صانعو السلام 2

197 2 1
                                    

حسناً يا جان ، كم نوعٍ من الحقن يوجد ؟

أجابها جان ذو العشرة أعوام : وريدي ،شرياني ،عضلي ،وهناك أيضاً تحت الجلد للأنسولين

ابتسمت والدته وضربت كفها بكفه الصغير بسعادة وقالت : أحسنت ، والآن ..كيف نأخذ الحُقَن العضلية ؟

أجابها جان بينما يمسك الحقنة : الجانب الوحشي ،الربع الأعلى الأيمن أو الأيسر

ربتت على شعره ، وشاهدته وهو يعطي الحقنة للرجل العجوز الذي كان يستلقي منتظراً أن يشعر بوخزة الحقنة

ليقول بصوت مرتجف وهو ينظر للجدار : ألم تحقني بعد ؟

ليقول جان الصغير : لقد انتهيت منذ دقيقة كاملة سيدي

ليرفع الرجل رأسه ويقول : لا أصدقك

ثم نظر لوالدته التي تضحك وسألها : أأنت من أعطاني الحقنة حضرة الدكتورة ؟

هزت نافية وقالت : لا ، بل ابني جان هو من فعل

نهض العجوز ورفع ثيابه وضحك وقال : أنا لم ارى في حياتي يداً خفيفة كيدك ،أنا حتى لم أشعر بها وهي تخزني ..أنت طبيبٌ بالفطرة يا جان

يحاول الرجل الكبير الاقتراب كي يعانق جان ، لكن الأخير تراجع للوراء ،فيستغرب الرجل الذي بذل جهداً كي يأتي لعنده ،لتتدارك والدته الأمر وتقول : اه أعتذر ، إنه مصابٌ بالزكام ولا يريد نقل العدوة لك

ضحك العجوز الطيب وربت على رأس جان وشكر والدته ورحل

لتنظر له مع القليل من التأنيب وتقول : ألم نتفق على أن تعانق الأخرين ؟

لينظر جان لوالدته بوجهه الخالي من التعابير ويقول : آسف ماما ،كان الأمرُ صعباً قليلاً علي ،لكن سأبدأ بمعانقة الجميع من أجلك

تبتسم بعطف وتقول : لا بأس عزيزي ، بالتدريب سيصلح كل شيئ

والآن اذهب واعطي حقنة الأنسولين للسيدة مارغريت

يتجه جان للسيدة العجوز التي تنتظر أن يعطيها أحدهم حقنتها ، وترى جان يتجه نحوها لتلوح له بسعادة وهي تجلس على كرسييها المتحرك

تنهدت الطبيبة التي بدت في بداية الثلاثين واختفت الابتسامة التي كانت على وجهها وتحولت لنظرة قلق وإحباط ،ترمق بها ابنها الذي يعطي حقنة الأنسولين للسيدة المسكينة

هي تعرف جيداً المرض النفسي الذي يعانيه إبنها ، فهي ما تزال تذكر كيف وضع يديه حول عنق أحد الأطفال في المدرسة متعمداً خنقه

كان يشعر بالمتعة بينما يراقب وجه ذلك الطفل يتحول للأزرق وعيناه تدمعان ويبلل نفسه من الخوف ، إلى أن اضطر ثلاثة مشرفين لسحبه عنه قبل أن يجهز عليه

وحتى جان نفسه لم يكن يستطيع السيطرة على نفسه ، وعلى رغبته في القتل

جميع من في المدرسة ،لقب جان بالشيطان ،بعض المدرسات قلن عنه أنه ممسوس ،والكثير غيرهم بدأ يطلق إشاعات أن والده كان هكذا

قُصاصاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن