حل المساء بصمت قاتل وقد ازداد البيت كآبة وبرودًا. حاولت إيلين أن تشغل نفسها بالعمل والقراءة لتمضي تلك الساعات، ولكنها بالكاد كانت تركز فيما تفعله، فقد احتل براق الجزء الأكبر من تفكيرها.
أعدت العشاء في وقت متأخر بعض الشيء بعد انتهائها من صلاة العِشاء. كانت تعلم بأنها ستواجه صعوبة كبيرة في جعله ينهض هذه المرة وذلك بفضل المحقق ماثيو الذي كلما تذكرت كلامه شتمته في سرها.
بينما كانت تضع الطعام في الأطباق وقد قررت أن تأخذ الطعام إلى غرفة براق توقفت فجأة وتساءلت في نفسها: أخشى أن يكون المحقق معجب بي حقًا وهذا سبب غضبه من أمر زواجي ببراق ... سيأتي غدًا وإن كان هذا صحيحًا براق سيفهم ذلك بسرعة ... نظرات الإعجاب لن تخفى على زير نساء خبير مثله ... يا الله! ... براق سيفقد صوابه حتمًا ... ماذا سأفعل؟!
حملت صينية الطعام وصعدت الدرج بحذر حتى وصلت إلى باب غرفته. طرقت الباب فلم يجب وعندما حاولت فتحه وجدته مغلقًا بالمفتاح، فنفخت الهواء بضيق وصمتت لبرهة تفكر، ثم نظرت للمنضدة الجانبية المرتفعة التي وُضِع عليها إناء الزهور. أبعدت الإناء بهدوء، ثم وضعت صينية الطعام. أمسكت بإناء الزهور واقتربت من كرسي قريب في الممر، ثم قالت في نفسها: أنت من اضطرني لذلك براق.
دفعت الكرسي بقوة ليرتطم بالأرض، ورمت إناء الزهور أرضًا، فانكسر وقد تزامن ذلك مع صرختها. انتفض براق فزعًا على إثر هذه الأصوات، فنهض ينادي اسمها بذعر، وفتح الباب ليجدها تقف أمامه تضع يديها على خصرها. اقترب منها وقال بخوف واضح: هل أنتِ بخير؟
بقيت تحدق به بحنق دون أن تتفوه بحرف، فنظر من حوله ورأى الكرسي وإناء الزهور، ثم عاد بنظره لها وقال بلوم: هل فعلتِ هذا لأفتح الباب؟ ألا تدركين بأن قلبي كاد أن يتوقف ذعرًا؟!
ردت إيلين بحنق: لا تتركني وحدي إذًا ما دمت تخشى أن أصاب بأذى ... هل تعلم كم شعرت بالملل اليوم؟! ... رغم أنني معتادة على البقاء وحدي إلا أنني ...
توقفت من تلقاء نفسها تفكر بما قالته للتو ... هي بالفعل لا تشعر بالملل عندما تكون وحدها ... على العكس تمامًا، فقد اعتادت أن تعرف كيف تشغل وقتها، ولن تشعر بالملل مطلقًا حتى لو بقيت في غرفة واحدة لأيام ... ما خطبها إذًا؟!
لاحظ براق حيرتها بعد كلامها الذي توقفت بمنتصفه، فابتسم وهو يحارب شعور الأمل الذي يصر على التغلغل في أعماق قلبه من جديد ليقول بمكر: ما دمتِ معتادة على البقاء وحدكِ فلمَ شعرتِ بالملل إيلين؟
أغمضت إيلين عينيها لبرهة، ثم بدأت تهرب بنظراتها منه وهي تقول: لأنني ... لأنني اعتدت على إزعاجك لي.
رفع حاجبيه متعجبًا من إجابتها الغير مقنعة وتوترها، ولكنها سرعان ما أردفت قائلة: هيا أحضر صينية الطعام لنأكل.
أنت تقرأ
إيلين (بريق الشمس)
Dragosteإيلين فتاة عربية مسلمة تجوب العالم لتهرب من ماضيها الأسود، ولتصنع شخصيتها الجديدة القوية بعيدًا عن كل شيء ... جمعتها الصدفة بشاب تركي يدعى براق وأخيه يمان أعقبها محاولة قتل صديقتها الإيطالية ... خلال رحلة تحقيقها العدالة لصديقتها تلمس حقيقة براق وج...