهُ وكأنها لم تسمع ما إنبثق منه منذ قليل.

|| كالينور هيليوڤان ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن