البارت الأول

2K 55 14
                                    

البارت الأول
طائر بلا أجنحة
بقلمى فاتن على

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

أحيانا تتلاعب بنا الأقدار لنسير خلفها نعلق عليها أخطائنا وسيئاتنا
لا أستطيع التحامل علي أحد ولكن أحيانا لا نجد من ينتشلنا من طريق الأخطاء ليوجههنا إلي طريق الثواب
لن أطيل عليكم في تلك المقدمة لكن دعونا نبدأ حكايتنا ونعيش في أعماق أبطالها

في حانة واسعة تفوح منها رائحة الخمور تتعالي بها ضحكات ماجنة ينتشر بها العرى وتتهادى الألفاظ البذيئة
تجلس شوشو تلك الساقطة كما يطلق عليها المجتمع علي إحدى الطاولات مع أحد الزبائن تستحي الخمور وبيدها سيجارة تقوم بتدخينها لتتابع دخانها المتطاير في الهواء
أمامها ذلك الرجل الذي أخذ منه السكر منتهاه يهذي بكلمات لا تليق إلا بذلك المكان
بعد فترة من الوقت يقف ذلك الرجل يتمايل ليمد يده إلي شوشو حتي تنهض معه لتصدر ضحكة عالية وتنهض بالرغم من ذلك الدوار الذي يجتاحها إلا أنها تغلبت عليه وأمسكت بيده حتي خرجت أمام تلك الحانه ليقوم بلف يده حول خصرها ويضمها إليه بحميمية ليستقل السيارة وهي معه حتي يصل إلي ذلك المبني
تهبط شوشو من السيارة لتتطلع إلي المبني قليلا ثم تعاود النظر إلي ذلك الرجل الذي ينتظرها لتقول
- قبل ما أطلع إنتوا كام واحد... آه عشان متضحكشي علي زى المرة اللي فاتت
يقف الرجل يحاول الثبات ليقول بتأكيد وهو يجرها من يدها وعيناه تكاد تخترق جسدها العارى
- تعالي بس يا شوشو مفيش غيري واللي إنتي عاوزاه هديهولك يالا بينا قبل ما الناس تسمعنا
تدلف معه إلي تلك البناية حتي ترتكب ما حرمه الله
             ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ظهيرة اليوم التالي
تنهض شوشو وهى تشعر بتلك الآلام تدب في جسدها وتشعر بألم في بطنها وحركة غير طبيعية بها
تلاحظ فيفي صديقتها ما بها لتحاول مساعدتها حتي تنهض قائلة لها بألم
- يا شوشو بقالك فترة تعبانه حرام عليكي نفسك إكشفي يا بنتي
تعتدل شوشو لتشعر بتلك التقلصات تزداد مع الحركة لتقول بصوت متحشرج من تأثير النوم
- معاكي حق يا فيفي أنا مش هروح الكبارية النهاردة هريح وبلغي المدير..... وبالليل هروح أكشف وأشوف حل
تتطلع لها فيفي بألم علي تلك الحالة التي وصلت إليها فهي شرهة في شرب السجائر والخمور
             ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنهض شوشو من علي سرير الكشف وهي تلطم خديها وتهبط دموعها علي ما تفوه به الطبيب للتو لتردد
- حامل... لا إزاى والحقن اللي أنا بخدها.... بقولك إيه يا دكتور نزله وهديك اللي أنت عاوزه بس خلصني منه
يجلس الطبيب علي مكتبه ليتناول أوراقه ويبدأ بالكتابة وهو يقول بعملية دون النظر إليها
- مينفعشي يا ست شوشو إنتي في آخر الخامس وكمان توأم..... ثم إني مبعملشي الحاجات دى
ثم يمد يده إليها بورقة ليستأنف حديثه
- دى ورقة فيها شوية مقويات لازم تجيبيهم عشان صحتك وصحة التوأم اللي في بطنك
لم تنظر شوشو إلي تلك الورقة التي يمد يده بها بل تسير وكأنها مغيبة عن الواقع أو هاربة منه تفكر في مصير تلك الأطفال ليماثل مصيرها فهى لا تعلم من والدهم وإن علمت لن يعترف بهم
تعتقد شوشو أن ليس لها توبه مثل البشر وكأنها لعنة الله علي الأرض كما تعتقد أن ليس لها الحق في الأمومة تلك
تظل هكذا في أفكارها تجوب الشوارع حتي شعرت ببعض من التعب ليس البدني ولكنه تعب ذهني لتقوم بالجلوس علي إحدي الإستراحات في الطريق تتطلع إلي حركة السيارات وحركة الناس بالشارع
فكم من فئة مرت عليها لكنهم لا يشعرون بآلامها وكيف ينظرون لها وهم سبب تلك الآلام علي حد قولها فهي بالنسبة إليهم ما هي إلا ساقطة أو فتاة ليل كما يطلقون عليها
يأتي أحد الرجال للجلوس بجوارها ثم الإقتراب منها ولم تبدي أي إعتراض ليقترب أكثر ثم تتملكه الجرأة من وضع يده عليها ليسمعها تقول بوجه خال من التعبير وصوت حاد
- ها هتدفع كام
تأخذه الجرأة ليضمها إليه وقد غلبته شهوته ويسيل لعابه علي تلك الساقطة ليقول بهيام
- اللي إنتي عاوزاه مش خسارة في الجسم الملبن ده
لم تتأثر شوشو بكلماته أو نظراته فلقد إعتادت عليها لتمد له يدها حتي يعطيها النقود ليخرج هو سريعا من جيبة بعض النقود ويضعها في يدها
تقوم شوشو بعدها ثم تضعها في حقيبتها لتبتسم وتنهض معه لتترك التفكير جانبا الآن
       ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصباح
تعود فيفي من عملها لتجد شوشو نائمة علي تلك الأريكة وحولها زجاجات الخمور وملابس مبعثرة لتعلم أنها خرجت للعمل ليلة أمس  لتحاول إيقاظها حتي تدلف إلي الداخل
تستيقظ شوشو لتتطلع إلي فيفي لتضحك ثم تبكى ثم تضحك وهي باكية لتشعر فيفي بالقلق تجاهها وتجاه تلك الحالة التي هي عليها التي تراها عليها لأول مرة لتسألها بقلق
- مالك يا شوشو إيه اللي حصل إنتي كشفتي إمبارح زى ما قولتلك
تجلس شوشو علي الأريكة لتتناول علبة سجائرها تخرج واحدة منها وتبدأ في تدخينها لتقول
- رحت يا ختي وياريتني ما رحت... الدكتور بيقوللي إنى حامل
عقب سماع فيفي لتلك الكلمات تقوم بالضرب علي صدرها مع صدور شهقة عالية منها وتجلس علي الأريكة وهي تقول بشرود
- يا لهوى حامل.... مش بعد المرة اللي حملتي فيها دى وإنتي بتاخدى حقن
تأخذ شوشو نفسا عميقا من سجارتها لتتابع ذلك الدخان المتطاير لتضحك بتهكم لتقول
- الدكتور بيقوللي عادى بتحصل
تجلس بجوارها فيفي والقلق بادى علي وجهها لتتطلع إلي وجهها الشاحب وعيونها التي تحيطها الهالات السوداء لتسألها في قلق
-وهتعملي إيه يا شوشو
تطلق شوشو ضحكة متهكمة علي سؤال صديقتها لتقول بسخرية
- هعمل إيه يا فيفي الدكتور قالي مينفعشي ينزل وقال إيه توأم كمان... قال كانت ناقصة
تتركها شوشو وتنهض متوجهه إلي الغرفة بعد أن إنتهت من سجارتها لترتمي بجسدها علي الفراش لتهرب من واقع لا تعلم كيف التخلص منه لتقع بين أمرين كلاهما مضاد للآخر ما بين غريزة مزروعة بها غريزة الأمومة وما بين خوفها من مصير تلك الأطفال
           ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسارع بالأحداث
تحاول شوشو كثيرا التخلص من حملها لتبوء كل محاولاتها بالفشل ليتشبث ذلك الجنين بالحياة ليتمسكوا بتلك الفرصة لخروجهم للنور ومع كل حركة منهم تضارب بداخلها المشاعر كلها متضادة حتي وصلت منتصف شهرها السابع ليظهر عليها علامات الحمل فلا تستطيع إخفاء تكور بطنها المنتفخة وقد ثقلت حركتها ليبتعد عنها هؤلاء الرجال فلم تعد تعطيهم ما يريدون من المتعة
تقف شوشو ذات يوم أمام تلك الحانة لتبكى وهي تتطلع إلي حملها لتقول
- إنتوا السبب.... كده مش هلاقي حتي آكل..... قولتلكوا موتوا وإرتاحوا وريحونى... ماسكين في الدنيا علي إيه مفيهاش حاجة تفرح
بينما هى علي تلك الحالة من البكاء تتفاجأ بذلك الرجل الذي يقف أمامها يسألها بهدوء
- مالك يا مدام حضرتك تعبانه تحبي أوديكي للمستشفي
تتطلع له شوشو بعيونها الممتلئة بالدموع لتقول من وسط شهقاتها
- بقولك إيه يا أفندى سيبني في حالي أنا مش ناقصاك
يقترب منها ذلك الرجل قليلا ويتطلع إليها بنظرات غير مفهومة ليعاود سؤالها
- طب إحكيلي مالك بس ممكن أقدر أساعدك
تتطلع له شوشو بسخرية من أعلي لأسفل لتردد في تهكم
- وإنت بقي هتساعدنى إزاى شكلك نضيف أوى
يضحك ذلك الرجل علي كلماتها ليربت علي كتفها ليعاود طلبه بإلحاح
- إحكيلي بس مالك... أقولك تعالي نشرب حاجة في الكافيه اللي في أول الشارع ده وتحكيلي
تسير معه شوشو بالفعل حتي تصل إلي ذلك الكافيه لتجلس علي تلك الطاولة أمامه تحتسي عصيرها لتتساءل في نفسها أيستطيع ذلك الشاب مساعدتها بالفعل أم إنه مجرد فضول رجل أم إنه يريد قضاء ليلة معها
يقوم ذلك الرجل بإخراجها من شرودها ليسألها بإهتمام
- ها يا ستي هديتي.... إحكيلي مالك بقي
تتطلع له شوشو قليلا ثم تقول بتردد
- أصل أنا يعني كنت بشتغل في الكباريه اللي أنا كنت واقفه جنبه... وبعد حملي ده ما بان محدش راضي يعني... يعبرني وخلاص الفلوس اللي كانت معايا قربت تخلص
يستمع إليها ذلك الرجل بإهتمام ليسألها
- طب فين جوزك.... هو المفروض يتصرف
تتوتر شوشو في جلستها لتنظف حلقها ثم تقول بتردد
- ما أنا أصلي،يعني... مش متجوزة
يومئ لها ذلك الرجل برأسه فلقد إستطاع أن يفهم الأمر الآن ليصمت قليلا لتمر تلك اللحظات علي شوشو وكأنها أعوام تتضارب بداخل رأسها الأفكار تريد الآن الهروب من أمامه فهي علي علم تام أنه يحتقرها الآن لتتفاجأ به يقول
- فهمت... ولا يهمك أنا عندى ليكي إتفاق حلو ومظنش إنك هترفضيه
- يا ترى كان إيه الإتفاق
-مين الرجل ده
- إيه مصير الأطفال
كل ده وأكتر في البارت القادم
♥قراءة ممتعة ♥

طائر بلا أجنحة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن