Aki pov
في تمام السّاعة الثّانية عشرة ظهراً خرجتُ برفقة صديقتي آن لان من مبنى شركة 'أنيما' للتّصميم الإلكترونيّ والتي نعمل فيها سوياً لما يزيد عن عام ونصف العامّ الآن.
قدمت آن للقرية منذ عامين تقريباً. كانت أول امرأة صغيرة متزوّجة من رجل كبير أقابلها في حياتي على الإطلاق؛ ولا يزال هذا الوضع مُربكاً بالنسبة إلي حتى اليوم..
لعام كامل تقريباً سكنتْ برفقة زوجها العمّ 'لي' في منزل ضخم تم البدء في تشييده قبل حوالي أربعة أعوام من حدوث الزّفاف المُكلِف الذي أُعلنَ ارتباطهما من خلاله.
البناء المهيب الذي أطلق عليه سكّان القرية في الماضي اسم 'عشّ فتاة بكيّن' تربّع بوسط حقل مليء بالزّهور مختلفة الأنواع والألوان وكانت تعتني بها بنفسها بحرص شديد.
الجميع دون أي استثناءات أشادوا بزهوّ ألوان أزهار عش فتاة بكين، أما أنا فاكتفيت في الغالب باستنشاق الرّوائح المُذهلة التي أغدقتها أزهارها على المكان.
داخلياً أظنّ أنّ الزّهور التي حرمني مرضي من أن أتمتّع بألوانها هي مَن كافئتني بذلك الأريج الحسن~
في الأيام الخوالي، وعندما كان السّيد لي لا يزال على قيد الحياة، حالف الحَظّ سكّان وويوان وجعلهم يُفتَنون بجمال الزّوجة الصّغيرة آن لان، حيث اعتادت حينها على لفّ جسدها الضّئيل ناصع البياض في أزياء تقليديّة باهظة الثّمن مبهرجة الألوان والتي كانت في عينايّ رماديّة اللّون غالباً..
-
في المكتبة جمعنا أوّل حديث.
تبادلنا التّحية فقط في اللّقاءات القليلة السّابقة للقاء المكتبة ذاك.
على مدى أسبوع تقريباً قرأنا سوياً رواية 'توقيعه على الأشياء كلّها'. ولذلك فأنا أعتبر أنّ صداقتنا مَدينة لإليزابيث جيلبرت بالكثير من الامتنان~
بعد تعرّفي الميمون إليها زال عن عيناي لثام الجهل والإعجاب بالمظهر الخارجيّ البراق الذي عانى منه الكثيرون..
تحت طيّات الهانفو قبعت امرأة مرهفة الحسّ تعاني بصمت، تحاول إسعاد زوجها المُحبّ اللّطيف فيما تبقّى له من أيام قلائل مُتعِبات.
في نفس الشّهر الذي خسرتُ به والدايّ لحادث صادم حدّ الألم، خسرت هي الشّخص الذي مثّل لها عائلتها الوحيدة، وبالرغم من أن الأمر لم يكن مُفاجئاً بالنسبة إليها إلّا أنّي ما أزال أشعر بثقل رأسها الصّغير على كتفي، ويترائى لي في الكثير من اللّيالي وجهها الجميل المبلّل بالدّموع وشفتاها تهمس مرتجفة "لا تتركني أرجوك. لم يبقَ لي أحد غيرك."
-
طوال الأسبوع الفائت تهرّبتُ من الاحتفال بالعام الجديد والذي يبدو أنّه يعني لصديقتي الوحيدة الكثير.
ولكن ماذا تعني مهاجمة نيان؟ هل تخالني مجرد طفل صغير أم أنها تراني إنساناً قادماً من عصور غابرة؟
للأسف فإن آن تؤمن بكل هذه التّرهات لحدّ الهوس، ولا أستطيع ببساطة أن أكون فظّاً مع معتقداتها الطّفولية وخاصة أنّها تحترم بصدق شخصيّتي الواقعيّة البعيدة عن الرّوحانيّات.
نحن الآن في منزلها الصّغير الواقع بجانب منزلي تماماً، كانت قد اشترته بعد أن باعت المنزل الذي تركه لها زوجها السّابق.
بينما تعمل آن لان في غرفتها على ارتداء ثيابها المميّزة على الرغم من أنّها تقليديّة خالصة، انتظرتها بصبر في المطبّخ المُنظَّف سابقاً بهوس من قِبَلها كمحاولة منها لطرد أي حظّ سيء رافقها في العام المُنصرم.
بعد نصف ساعة تقريباً من وصولنا للمنزل دلفتْ آن إلى مكان جلوسي بثياب رأيتها باللون الرمادي المُعتاد، تناسبت الملابس الغريبة عن أزيائها اليومية مع جسدها الفاتن بمثاليّة تفوق الوصف جاعلةً إياها تبدو وكأنّها ممثّلة جميلة قافزة من إحدى المجلّات الخاصة بصيحات الأزياء فقط لتلقي عليّ التحيّة وتشتّتني سارقةً كعكتي اللذيذة. آه من فأرة الحلويات هذه~
لفت انتباهي صندوق أسود متوسّط الحجم تحمله بيدها اليسرى من خلال مقبض معدني برّاق ملتصق بظهره. في البداية اعتقدتُ أنّه يحتوي على آليّة ما حمراء مضيئة من شأنها أن تحمي صغيرتي الطفوليّة من الوحش نيان.
ولكنّي كنت مخطئاً تقريباً. في الخارج أجبرتني آن على استخدام الزينة الموجودة بداخل الصّندوق لتزيين المنزل قائلة إن الوقت ما يزالُ بحوزتي لحسن الحظّ، وطالما أن مهرجاني بدأ منذ اليوم فلا ضير من إجراء بعض الطّقوس المفيدة على حدّ تعبيرها..
بمرح تشاركنا في تزيينه بواسطة زينة وفوانيس باللون الأبيض. وبذلك أصبح كنقطة بيضاء بوسط سماء حمراء لامعة.
بروتانوبيا هو مرض رافقني منذ ولادتي، وحتى عندما كنتُ صغيراً لزمتُ البعد عن احتفالات الترحيب بالسنة الجديدة مُعزّياً نفسي بأنّ الخرافات وُجدت لإلهاء الصّغار ومَن علقوا في مرحلة الطّفولة..
اليوم سأنام وحيداً كما اعتدت مُذ توفيّ والداي، ولكن في منزل مُزيّن بالأبيض.
-
أنت تقرأ
حبيب أبديّ
Short Storyبقلمي: ꪜꪖ᥅᥅ꪗ خيال فانتازي & عاطفية التصنيف العمري: +16 فرّق الموت البشري الإلهة البدائية نوغوا عن حبيبها. فأمضت آلاف السنين كروح هائمة قبل أن تلتقي حبيبها من جديد~ القصة كاملة بصيغة pdf موجودة بقناة @varrybooks بالتليجرام عدد الكلمات = 3000 للتمتع ب...